القاهرة 19 نوفمبر 2019 الساعة 09:47 ص
بقلم: د. حسين عبد البصير
الملك نختنبو الثاني، هو آخر فرعون مصري يحكم مصر. وانتهت فترة حكمه باحتلال الفرس لمصر ثانيةً في عام 343 قبل ميلاد السيد المسيح، قبل احتلال الإسكندر الأكبر لمصر في عام 332 قبل الميلاد. وكذلك هو آخر حاكم مصري لمدة حوالي ثلاثة وعشرين قرنًا من الزمان حتى جاء حكم اللواء محمد نجيب وحكم الضباط الأحرار، وثورة 23 يوليو 1952.
لقد كانت السنوات الثماني الأولى من حكم نختنبو الثاني بعيدة عن التدخل الفارسي بسبب المشكلات الأسرية في البيت الفارسي الحاكم وما تلاها. غير أنه في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، نجح الحاكم الفارسي الجديد أرتازيركيس الثالث في فرض سيطرته على معظم أرجاء الإمبراطورية الفارسية. وحاول غزو مصر، غير أن حملته باءت بالفشل. وبسبب ذلك، نجحت بعض المدن اليونانية والفينقية في تحدي القوة الفارسية عسكريًا لبعض الوقت.
وكان الملك نختنبو الثاني قد رجع إلى التقاليد الملكية القديمة والاستقرار الذي جلبته الآلهة لأرض مصر. فقام الملك بإعادة بناء وتأسيس المعابد. وتم تقديم الملك على اعتباره أنه في حماية الآلهة، وبالفعل هناك تمثال كبير من الحجر في متحف المتروبوليتان في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية يصور الملك نختنبو الثاني في شكل صغير بين قدميّ الرب حورس، المعبود المصري الشهير وحامي الملكية المصرية المقدسة، والذي تم تصويره في شكل صقر كبير الحجم.
ولقد حارب الجنود الإغريق من المرتزقة مع مصر ومع الفرس. وكان قوام خمس جيش الملك نختنبو الثاني حوالي عشرين ألف من الجنود الإغريق. ووقف بهم الملك نختنبو الثاني في قلعة الفرما التي كانت على حدود مصر الشرقية في عام 343 قبل ميلاد السيد المسيح مواجهًا التقدم الفارسي نحو بلده مصر. فتم هزيمة المصريين عن طريق الجنود الإغريق المرتزقة الذين استعان بهم الفرس لغزو مصر، وسقطت الفرما، ومن بعدها مناطق الدلتا القوية الحصينة. ثم سقطت منف بعد فترة؛ مما اضطر الملك نختنبو الثاني إلى الهروب إلى بلاد النوبة. وتم حكم مصر عن طريق الفرس للمرة الثانية.
ولا نعرف مصير الملك نختنبو الثاني، غير أننا عثرنا على تمثال أوشابتي يحمل اسمه وهو موجود في متحف تورينو في إيطاليا وغير معروف مكان الاكتشاف؛ مما يشير إلى موته ودفنه غالبًا في العاصمة سايس، وهناك آثار جنائزية أخرى تحمل اسمه. وجاء في الأسطورة التي تعود إلى العصور الوسطى وتحمل اسم "الإسكندر رومانس" أو "قصة الإسكندر"، أن نختنبو الثاني هرب إلى البلاط المقدوني، أعداء الفرس التقليديين، حيث عمل كساحر مصري عظيم، وهناك لفت نظر الملكة أوليمبيا، زوجة الملك فيليب الثاني، وأصبح أب الإسكندر الأكبر؛ مما يعد تبشيرًا بحكم الإسكندر الأكبر لمصر واعتباره من نسل الفراعنة العظام.
وبنهاية حكم الفرعون المصري العظيم الملك نختنبو الثاني، يختفي نسل الفراعنة من حكم مصر. وباحتلال مصر من الإسكندر الأكبر، تصير مصر مملكة يحكمها الغرباء إلى أن تقوم ثورة 1952 ويحكم مصر اللواء محمد نجيب أول حاكم مصري لمصر بعد الفراعنة.