القاهرة 23 ابريل 2019 الساعة 12:43 م
كتبت: د. هـنـاء زيــادة
في عام 1895م وصلت أعداد وحيد القرن الأبيض الجنوبي إلى أقل من مائة، لكنه يتجاوز الآن عشرين ألف حيوان تجوب جميعها المناطق المحمية بعد عقود من جهود الحفاظ عليها, وهناك نماذج أخرى لحيوانات تم إعادتها من على حافة الانقراض بفضل جهود العلماء ونضال حماة البيئة ومحبي الحيوانات حول العالم.
وفي 20 ديسمبر من عام 2013، أقرّت الدورة الثامنة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان الثالث من مارس اليوم العالمي للحياة البرية، وذلك لإذكاء الوعي بأهمية الحيوانات والنباتات البرية، والتاريخ المحدد هو يوم اعتماد اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض عام 1973، والذي يلعب دوراً بالغ الأهمية في ضمان ألا تشكل التجارة الدولية تهديداً لبقاء هذه الأصناف من الحيوانات والنباتات البرية.
وتجري الأمم المتحدة العديد من الدراسات والتي تشير إلى أن المخاطر التي هي من صنع البشر أدت إلى فقدان المواطن الطبيعية مما قد ينذر بأسوأ أزمة انقراض منذ انتهى وجود الديناصورات قبل 65 مليون عام. وتفيد القائمة الحمراء التي يعدها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة بأن 24307 من بين 85604 أنواع جرى تقييمها في العقود الأخيرة مهددة بالإنقراض. ونحن هنا من خلال صفحات (مجلة مصر المحروسة) نتابع استعراض قائمة أشهر الحيوانات المهددة بالإنقراض، والتي كنا قد بدأناها في عدد الإسبوع الماضي:
1- القرد الأفطس:
القرد الذهبي أو الأفطس وجد فى الصين، وهو في قائمة المهددين بالانقراض بسبب حرق وإزالة الغابات الاستوائية، ويطلق عليه أسماء عديدة منها: قرد الثلج وقرد الأسود أفطس الأنف، وهو يعيش على ارتفاعات عالية مقارنة مع باقي الحيوانات الرئيسية، واكتُشف هذا القرد لأول مرة عام 1897من قبل العالم الفرنسي ميلين إدواردز، والمثير أنه لم تظهر أي تقارير موثوقة عن رؤية هذا الحيوان لعدة عقود بعد اكتشافه، مما دفع البعض للظن بأن هذا النوع من القرود قد انقرض، لكن في عام 1962 حصل أحد أعضاء فريق الأبحاث الحيوانية الصيني على ثمانية قرود من هذا النوع بدون الجلد الذي يكسوها في جنوب شرق التيبت، وفي عام 1979 أقدم عالم صيني من معهد كونمينغ لعلوم الحيوان بقتل أحد قرود اليونن ذات الأنف الأفطس، مقدما بذلك دليلًا قاطعًا على أن هذا القرد ما يزال موجودًا.
ويمتلك القرد الأفطس فراء طويل لونه يتراوح بين البني الداكن والأسود. ويعيش هذا القرد في الغابات الصنوبرية دائمة الخضرة والتي تتكون أساسًا من البلوط دائم الخضرة والصنوبر والنباتات الوردية, حيث يعيش على ارتفاعات من 3000 إلى 4500 متر, وتشير الدراسات الحالية إلى أن هنالك حوالي 13 نوع من هذه القرود شبه معزولة، وتقع هذه الأنواع في جبال يونلينج جنوب شرق التيبت وشمال غرب مقاطعة يونن الصينية، وقد تم العثور على حوالي نصف تعداد هذه القرود في المحميات الطبيعية الموجود في كل من الصين والتبيت.
وتصنف القرود ذات الأنف الأفطس ضمن القائمة الحمراء في مجموعة الحيوانات المهددة بالانقراض، ويعتبر هذا القرد تحت الدرجة الأولى من الحماية في الصين، وتشير التقديرات إلى وجود حوالي 800 إلى 1200 من هذه القرود فقط في العالم الآن.
