القاهرة 21 مايو 2019 الساعة 01:16 م
قصة بقلم: جوردن ليش
ترجمة: صلاح صبري
لا تخبرني. اصنع لي معروفًا. دعني أخمن. كن صادقًا معي، قل لي الحقيقة، لا تجعلني أضحك. أخبرني، لا تجبرني أن أخبرك، هل يجب عليَّ أن أخبرك أن حرارتك مرتفعة حينما تكون حرارتك مرتفعة، أنك ميتٌ حينما تكون ميتًا؟ لأنك تعرف ما أعرفه؟ أعرفك مثلما أعرف نفسي، أعرفك مثل ظهر يدي، أعرفك مثل كتاب مفتوح، أعرفك ظاهرًا وباطنًا. أعرف عنك ما لن تعرفه أبدًا. تعرف ما هذا؟ تريد أن تعرف ما هذا؟ لأن هذا صفقة ما، مؤامرة ما، مُزحة ما- ربما تتقيأ لو عرفت إلى أي مدًى هو مزحة. أريدك أن تسمع شيئًا، أريدك أن تسمع الحقيقة العارية. أريدك أن تسمعها مني، من مصدرها مباشرةً، من الشخص الوحيد المهتم فعلاً. تعرف مَن أنت؟ أنت مَن أنت!
منذ عصور، منذ سنوات، منذ وقت طويل جدًّا لا أتذكره، التاريخ الماضي، التاريخ القديم- أنت لا تريد أن تعرف، عصر آخر، حياة أخرى، نظرية أخرى كل ذلك في آن واحد. أنا مُخبرك، متوسلٌ إليك، جاثٍ على ركبتي- لا تتحاذق معي، لا تقل لي أعذارًا- لأنه في وضح النهار، في منتصف الليل، عند الفجر. تظن أن العالم كله سيرقص حولك؟ لا أحد سيرقص حولك. لا أحد- حتى- يعرف أنك حي ترزق، لا أحد يعرف من أنت. لا تسأل. لا تشرع- حتى- في التساؤل. لا تعِدني بأي شيء. لا تقل لي شيئًا وتفعل غيره. لا تنظر لي باستخفاف. لا تنظر لي هكذا. لا تقل لي هذا الهراء. انظر حولك، أستحلفك. لا تعرف أن يدًا واحدة لا تصفق؟ قل شيئًا معقولاً. فكر جيدًا. تظنه نزهة؟ ليس نزهة. لا تتحفظ معي. العالم كله لن يسير على هواك. أحذرك- انتبه قبل فوات الأوان. تعرف؟ عصفورة صغيرة أخبرتني توًّا. تعرف؟ هناك أشياء كثيرة يجب أن تعرفها. لا أستطيع أن أسمع نفسي وأنا أتحدث. أنسى في لمح البصر. لماذا يجب عليَّ دائمًا أن أخبرك مرارًا وتكرارًا؟ أعطني دقيقة لأفكر. فقط دعني ألتقط أنفاسي. ألا تكف أبدًا عن التساؤل؟
سأقول لك شيئًا. سأقول لك ما لن يجرؤ أحد على أن يقوله لك. تريد نصيحة؟ تظن نفسك محور الكون، أليس كذلك؟ عليك أن تسجد على يديك وركبتيك وتشكر الله. تظن الموت نزهة؟ الموت ليس نزهة. واجه الحقيقة، لا تخدع نفسك، الناس يحاولون إقناعك بالحقيقة، إنه ليس مجرد تسلية، ليس مجرد متعة، ليس مجرد طريق مفروش بالورود. تعرف ما الذي يجب أن أفعله؟ يجب أن أعاملك كطفل. يجب أن أحدثك كواعظ. يجب أن أحملك على أكف الراحة، فربما لم تكن تعرف.
دعني أقول لك شيئًا لن يجرؤ أحد غيري أن يقوله لك. هيا، اُنظرْ! في كل مكان- لأنهم قليلون جدًّا. هيا، اذهب إلى آخر الأرض، اذهب إلى أعلى جبل، اذهب إلى أي مدًى، لأنهم لن يحركوا ساكنًا من أجلك- أم أنك لم تكن تعلم أن ثمة أشياء ليس للأنسان أن يعلمها، أن ثمة أشياء من الأفضل ألا تقال، أن ثمة أشياء يجب ألا ترضاها لكلب، ولا لحياتك، ولا في حياتك، ولا في ردح من الزمان؟ ماذا تريد؟ تريد العالم كله يدور حولك، تريد العالم كله رهن إشارتك؟ هذا ما تريده، أليس كذلك؟ كن صريحًا معي ودعنا ننتهي من هذا، نخلص منه، نلقيه عن كاهلنا، كفى عويلاً، كفى.
ماذا أقول لك، من أين أبدأ معك، كيف أشرح لك؟ لا أعرف من أين أبدأ معك، لا أعرف كيف أقنعك بأهمية كل كلمة مفردة. اُشكرِ الله أنني حيٌّ فأخبرك، اشكر الله أنني هنا فأخبرك، اشكر الله أن لديك شخصًا ما يخبرك، أتمنى فقط لو أنني أشرع في إخبارك، لو أن هناك طريقة ما يستطيع بها أي شخص أن يخبرك، ليت هناك أي شخص يمكن أن يخبرك، لكنك لا تريد أن تستمع، لا تريد أن تتعلم، لا تريد أن تعرف، إنك لا تريد أن تساعد نفسك، أنت تريد فقط أن تموت وقتما تشاء أينما تشاء.
من يستطيع أن يتكلم معك؟ هل هناك من يستطيع أن يتكلم معك؟ أنت لا تريد لأحد أن يتكلم معك. أنت تظن أن العالم كله قد يموت فجأة. تعتقد أن الموت نزهة؟ الموت ليس نزهة. واجه الحقيقة، لا تخدع نفسك، الناس يحاولون إقناعك، ليس الموت مجرد تسلية، ليس مجرد متعة، ليس مجرد طريق مفروش بالورود. تعرف ما الذي يجب أن أفعله؟ يجب أن أعاملك كطفل. يجب أن أحدثك كواعظ. يجب أن أحملك على أكف الراحة، فربما لم تكن تعرف. دعني أقول لك شيئًا لن يجرؤ أحد غيري أن يقوله لك. هيا، اُنظرْ! انظر في كل مكان- لأنهم قليلون جدًّا! اغفر لي بذاءتي، افعلها وكفاك كلامًا! أوه، نستطيع أن نسخر منك صراحة! أوه، أنتَ- أنت يا دِكِنز أيها القذر، أنت! ألا تستطيع أن ترحل عنا في سلام؟