القاهرة 13 يناير 2019 الساعة 06:25 م
كتبت: سماح عبد السلام
مغامرة جديدة تخوضها الفنانة التشكيلية نجاة فاروق فى تجربتها الفنية الجديدة بعنوان "أسرار مؤجلة"، التى استضافها جاليرى الجريك كامبس بالجامعة الأمريكية، ربما ذهبت صوبها من منطلق إيمانها بمقولة الفن ما هو إلا مغامرة!.
فبعد نجاح سلسلة معارض قدمتها فى السنوات السابقة عن الطفولة وألعاب الصبا والمناطق الشعبية، تلك الثيمات التى تحمل نوعاً من النوستالجيا، فدائما ما تجد مكانها فى الماضى حيث البراءة بدون مسئولية عندما يوجد كل ما هو حبيب، الماضى ساحر و له أثره فى النفس إذ يوفر الطمأنينة، وربما كان ذلك دافعاً لكى تنطلق نجاة فاروق لتجربة فنية جديدة تبحث وتنقب من خلالها فى تراثنا المصرى القديم ومن خلالها تكشف عن بعض الأسرار المؤجلة.
فقد حمل معرضها الجديد اسم "أسرار مؤجلة .. عودة مؤجلة"، دفعها لتقديمه رؤيتها أن الفن هو شئ سرى غامض وهو أصل الروح؛ حيث هو ينقل الخبرة الماضية بالمشاعر و الأفكار الحاضرة ويجعلها محسوسة. الماضى مليء بكل ماهو حبيب عندما نتصفح الكتب و نقرأ عن الحضارة المصرية القديمة نجدها موجوده إلى الآن فى عاداتنا المصرية اليومية..
ساهم فى تعميق تجربتها الجديدة المخزون الكبير لزيارات عديدة سنوية إلى الأقصر. ومن ثم استلهمت فكرة المعرض من الجداريات، مثل حاملة القرابين و إله الحكمة تحوت والنائحات وطائر الانبا المعبرة عن عقيدة العالم الآخر للمصريين فى ذلك الوقت و عن آمالهم و مخاوفهم .
وعن عمل النائحات قالت وبحد وصفها: هن النساء اللاتى كن يُدفع لهن ليتم اصطحابهم فى موكب الجنائز عقب التحنيط، وكن يقمن بتقديم رقصة ما ويبدءن فى البكاء والصراخ بصوت عال وكان يتم إلبساهن بالأبيض أو الأزرق، وأجدها عادة مستمرة إلى الآن فى عاداتنا المصرية فى طريقة التعبير عن الحزن، و عندما سافرت بلدتب في الريف وجدت بعض هذه الطقوس عندما قمنا بدفن أبى بمقابرنا قبل عامين، هناك مشاهد تراها وتسكن بداخلك، الفن هو الوسيلة الملائمة للتعبير بحرية عن الألم .
أما عن حاملة القرابين فتقول: تقديم القرابين فى الحضارة المصرية القديمة يرجع سببها إلى الخوف من غضب الطبيعة للتقرب للآلهة بالقرابين، ويتم تقديمه ضمن القرابين الجنائزية التى تقدم على الموائد أمام المقابر و هى عادة موجودة حتى الآن فى المقابر تقديم المخبوزات.
وقد تفاعل كثير من التشكيليين مع التراث الفرعونى ولكل فنان بصمة بالطبع تختلف عن قرينه، هنا نجد حالة توحد بين الفنانة بملامحها وبألوانها التى تفضلها وأيضا تعبر عنها، فخطوطها دقيقة مهتمة بالتفاصيل من حيث الحلى و الشعر والزخارف على الأقمشة بطريقتها الخاصة التى تميز أسلوبها.
من خلال قراءات عديدة رأت نجاة فاروق أن شغل المصرى الشاغل كان حياته الثانية بعد حياته الأولى، بأن يعمل على حفظ جسده وإيمانه بالخلود والبعث للحياة الاخرى وعودة روحه، كان يعيش حياته الأولى ويجهز لحياته فى السماء ودائما هناك أسرار يؤجلها وثمة طقوس وشعائر سحرية تُقام لضمان أن تأوى روح الميت للتمثال الذى يُنحت، وتُرسم الجدرايات بعناية أيضا لهذا السبب.
ومن هنا قامت بتنفيذ محتوى معرضها فى نهاية عام 2018 لتستهل بداية جديدة مع أسرار المصرى القديم المؤجلة.