القاهرة 22 يناير 2019 الساعة 09:12 ص
كتبت سماح عبد السلام
مغامرة جديدة تخوضها الفنانة التشكيلية نجاة فاروق فى تجربتها الفنية الجديدة بعنوان "أسرار مؤجلة"، التى استضافها جاليرى الجريك كامبس بالجامعة الأمريكية ربما ذهبت صوبها من منطلق إيمانها بمقولة الفن ما هو إلا مغامرة!.
فبعد نجاح سلسلة معارض قدمتها فى السنوات السابقة عن الطفولة وألعاب الصبا والمناطق الشعبية، تلك الثيمات التى تحمل نوعاً من النوستالجيا، فدائما ما تجد مكانها فى الماضى حيث البراءة بدون مسئولية عندما يوجد كل ما هو حبيب، الماضى ساحر و له الأثر فى النفس إذ يوفر الطمأنينة، وربما كان ذلك دافعاً لكى تنطلق نجاة فاروق لتجربة فنية جديدة تبحث وتنقب من خلالها فى تراثنا المصرى القديم ومن خلالها تكشف عن بعض الأسرار المؤجلة.
وقد حمل معرضها الجديد اسم "أسرار مؤجلة .. عودة مؤجلة"، دفعها لتقديمه رؤيتها بأن الفن هو شئ سرى غامض هو أصل الروح .....هو ينقل الخبرة الماضية بالمشاعر و الأفكار الحاضرة ويجعلها محسوسة، الماضى ملئ بكل ماهو حبيب عندما نتصفح الكتب ونقرأ عن الحضارة المصرية القديمة نجدها موجوده إلى الآن فى عاداتنا المصرية اليومية..
ساهم فى تعميق تجربتها الجديدة المخزون الكبير لزيارات عديدة سنويا إلى الأقصر، ومن ثم استلهمت فكرة المعرض من الجداريات مثل حاملة القرابين و إلهة الحكمة تحوت والنائحات وطائر الانبا المعبرة عن عقيدة العالم الآخر للمصريين فى ذلك الوقت وعن آمالهم ومخاوفهم .
النائحات وبحد وصفها: هن النساء اللاتى كن يُدفع لهن ليتم اصطحابهم فى موكب الجنائز عقب التحنيط، وكن يقمن بتقديم رقصة ما ويبدأ فى البكاء والصراخ بصوت عال وكان يتم إلبساهم بالأبيض أو الأزرق، وأجدها عادة ما زالت مستمرة إلى الآن فى عاداتنا المصرية فى طريقة التعبير عن الحزن، وعندما سافرت إلى بلدتى وجدت بعض هذه الطقوس عندما قمنا بدفن أبى بمقابرنا قبل عامين، هناك مشاهد تراها وتسكن بداخلك الفن هو الوسيلة الملائمة للتعبير بحرية عن الألم.
أما عن حاملة القرابين فتقول: تقديم القرابين فى الحضارة القديمة يرجع سببها إلى الخوف من غضب الطبيعة للتقرب للألهة بالقرابين، ويتم تقديمه ضمن القرابين الجنائزية التى تقدم على الموائد أمام المقابر، وهى عادة موجودة حتى الآن فى المقابر مثل تقديم المخبوزات.
وقد تفاعل كثير من التشكيليين مع التراث الفرعونى، ولكل فنان بصمة بالطبع تختلف عن قرينه هنا نجد حالة توحد بين الفنانة بملامحها وبألوانها التى تفضلها وتعبر عنها، فخطوطها دقيقة مهتمه بالتفاصيل من حيث الحلى والشعر والزخارف على الأقمشة بطريقتها الخاصة التى تميز أسلوبها.
من خلال قراءات عديدة رأت نجاة فاروق أن شغل المصرى الشاغل كان حياته الثانية بعد حياته الأولى بأن يعمل على حفظ جسده وإيمانه بالخلود و البعث للحياة الأخرى وعودة روحه، كان يعيش حياته الأولى ويجهز لحياته فى السماء، ودائما هناك أسرار يؤجلها وثمة طقوس وشعائر سحرية تُقام لضمان أن تأوى روح الميت للتمثال الذى يُنحت، وتُرسم الجدرايات بعناية أيضا لهذا السبب. ومن هنا قامت بتنفيذ محتوى معرضها فى نهاية عام 2018 لتستهل بداية جديدة مع أسرار المصرى القديم المؤجلة.