2- الكركي الياباني والنسر الفلبيني:
تعيش طيور الكركي اليابانية المهددة بالانقراض في جزيرة هوكايدو اليابانية طوال العام، حيث لا تزيد أعدادها عن 1000 طائر فقط في البرية الصينية، بينما لا تتجاوز أعدادها 2000 طائر في العالم أجمع، وهو أكبر طائر يعيش في اليابان حيث يبلغ طوله 1.5 مترا ويصل طول الجناحين إلى 2.4 متر ووزنه حوالي 10 كجم، وهو يختلف عن طيور الكركي المهاجرة التي تعيش في صحراء سيبيريا والصين وشبه الجزيرة الكورية، وقد ظهر طائر الكركي ذو التاج الأحمر منذ القدم في القصص والروايات الشعبية اليابانية القديمة، كما رسم في الكثير من الأعمال الفنية اليابانية، فهو بالنسبة لليابانيين يعتبر طائراً مميزاً ومألوفاً جداً كما أنه يحظى بمكانة خاصة في قلوب الشعب الياباني.
وقد ساد الاعتقاد لبعض الوقت بأن طائر الكركي ذي التاج الأحمر قد انقرض تماما بسبب الصيد الجائر في عصر مييجي واستصلاح الأراضي والتوسعات التي أقيمت في أماكن تواجده في الأراضي الرطبة. ولكن في عام 1924 تم اكتشاف ورؤية بعضا منها، وفي عام 1952 تم إدراجها مع موطنها تحت اسم "طيور الكركي الياباني" كمعالم طبيعية خاصة بالدولة اليابانية، وبالتوافق مع هذه التحركات ظهر كذلك متطوعون كرسوا أنفسهم للقيام بإطعامها كما نشطت مجهودات مختلفة لرعايتها وحمايتها من الانقراض.
أما النسر الفلبيني فهو معروف أيضاً بآكل القرد، وهو أحد الحيوانات المهددة بالإنقراض، ويرجع ذلك أساسا إلى خسائر جسيمة في الموائل بسبب إزالة الغابات في معظم مجموعتها ، وقتل النسر الفلبيني معاقبا بمقتضى القانون الفلبيني حيث أنه الطائر الوطني في الفلبين، ويعتبر من أكبر النسور الموجودة في العالم من حيث الطول، وقد وصل عدد أفراد النسر الفلبيني الى 500 طائر بسبب قطع الأشجار الغير قانوني، وقد كشفت بعض الدراسات أن النسر الفلبيني أيضا يأكل حيوانات مثل قطط الزباد ، كبير الثعابين ، السحالي ، والطيور حتى الكبيرة مثل ابو قرن.
3- الدب القطبي و دب الباندا الأحمر:
مع ذوبان الجليد في المحيط القطبي باتت حياة الدببة القطبية أيضاً مهددة بالانقراض، فالعدو الأول الذي يواجه الدب القطبي والبيئة التي يعيش فيها هو الاحتباس الحراري، فمع ارتفاع درجة حرارة الجو من حوله بدأ جليد القطبين في الذوبان وصارت بيئته أكثر دفئًا مما هو معتادٌ عليه، وقلت الأماكن التي تناسب حياته وتعطيه فرصة التكاثر، وبناء أجيالٍ جديدةٍ من نوعه، وإيجاد الغذاء الكافي لإطعام نفسه وصغاره، وفي بعض الأحيان تختفي الكتل الجليدية من بعض الأماكن وهو ما يجبر الدب على السباحة في المياه لوقتٍ كبيرٍ ومسافاتٍ طويلة أحيانًا تنتهي باستنزاف طاقته كلها وعجزه عن استكمال السباحة فيتوقف عن السباحة ويغرق.
ومن المعتقد أن أعدادا تقدر بين 20 و25 ألفا من الدب القطبي لا تزال تعيش في المنطقة القطبية بما في ذلك اجزاء من الاسكا وكندا وروسيا والنرويج وجرينلاند, لذلك تبذل الهيئة الأمريكية للأسماك والحياة البرية جهودا حثيثة لخفض مستويات غاز ثاني اكسيد الكربون والملوثات الأخرى في الغلاف الجوي للأرض وهي الانبعاثات الغازية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري لانقاذ الدب القطبي من الاندثار.
