القاهرة 10 سبتمبر 2019 الساعة 12:46 م
كتب: عاطف محمد عبد المجيد
في كتابه الوقاية من الأرق الذي أنجزت ترجمته د.سوزان خليل، وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة الكتاب الطبي يتساءل د. ميشيل ديب، طبيب الأمراض العصبية في مستشفى لابيتيه سالبيتريير بباريس، في مقدمته لكتابه هذا قائلاً: ما جدوى تأليف كتاب عن النوم؟
ويجيب بأننا نقضي ما يقرب من ثلث عمرنا في النوم، وهو ما يحقق لنا منافع عديدة مثل استعادة النشاط البدني وتقوية الذاكرة وضبط مستوى نظام الدفاع الجسدي والمناعي، وربما يكون هناك منافع أخرى لا تزال غير معروفة حتى وقتنا هذا.أما غاية النوم فتتمثل في تنظيف الجهاز العضوي وإراحة المخ ذاته من همومه وتحسين عمل الذاكرة إلى أبعد حد.أما حالات الأرق فتصيب من 20 إلى 40 في المائة وتتزايد هذه الحالات مع التقدم في العمر.
نقص النوم
هذا ويساعد نقص النوم على الإصابة بالبدانة ومرض السكري..كما يتسبب في أمراض أوعية القلب أو أمراض نفسية كالقلق والاكتئاب.أما القائد الأعلى للنوم، كما يرى المؤلف، فهو المخ الذي يحتوي على نظام يسمى النظام اليومي يحفزه على تناوب النور / الظلام ومهمته هي التحكم في درجة الحرارة المركزية وفي معدل الكورتيزون بالدم وفي النوم.ولكي يتمكن الإنسان من النوم ينخرط المخ في فترة خمول تدريجي مع ترك بعض المناطق في حالة عمل بما يتيح له الحفاظ على هذا الجهاز العضوي النائم، ومنها مجموعة من الخلايا العصبية تتمثل مهمتها المباشرة في قيادة عملية النوم.أما أطوار النوم فيقسمها المؤلف إلى: النوم البطيء وتتراوح مدته بين 70 و 90 دقيقة ويتكون من ثلاثة أطوار تتألف منها دورة النوم وتتتابع هذه الدورات بإيقاع يتراوح بين خمس وست مرات في الليلة الواحدة.والنوم البطيء هو أول طور يتباطأ خلاله نشاط المخ على نحو تدريجي ويحدث على ثلاثة أشواط: النعاس ثم النوم البطيء الخفيف ثم النوم البطيء العميق وهو الراحة الكبرى حيث يكون الجسم ساكناً بلا حِراك.وهناك النوم التناقضي وسمي بذلك لأن الموجات المنبعثة عن المخ تكون سريعة وتنشط حركة الوجه ويصبح النفس غير منتظم كما لو كنا على وشك الاستيقاظ، في حين أن النوم يكون عميقاً جداً، وهو يمثل نسبة تتراوح بين 20 و25 في المائة من الزمن الإجمالي للنوم.
مدة النوم
وعن مدة النوم يقول المؤلف: لسنا جميعاً متساوين فيما يتعلق بالنوم ولكننا مضطرون جميعاً للنوم، والزمن المثالي لنومنا تحكمه جيناتنا الوراثية وساعتنا البيولوجية ويتأثر بعوامل بيئية وبالظروف المختلفة للحياة اليومية.ويضيف د.ديب أن هناك عدداً من الأشخاص يكتفون بأربع أو خمس ساعات من النوم كل يوم، فيما يحتاج آخرون إلى عشر ساعات.أما معظم البالغين فيحتاجون إلى سبع أو ثماني ساعات في المتوسط من النوم.ويُعدد المؤلف منافع النوم فيذكر منها أن النوم يتيح تفريغ الإجهاد البدني والنفسي وأثناء النوم التناقضي يقوم الإنسان بتفريغ شحنة توتره العصبي وينظم ذاكرته، وكذلك يتيح النوم للإنسان مكافحة الألم مثل حالات الصداع النصفي وألم الرأس الناجم عن الشد العضلي ووجع الأنسجة العضلية والليفية، وعلى عكس ذلك يمكن للأرق أن يفاقم حالات الصداع النصفي.بعد ذلك يتساءل د.ديب: متى يمكننا الحديث عن الأرق؟ ويجيب فيقول إن الأرق يتعلق في الوقت نفسه بنوعية النوم وبمشاكل الاستيقاظ.والصعوبات التي تتم مواجهتها هي في أغلب الأحيان صعوبات في النعاس أو نوبات استيقاظ أثناء الليل أو حالات استيقاظ قبل الأوان في الصباح الباكر.أما تعريف الأرق فهو ذاتي للغاية ويتجلى في صورة إحساس بالنوم الخفيف أو غير المريح أو الإحساس بالإجهاد في اليوم التالي أو ضربات مدوخة أو ميل إلى النعاس أو أوجاع في الرأس أو تهيج غير عادي في الجسم أو توتر بدني ونفسي، أو صعوبات في التركيز أو نكد المزاج، وهناك أيضاً علامات بدنية مثل آلام العنق أو وخز العينين أو المغص أو وجع الظهر.ثم يذكر د.ديب أن هناك نوعين من الأرق أولهما الأرق الوقتي أو العرضي وهو الأكثر حدوثاً ويشكل جزءاً من الحياة ويستمر لمدة شهر وهو عبارة عن فترة نوم مضطرب تستمر لبضعة أيام.
