القاهرة 21 يناير 2020 الساعة 11:08 ص
غدا تنطلق فعاليات الدورة الـ "51" من معرض القاهرة الدولي للكتاب أكبر معرض للكتاب بالشرق الأوسط، والذى يأتي فى المرتبة الثانية بعد معرض فرانكفورت الدولي، وذلك بمركز مصر للمؤتمرات والمعارض بالتجمع الخامس، وتنتهى فعالياته يوم 4 من فبراير القادم، وذلك تحت شعار "مصر أفريقيا.. ثقافة التنوع"، وشخصية المعرض هي الراحل جمال حمدان، وضيف الشرف دولة السنغال.
والمعروف أن معرض القاهرة الدولي للكتاب وهو حدث ثقافي دولي قبل أن يكون معرضاً محلياً؛ وذلك منذ أن بدأ في عام 1969، وكانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب. لهذا احتفلت دورة 2008 بالقلماوي بوصفها شخصية العام.
ثمة علاقة بين معرض القاهرة الدولي للكتاب والمكان الذى أقيم فيه من حيث الكشف عن مدى تقدير السلطة السياسة للثقافة والكتاب، ومن حيث الكشف عن الحالة المجتمعية فى ما يقرب من نصف قرن منذ انطلاق أول دورة من المعرض؛ فمنذ أن كان المعرض يقام بأرض المعارض بالجزيرة التى بنيت مكانها دار الأوبرا وهى الفترة التي استمرت منذ عام 1969 حتى عام 1983، وهي من أكثر الفترات التى شهدت دورات فى غاية القوة والتأثير الثقافي للحدث الثقافي السنوي، ويكفى أن أنقل لك فقط ما حدث عام 1981 عندما تمت استضافة جناح إسرائيل فى المعرض فى الوقت الذى كانت فيه المعارضة لاتفاقيات كامب ديفيد على أشدها، ووقع ذلك علي الصحف المصرية فى ثمانينيات القرن الماضي آنذاك، وكانت وقتها "قومية وحزبية"، وكيف تناولت الصحف هذا الحدث، وكيف كانت صحف ذلك الزمن تفرد مساحات كبيرة للمعرض وفعالياته شكلاً ومضموناً، لك أن ترجع إلى أرشيف صحف تلك الفترة فتجد يومياً على صفحات "الأهرام والأهالي والوفد والشعب" عددا كبيرا من التحقيقات واللقاءات الصحفية وعروض كتب تنقل لك ما يدور فى قاعات المعرض دون أن تضطر أن تذهب إليه، وثمة معارك صحفية كانت تشتعل يومياً طوال أيام فترة معرض القاهرة الدولي للكتاب فى تلك الفترة لمناقشة أمور
مثل مصادرة بعض الكتب أو استعراض تصريحات ضيوف المعرض التي كانت تثير جدلاً واسعاً بين زوار المعرض، ولا ننسى أيضاً مستوى المناقشات الفكرية للضيوف والتى كانت تسهم فى إحداث حاجة من الرواج للكتاب فى تلك الفترة.
منذ أن انتقل معرض الكتاب عام 1983 إلى أرض المعارض بمدينة نصر، وحالة الزخم التى كانت تملاً السماء والأرض وقت انطلاق فعاليات المعرض قبل ذلك أصبحت فى خالة من الركود والخمود الذى يعكس موقف السلطة السياسية وقتها من الثقافة، وهو موقف عدائي بالمناسبة، الأمر الذى انعكس على خدمات المعرض المقدمة للجمهور والتى اتسمت بالرداءة ومنها مثلا أن تضع الناشرين طوال أيام المعرض فى خيام، وأن تقدم لزوار المعرض بدورات مياه فى غاية السوء، وهو ما انعكس على التناول الإعلامي الذى اتسم بالاختزال للحدث الثقافى الدولي فى الصحف المصرية، وتحديداً منذ بداية عام 2000.
منذ أن انتقل معرض الكتاب من أرض المعارض بمدينة نصر إلى مركز المنارة بالتجمع، وهو ما تزامن مع الاحتفال بيوبيله الذهبي فى دورته الـ "50"، وهو ما استقبله الجمهور المصرى بالحفاوة نظراً لكونه موقعاً يتسم بالتنظيم ويرقى لمستوى الحدث الذى يعبر عن "وجهة مصر"، وهو ما كان له بالغ الأثر فى عودة اهتمام وسائل الإعلام المصرية مرة أخرى بالكتاب على اعتباره أحد مرتكزات القوة الناعمة المصرية.
تغطية وسائل الإعلام، ومنها الصحف المصرية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب فى اليوبيل الذهبي، والاستعداد الذى يجرى الآن لمعرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته الـ "51"، وخاصة استعدادات الصحف القومية والحزبية والخاصة للحدث، تؤكد عودة ريادة معرض الكتاب مرة أخرى وهو ما سنراه خلال الأيام القليلة المقبل فى شكل ومضمون التغطية الصحفية للحدث الثقافي السنوي، وهو ما يثبت وبالمناسبة مستوى العلاقة ما بين الحدث والمكان الذى يستضيفه، ويعبر عن جانب آخر لمدى تفهم السلطة السياسية لقوة الثقافة والكتاب وتأثيرها الحقيقة فى تشكيل وعي المواطن المصرى وهو ما برز بشكل جلى فى الدورة الماضية عندما افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوبيل الذهبي، وحرص الرئيس السيسي على تفقد عدد من أجنحة المعرض والاطلاع على ما يقدم داخله، برفقة الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ووزير الداخلية اللواء محمد توفيق، ووزير الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، والدكتور هيثم الحاج على، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة.
ولا ننسى ما قاله السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية فى بيان رسمي، إن افتتاح الرئيس السيسي لمعرض الكتاب أكد حرص الدولة واهتمامها بنشر الوعي والثقافة والعلم، في ضوء تبنى الرئيس لاستراتيجية بناء الإنسان المصرى من كافة الجوانب، ودعوته بانتهاج المسار العلمي ونشر الثقافة والمعرفة.