ودب الباندا الأحمر هو حيوان لبون مهدد بالانقراض، يعيش الآن فقط في بعض مناطق الصين، النيبال، شمال شرق الهند والبوتان، ويسمى أيضا اسم الدب-القط الأحمر، وذلك لصغر حجمه، وشكله الذي يشبه إلى حد كبير شكل القطط، بالإضافة إلى ذلك أيضاً يطلق عليه اسم الثعلب الناري (FireFox) وهو نفس اسم المتصفح الشهير Mozilla FireFox ولذلك قد يستغرب البعض أن شعار المتصفح ثعلب وليس دباً!، والسبب في ذلك أن مصمم الشعار رأى أن الدب لا يكون الصورة الصحيحة لاسم المتصفح؛ فجعل الشعار ثعلب ولكنه ثعلب ناريّ ليدل على اسم المتصفح (FireFox). ويبدأ نشاط هذا الحيوان ليلاً ،ويتغذى على الخيزران عادة -مثل دب الباندا- وكذلك يتغذى على التوت وأوراقه أو زهور القيقب وثماره أو الحشرات و الطيور والثدييات الصغيرة. وتقدر أعداد دب الباندا الأحمر بأقل من عشرة آلاف دب، فعلى الرغم من كون هذا الحيوان محمي بموجب القوانين في تلك المناطق إلا أن استمرار الصيد الجائر للحصول على فرائه وقطع الغابات أدى إلى أخذ أعداده في الانخفاض حتى أصبح مهدداً بالانقراض وتم إدراجه في القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض.
4- فرس النهر:
دخل فرس النهر في القائمة الحمراء الخاصة بالحيوانات المهددة بالانقراض، ويبدو أن هذا الخطر يتفاقم في أفريقيا وبوتيرة سريعة، فأفراس النهر التي تعيش على الحدود الواقعة بين أوغندا ورواندا، تقلص عددها بسبب اصطيادها وأكل لحمها ثم تسويق أنيابها من العاج، والآن يصل عدد أفراس النهر هناك إلى ما دون 400 فرس نهر فقط.
ويمتلك فرس النهر شهيّة صحيّة وخاصّة للأعشاب، حيث يأكل البالغ حوالي 35 كجم من العشب كل ليلة، يتنقّل حتى 10 كم في الليلة ليحصل على كفايته، بالرغم من أن فرس النهر يتحرك بخفّة في الماء، إلّا أنّه في الحقيقة لا يتقن السباحة، وهو حيوان عدائيّ ويُعتبر خطيرًا جدًا، لديه أنياب كبيرة يستخدمها لمقاتلة ما يُهدده حتى البشر، وعلى الرغم من أنّه اعتُقِد لفترة طويلة بأن فرس النهر حيوان عاشب فحسب، وجدت دراسة عام 2015 أن فرس النهر يتغذّى على جثث الحيوانات في بعض الأحيان، بما فيها جثث أفراس النهر الأخرى.
5- سلحفاة الغابة الآسيوية وسلحفاة منقار الصقر:
تعرف أيضا هذه السلحفاة باسم السلحفاة البنية الآسيوية وهي تعيش في جنوب شرق آسيا، وهي من أكبر أنواع السلاحف البرية التي تعيش في قارة آسيا، وتتعرض هذه السلحفاة لخطر الانقراض بسبب إزالة الغابات الذي يقلل من أماكن معيشتها بالإضافة إلى خطر الحيوانات المفترسة التي تقوم بإفتراس بيض هذه السلحفاة. أما سلحفاة منقار الصقر فهى سلحفاة بحرية قل تعدادها بنسبة 80% على مر الثلاث أجيال الماضية لتصل إلى 8000 سلحفاة، ويهدد هذا النوع من الحيوانات بسبب تجارة الصدف، حيث تم بيع ملايين من صدف السلاحف على مر الـ 100 عام الماضية، إضافة لصيدها للحومها وبيضها، كما أن منحدرات الأنديز في كولومبيا قد كثرت فيها عملية التشجير وقطع الأشجار في الغابات، فباتت سلحفاة الغابة معرضة للانقراض بعد تهديد بيئتها.
6- الثعلب الطائر وثعلب البحر:
هذا الثعلب معروف أيضا باسم خفاش الفاكهة وهي من أكبر الخفافيش في العالم، يعيش الثعلب الطائر في المناطق المدارية وشبه الإستوائية في آسيا، أستراليا، شرق أفريقيا وعدد من الجزر المحيطة في المحيط الهندي والهادئ، دخل الثعلب الطائر في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض نتيجة الصيد البشري من أجل تناول لحومه وإزالة الغابات وتعرضه للافتراس من الحيوانات المفترسة التي دخلت في نطاق معيشته وعلى الرغم من إصدار عدد من الدول قوانين لمنع التجارة في الثعلب الطيار إلا أن التجارة المشروعة مازالت مستمرة الأمر الذي يؤدي إلى التناقص المستمر في أعداده. أما ثعالب البحر فهى من الكائنات البحرية التى تعيش شمال المحيط الهادي ويطفو على الظهر، ويبدو ضاحكًا معظم الوقت، وتسببت تجارة الفراء فى تهديده بالانقراض، حيث لم يبقى منه سوى حوالى 2000 وكان يقدر عدده عام 1911 بـ 300 ألف.
