القاهرة 26 نوفمبر 2019 الساعة 10:48 ص
بقلم: د. حسين عبد البصير
الملك أبريس هو الملك المصري المعروف باسم "واح إيب رع" في عصر الأسرة السادسة والعشرين أو ما يعرف باسم العصر الصاوي، أو عصر النهضة الصاوية. وكان قد تبع والده الملك بسماتيك الثاني على عرش مصر في شهر فبراير من عام 589 قبل ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأتم التسليم. وكان والده الملك بسماتيك الثاني قد تدخل بشدة في الشؤون الفلسطينية بما قد نطلق عليه حملة في عام 591 قبل الميلاد في جنوب فلسطين، وذلك دعمًا ومناصرة للحاكم الماريونت البابلي المدعو زاداكيه حاكم مدينة القدس وذلك تشجيعًا له على الثورة على الحكم البابلي، غير أن الأمر جاء بعواقب وخيمة. وكان من سببها أن دفعت القدس الثمن غاليًا بعد أن قام الملك البابلي المشهور نبوخذ نصر الثاني بحصارها لمدة عامين كاملين دون رحمة؛ مما أدى إلى سقوط مدينة القدس في عام 587 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وكان ذلك العام هو العام السابع والثلاثون من أعوام النفي البابلي وفقًا للتوراة.
وعلى ذلك النحو، استمر الملك أبريس واح إيب رع، في سياسة والده في فلسطين. وشهدت فترة حكمه مشكلات عسكرية داخل البلاد وكذلك خارج البلاد. غير أن تمردًا نشب على حدود مصر الجنوبية وتحديدًا على الحامية الحدودية المهمة في منطقة أسوان. وقام القائد العسكري الشهير نس حور المسمى باسم بسماتيك منخ إيب، بقمع ذلك التمرد وإقناع الجنود المتمردين بالعودة إلى أرض مصر بعد أن كانوا قد تركوا مكان الحامية في أسوان واتجهوا جنوبًا إلى النوبة وذلك وفقًا لما ذكره في نص سيرته الذاتية الشهيرة والمكتوبة على تمثاله الموجود حاليًا في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس.
وأرسل الملك أبريس واح إيب رع، جيشه إلى ليبيا بقيادة القائد المصري المعروف أحمس أو أمازيس الذي سوف يكون له دور مهم في الأحداث القادمة وفي مستقبل وحكم مصر. وكانت قد قامت في ليبيا أحداث مؤسفة نتيجة هجمات الغزاة الدوريين من الإغريق الذين هاجموا ليبيا بضراوة، فقام الملك المصري الملك إبريس واح إيب رع، بإرسال ذلك الجيش دعمًا لليبيا ومساندة لها ضد تلك الهجمات الغازية. غير أن الجيش المصري عاني من ذلك التدخل. ونشبت به حركة تمرد ضد الملك إبريس واح إيب رع. وانتشرت الحرب الأهلية في أرض مصر بعد عودة الناجين من تلك المعركة غير الموفقة. ودبت الحرب الأهلية بين الجنود المصريين الوطنيين والجنود المرتزقة من الأجانب الذين كانوا يعتمد عليهم ملوك الأسرة السادسة والعشرين الصاوية في تكوين الجيش ابتداءً من الملك المؤسس بسماتيك الأول.
وكما كان يحدث في عصر الإمبراطورية الرومانية، اتجهت أبصار الجيش المصري إلى اختيار قائد عسكري منه كي يقود التمرد ضد الملك إبريس واح إيب رع. وما وقع الاختيار إلا على القائد المنتصر في الحملات الصاوية ضد بلاد النوبة، وأعني القائد العسكري المتميز أحمس أو أمازيس. وعندما التقى الجمعان، تم قتل الملك أبريس واح إيب رع، وانتقل الحكم إلى ذلك القائد العسكري وهو من خارج سلالة الأسرة الحاكمة ولا يحمل الدم الملكي، وأعني الملك أحمس الثاني أو الملك أمازيس. غير أن الملك أحمس الثاني أمازيس قام بتأدية الطقوس الواجب اتباعها على جثمان الملك القتيل الملك أبريس واح إيب رع، بما يليق بجلال الملكية المصرية المقدسة ودفن جسد الملك الراحل في المقابر الملكية في عاصمة الأسرة الصاوية في مدينة سايس في وسط الدلتا المصرية.
الملك إبريس واح إيب رع، كان حلقة وصل بين ملوك سايس الأوائل وبين الملك أحمس الثاني أمازيس الذي أعاد للأسرة الحاكمة عظمتها. وحكم مصر حكمًا رشيدًا وجعل من مصر قوة مهمة في الشرق الأدنى القديم.