الأرق المزمن
وهناك الأرق المزمن وتستمر حالاته لأكثر من شهر مع تغيرات في النوم تحدث على الأقل ثلاث مرات أسبوعياً، وتصيب هذه الحالات نسبة تتراوح بين 10 و 20 في المائة من السكان، وتتضاعف لدى النساء مقارنة بالرجال ويزداد تواتر حدوثها مع التقدم في العمر.وهناك فرق بين حالات الأرق المزمنة الأولية التي تتطور من دون سبب ظاهر، وحالات الأرق المزمنة الثانوية كعرض لسبب يجب البحث عنه.ويؤكد د.ديب أن مدة النوم لا تعكس نوعية الأرق بالضرورة، فليس معنى أننا ننام لمدة خمس أو ست ساعات في الليلة أننا مصابون بالأرق. بعد ذلك يذكر د.ديب أن الأرق يهدد حياة الإنسان إذ لا يُخل الأرق فقط بنظام الحياة المهنية بل كذلك الحياة الاجتماعية والوجدانية، إذ يتسبب الأرق في اضطرابات المزاج أو فقدان الاهتمام بالبيئة المحيطة أو التهيج العصبي، بل كذلك اضطرابات بصرية.وأيضاً يمكن أن يكون الأرق عاملاً مسبباً لأمراض معينة في حالة وجود استعداد وراثي.ثم إن نقص النوم يمكن أن تكون له تداعيات على أيض المواد السكرية وعلى احتمال مقاومة الجهاز العضوي لمفعول الإنسولين. ومن ثَم فإن الذين يعانون من الأرق معرضون وبدرجة كبيرة لمخاطر الإصابة بمرض السكري أو المعاناة من البدانة.
الفزع الليلي
ثم يتحدث د.ديب عن حالات الاختلاج العضلي أثناء النوم لدى الأطفال وهي عبارة عن هزات عنيفة في كل أجزاء الجسم أو في جزء منه يمكن أن تحول دون استغراق الشخص في النوم. وهناك حالات السير أثناء النوم وحالات الفزع الليلي وهي تختلف عن الكوابيس.أما حالات الإفراط في النوم فهي كثيرة الوقوع لكنها غير معروفة على نطاق واسع ولا يتم تشخيصها بشكل جيد.ومن أسباب الأرق يذكر د.ديب التوتر أو طريقة حياة مضنية أو تراكم في المسئوليات أو ساعات عمل غير إنسانية.وهناك ثلاثة أنواع من الأرق: أرق نفسي فيزيولوجي، أرق تناقضي، أرق بنيوي وهو عبارة عن حالة أرق دائم لكنه مستقر يبدأ في مرحلة الطفولة، وينعكس من خلال نوم رديء النوعية.ومن أسباب الأرق المزمن النفسي، القلق والنشاط المفرط والاكتئاب والتوتر.ثم يتساءل د.ديب ما العمل في مواجهة الأرق؟، ويجيب: يجب عدم إهمال التوتر والقلق والاكتئاب، لأن الأرق في أحيان كثيرة دلالة على هذه الأشياء.ثم يجب مراعاة القواعد الصحية السليمة للنوم وكذلك لا يجب الإفراط في تناول الطعام مساءً، ويجب تنظيم بيئة النوم من توفير درجة الحرارة المناسبة واختيار عدة السرير الجيدة.
قواعد النوم الصحي
ثم يذكر د.ديب ثماني قواعد أولية للنوم الصحي وهي: نم حسب احتياجاتك..ابحث عن إيقاع نومك حتى تستدل عليه..اعمل على الحد من الضوضاء والضوء والحرارة المفرطة في غرفة نومك..تجنب مادة الكافيين وفيتامين جيم والمشروبات الكحولية والنيكوتين والطعام الوفير..قم بمزاولة أحد الأنشطة البدنية أثناء النهار..قم بإضفاء طابع جيد على لحظة الاستيقاظ..لا تتباطأ في الفراش بعد أن تستيقظ..تجنب مشاهدة التلفاز في موعد متأخر.وهناك حلول بسيطة – كما يرى د.ديب – لكنها فعالة منها الضحك الذي يؤثر على النوم والملامسات البدنية.وينصح د.ديب بتناول أدوية ضد الأرق متى استدعى الحال ذلك كالمسكنات والأدوية المنومة ومهدئات الأعصاب، وتناول مادة الميلاتونين التي تضبط إيقاع الساعة البيولوجية عند الإنسان وتتحكم في إيقاع نظامه اليومي.