7- الغوريلا الجبلي:
يهدد الإنسان هذا النوع من الحيوانات بعدة طرق، وأهمها الصيد من أجل لحومها أو الحصول على تذكارات غريبة لبيعها في الخارج، والمواجهات المباشرة في المناطق الزراعية والأشجار، وبالرغم من توجه السياح لمشاهدته، إلا أن عدداً كبيراً من هذا النوع يصاب بالعدوى من الأمراض التي يحملها الإنسان، ويقارب عدد الغوريلا الجبلي الموجود بالطبيعة 700 فقط، وتعيش الغوريلا الجبلية في مناطق الغابات في وسط أفريقيا.
8- قرد الليمور:
قرود الليمور هى من أنواع القردة التي تنتمي إلى جزيرة مدغشقر، وقد دخل قرد الليمور الى قائمة الحيوانات المهددة بالإنقراض بسبب إزالة الغابات التي يسكنها والصيد من أجل بيعه في تجارة الحيوانات الأليفة الغريبة، وجميع أنواع الليمور مدرجة ضمن قائمة خطر الانقراض، ولذلك تم حظر التجارة في هذا النوع من القرود، وبسبب الظروف الأجتماعية والأقتصادية الصعبة في مدغشقر فإن البشر يتوسعون في الأراضي الزراعية على حساب الغابات التي تعيش فيها قرود الليمور مما يزيد من خطر تعرضها للإنقراض .
ختاما.. منذ عام 1900 انخفضت أعداد الحيوانات في كوكب الأرض بنسبة تصل إلى 80?، وهذا أقرب للإبادة البيولوجية، مما يجعل عواقب الأمر في شدة الخطورة، فالأسود كانت تجوب أنحاء أفريقيا وجنوب أوروبا والشرق الأوسط، وصولا إلى شمال غربي الهند، أما اليوم، فنجد أقل من 25 ألف أسد متبقي في البرية، وهذا انخفاض عما يقدر بـ400 ألف في 1950، وما ينطبق على الأسود ينطبق على الكثير والكثير من الحيوانات، من بينها تلك القائمة التي إستعرضناها خلال هذا العدد والعدد الماضي من مجلة مصر المحروسة.
وبهدف حماية هذه الحيوانات من الانقراض فإن ثمة مشروعات علمية وبحثية بدأ العمل عليها منذ مدة ليست بالقصيرة، أهمها في بريطانيا؛ حيث تم إنشاء بنك للأنسجة لتخزين المواد الوراثية لآلاف الحيوانات المهددة بالانقراض؛ وسيقوم البنك بالحفاظ على شفرات الحياة لهذه الحيوانات حتى بعد انقراضها, ويحظى هذا المشروع بدعم كل من متحف التاريخ الطبيعي وجمعية علوم الحيوان في لندن وجامعة نوتنجهام.
بالإضافة إلى ذلك فإن بعض الدول والمنظمات الدولية قد سعت إلى التوسع في حماية المحميات الطبيعية، وهي مناطق جغرافية تؤمن لها الحكومة الحماية والدعم، وقد بدأت تظهر مع بدايات القرن العشرين ولها أهمية كبيرة في الحفاظ على الأنواع والتنوع الحيوي, وقد كانت حديقة يلوستون القومية في الولايات المتحدة الأمريكية أول حديقة قومية في العالم.
وهناك اليوم في مختلف أنحاء العالم، مناطق ريفية أفردت كمحميات للحياة البرية. فالنباتات والحيوانات في هذه المناطق محمية قدر الإمكان من القناصة الآدميين وهواة التجميع، كما يحظر على المستثمرين وشركات البناء الاستثمار والبناء فيها؛ كــل هذه الجهود على أمل الحفاظ على جيراننا من الكائنات الحية التي تشاركنا الحياة على هذا الكوكب.