القاهرة 30 يونيو 2020 الساعة 10:33 ص
كتب: علي سرحان
إن الحضارة المصرية تعد من أعظم وأرقي الحضارات في العالم، وذلك لما خلفته لنا من حضارة عظيمة مترامية الأطراف، وتعبر عن كل فتره من فترات التاريخ المصري القديم لها مميزاتها وخصائصها التي تميزت بها. والحرفيون في مصر القديمة كانوا يعتبرون اجتماعيا متفوقين في فنونهم، وكانت المرأة تشارك في النسيج، وصناعة العطور، والخبز و التطريز، تم توقيع عدد قليل جدًا من الإبداعات الفنية، وتم مكافأة القدرة الاستثنائية من خلال زيادة المكانة الاجتماعية، وكان الفن المصري ذا مكانة عالية بين الفنون على مستوى العالم القديم، واتصف بالقوة الكامنة في التصميم والزخرفة.
يعد الفن المصري القديم من الفنون القليلة في العالم التي حظيت بالاستمرارية والتنوع في موضوعاتها على مدار تاريخه الطويل. ولقد استغل الفنان المصري القديم بيئته المحيطة به خير استغلال ليسجل لنا العديد من الموضوعات الفنية المتنوعة على مختلف الأسطح والواجهات الفنية المتاحة كالصخور والكهوف والمقابر والأواني الفخارية والأدوات العاجية والمعابد، وعلى التوابيت واللوحات وغيرها. لقد أبدع الفنان المصري القديم في تصوير كافة مناحي الحياة، وكان ذلك النجاح بفضل تأمله وشغفه بالطبيعة الساحرة لمصرنا الحبيبة.
تنوعت تلك المناظر المسجلة على جدران المقابر والمعابد ما بين مناظر دينية تظهر فيها الآلهة في علاقات مع الملوك أو الأفراد، أو تلك المناظر التي تصور مظاهر الحياة اليومية للمصريين كالزراعة والصناعة والصيد والرعي أو تلك التي تصور بهجتهم وأفراحهم كحفلات الرقص والموسيقى والألعاب. وكان من المناظر ما له بُعد سياسي يصور الملك فيها محارباً لعدوه ومنتصراً عليه. وعلى الرغم من أن جميع تلك المناظر كان لها جانب من الأغراض الدينية أو السحرية إلا أنها لم تخل من الإبداع والذوق والفني المتمثل في حيويه المناظر وبراعة استخدام الألوان والرموز التي تعبر عن الموضوع الفني.
ولقد ازدهر فن التصوير والنقش، كما تشهد بذلك جدران المقابر والمعابد، لكن لابد في البداية أن نميز بين مفهوم النقش والتصوير، فالتصوير هو رسم الأشكال على الجدران وتلوينها؛ بينما النقش هو نحت الأشكال على الجدران، واستخدم له المصريون عدة طرق لتنفيذ المناظر، ولكن أشهر تلك الطرق النقش البارز والنقش الغائر، أما النقش البارز كان يتم خفض أرضية المناظر بحيث تبدو الأشكال وهي تبرز من سطح الحجر. وفي النقش الغائر كان يتم نقش الأشكال غائره في الحجر مع بروز الأرضية عنه، وكان يفضل هذا النوع على الأسطح والجدران المكشوفة التي تتعرض لحرارة شمس مستمره.
كيفية النقش على الجدران :
توحي الآثار بقدرة المصري القديم على استغلال ثرواته الطبيعية منذ عصور مبكرة حسبما اقتضته الحاجة عبر عصور التاريخ، فمصر موطن تشغيل الحجر وفيها ما يكفيها من الحجارة، فلم تكن هناك حاجة لاستيراده فهي صاحبة أقدم المباني الحجرية في العالم بالنسبة للمصريين، فإن صلابة ومتانة الحجر يرمز إلى الدوام والخلود الحجر، إذن هو المادة التي شيدت منها المعابد والمقابر، في حين أن مساكن المعيشة (المنازل العادية وأعظمها وأكثرها ضخامة. كان الفنان المصري القديم يعد الجدران ويهذبها جيدا بواسطة بعض الأدوات البدائية التي استخدمها في بداية حياته، وعمل شبكة مربعات على الجدران والتي تعد كخطوط إرشادية على الجدران لتسهيل عملية الرسم والتخطيط المبدئي، حيث يتم رسمها على الجدار مباشرة أو يقوم الفنان بمد حبل مشبع بالصبغة الحمراء على الجدار، ثم يقوم الفنان برسم الخطوط الخارجية للمنظر المراد تنفيذه باللون الأحمر فوق شبكة المربعات مباشرة، واستخدم المصريون القدماء في تحديد المناظر طريقة أخرى لا تزال تستخدم في وقتنا الحاضر حتي الآن عن طريق عمل ثقوب صغيرة في الجدار لتحديد الشكل الخارجي للمنظر، ثم يرش باللون الأحمر الذي تنفذ به الثقوب، فيظهر التصميم فوق الجدار على هيئة مجموعة من النقاط المتجاورة. وبعد مراجعة النسب الصحيحة للمنظر بالنسبة لحجم الجدار كان الفنان يقوم بتحديد اُلأطر الخارجية للمنظر وتصحيح الأخطاء فيه باللون الأسود، وتعرف هذه العملية بـ "عملية التصحيح" ثم تبدأ عملية النقش والتلوين المناسبة وإضافة بعض التفاصيل والنصوص الملحقة، ولكن في حالة ردائة نوع الصخر فيتم الرسم فقط عليه دون نقش.
وصل الفن المصري القديم إلى مستوى عالٍ في الرسم والنحت وكان كلاهما منمقًا ورمزيًا للغاية.. تغيرت الأنماط المصرية بشكل ملحوظ على مدى أكثر من ثلاثة آلاف عام.. الكثير من الفن الذي نجا من هذه العصور يأتي من المقابر والآثار.. والآن هناك تركيز على دراسة معتقدات الحياة بعد الموت عند المصريين القدماء والحفاظ على المعرفة من الماضي.
طرق الحفاظ علي النقوش:-
فقد تم اقتراح طريقة تمبرا باستخدام صفار البيض والراتنجات، من الواضح أن التصوير الجصي الحقيقي الذى تم رسمه في طبقة رقيقة من الجص الرطب، لم تستخدم بدلا من ذلك تم تطبيق الطلاء على الجص المجفف، بعد الطلاء عادة ما يتم استخدام الراتنج كطلاء واق من العوامل الجوية. وقد نجا العديد من اللوحات مع بعض التعرض لعوامل التعرية بشكل جيد للغاية، على الرغم من أن تلك الموجودة على الجدران المكشوفة نادرا ما يكون لها أهمية كبيرة، وكثيرا ما تم رسم الأشياء الصغيرة بما في ذلك التماثيل الخشبية باستخدام تقنيات مماثلة.
عادة ما يزين الفنانون المصريون المنازل بأبناء مخططة مثل السقوف والأرضيات، والجدران رسمت مع تصاميم معقدة، كما رسم الفنانون جدران المعابد والمقابر والتماثيل الخشبية والحجرية، وأسطح التوابيت والصناديق والأثاث، وكانت مثل هذه الأسطح عادة مغطاة بأرض من الجص الطين والجبس، والتي تم رسم التصاميم والملونة، رسمت مشاهد من الحياه الأخرى. وفي جميع الحالات تظهر بصمات اليد بين المشاهد الشائعة للفن المصري القديم.