القاهرة 19 مايو 2020 الساعة 11:56 ص
بقلم: د. فايزة حلمي
بينما يواجه العالم أكبر خلل في حياتنا، فإن المسلمين في جميع أنحاء العالم يتصارعون أيضًا مع تداعيات جائحة الفيروس.
لكن الأبعاد الثقافية والروحية والدينية الإسلامية؛ تقدم للمسلمين طرقًا لا تعد ولا تحصى للتكيف.
التكيف مع الأعراف الاجتماعية الجديدة:
*- لدى المسلمين أسر كبيرة نسبيًا، ويميلون إلى الحفاظ على علاقات عائلية ممتدة، شجع النبي محمد؛ المسلمين على الحفاظ على روابط عائلية قوية، يُلهم القرآن المسلمين بأن يكونوا كرماء مع الأقرباء، ويعاملون المسنين بالرحمة. وقد نتج عن هذه التعاليم للمسلمين؛ إما العيش معًا كعائلات كبيرة أو الاحتفاظ بزيارات أسبوعية منتظمة وتجمعات لأفراد الأسرة الممتدة؛ لِذا يشعر العديد من المسلمين بالتضارب حول الحاجة إلى تطبيق التباعد الاجتماعي من جهة، والحاجة إلى أن يكونوا قريبين من العائلة والأقارب من أجل الراحة والدعم.
*- كذلك كان أحد أول التغييرات التي أحدثها التباعد الاجتماعي, يخص العادة الإسلامية المتمثلة في مصافحة الأيدي متبوعة باحتضان الأصدقاء والمعارف (من نفس الجنس) خاصة في المساجد والمنظمات الإسلامية، ومع ذلك، وجدنا بعد أسبوع أو أسبوعين من التردد في مارس، توقف العناق تمامًا.
*- زيارة المرضى عمل صالح في الإسلام، ومع ذلك في حالة فيروس كورونا ""COVID-19 هذه الزيارات غير ممكنة، غير أنه لا يزال من الممكن تشجيع المرضى الذين يعانون؛ فقط من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل ووسائل التواصل الاجتماعي.
النظافة من الإيمان:
أحد جوانب الوقاية من الفيروسات التي تأتي بشكل طبيعي جدًا للمسلمين؛ هي النظافة الشخصية، تعزز المنظمات والخبراء الصحيون النظافة الشخصية للحد من انتشار فيروس كورونا، وبخاصة غسل اليدين بشكل متكرر لمدة 20 ثانية على الأقل، في حين أن الإسلام يشجّع النظافة الشخصية منذ قرون. يوجه القرآن؛ المسلمين إلى الحفاظ على ملابسهم نظيفة قبل أكثر من 14 قرنًا، وشدد النبي محمد على أن "النظافة من الإيمان" وشجع المسلمين على غسل أيديهم قبل الأكل وبعده، والاستحمام مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا، وتنظيف أسنانهم يوميًا، والعناية بالأظافر.
إغلاق المساجد وإيقاف صلاة الجمعة:
صلاة الجماعة في المساجد مهمة للمسلمين في غرس الإحساس بوجودهم في تجمّع روحي، والشعور بالوجود مع المؤمنين الآخرين، وفقا لذلك، فإنهم يصطفون في صفوف مع لمس الكتفين، هذا الترتيب محفوف بالمخاطر للغاية أثناء الوباء؛ لذا، تمت التوصية بغلق المساجد بسبب فيروس كورونا.
ومع ذلك، لم يكن قرار تخطي الصلوات اليومية الاختيارية صعبًا على المسلمين، ولكن وقف صلاة الجمعة كان الأكثر صعوبة، صلاة الجمعة هي صلاة المسلمين الوحيدة التي يجب أن تؤدى في المسجد، وتتكون من خطبة مدتها 30-60 دقيقة تليها صلاة جماعة مدتها خمس دقائق بعد الظهر مباشرة.
توقف صلاة الجمعة على نطاق عالمي لم يحدث منذ أن قدمها النبي محمد عام 622م.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المسلمين الوضوء الطقسي قبل الصلوات الخمس اليومية. يشمل الوضوء غسل اليدين حتى المرفقين، بما في ذلك تشابك الأصابع وغسل الوجه والقدمين ومسح الشعر. وهذه النظافة الدائمة هي أهم جوانب الحماية مِن الفيروس.
والشيء المتأثر هو الإفطار في رمضان، والصلاة المسائية اليومية (التراويح) عادة ما يدعو المسلمون أصدقاءهم وأفراد أسرهم إلى التّجمع للإفطار. وفي الدول الغربية؛ تشمل الدعوات معارف غير مسلمين كذلك. وقد أعلنت المنظمات الإسلامية بالفعل عن إلغاء وجبات الإفطار، وستقتصر احتفالات نهاية رمضان، وهي أيام العيد التي تستمر ثلاثة أيام؛ على العائلة التي تعيش معًا.
وانتشار المرض بالتأكيد، أوْجب ضرورة الحرص واتّخاذ وسائل تفادي الإصابة به، دون أن نهمل في وسائل تجنيب أنفسنا بالمرض اعتمادا وثقة بأن الله سبحانه وتعالى سيقوم بحمايتنا. وهذا يذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نصح رجلا لم يربط جمله لأنه وثق بالله دون القيام بِما عليه: "اربط الجمل أولا ثم ثق بالله".
وسعى النبي محمد إلى العلاج الطبي وشجع أتباعه على التماس العلاج الطبي، قائلا: "إن الله لم يصب البَشَر بمرض دون تعيين علاج له، باستثناء مرض واحد؛ الشيخوخة".
وفي بعض الأحيان تأتي المحنة طريقنا لا محالة، يعلّم القرآن المسلمين أن يروا ظروف الحياة الصعبة كاختبار، والنظر إليها كصعوبات مؤقتة لتقويتنا، يسمح هذا المنظور للمسلمين بإظهار المرونة في أوقات الشدة والضيق.
في مثل هذه الأوقات، سيفقد بعض الناس حتمًا ثرواتهم ودخلهم وحتى حياتهم.. نصح النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) أن الممتلكات التي ضاعت أثناء الضيق ستعتبر صدقة، والذين ماتوا بسبب الأوبئة سيعتبرون شهداء الجنة.
علاوة على ذلك، نصح النبي محمد بالحجر الصحي:
إذا سمعت عن تفشي وباء في أرض، فلا تدخلها؛ وإذا تفشى الطاعون في مكان ما وأنت فيه، فلا تترك هذا المكان.. في حين أن هذه القاعدة لا تمنع تمامًا انتشار المرض، إلا أنها تساعد بالتأكيد في تقليل المخاطر.
المرجع:
Mehmet Ozalp.(2020): how coronavirus challenges muslims faith and changes their lives. theconversation.com