القاهرة 25 ديسمبر 2018 الساعة 02:52 م
كتب : صلاح صيام
فى كتابه الجديد يقدم لنا الكاتب والمؤرخ محمود قاسم بالصوت والصورة حقبة زمنية لم نعشها "أو معظمنا" وربما ساعده على ذلك أن مصر من أكثر الدول التي مر عليها حكام تظهر صورتهم السينما في أكثر من عمل.
"حكام مصر والسينما" الصادر حديثًا ضمن سلسلة "كتاب اليوم", يشرح فيه "قاسم" علاقة السينما بالحكام على مر العصور، بدءًا من صلاح الدين الأيوبى مرورًا بالحقبة الملكية وحتى عصر مبارك، ويستعرض كيف قدمت السينما صورة الحاكم من خلالها, ويشير إلى أن السينما لعبت دورًا مهمًا في التعامل مع الحكام، وتباينت الرؤى من عصر لآخر حسب علاقة الفنان بالحاكم، سواءً وهو على قيد الحياة أو بعد رحيله.
كان العام المنصرم مناسبة للاحتفال بالذكرى المئوية الأولي لميلاد اثنين من رؤساء مصر في حكومات ثورة يوليو, واللطيف أن هذين الرئيسين كانت لهما علاقة قوية بفن السينما من زوايا متعددة, ولاسيما أن المخرجين قدموا عن مسيرة كل منهما أفلاما كانت دوما مثيرة للجدل, بالإضافة أن أفلام السينما المصرية الروائية كانت محط اهتمام ملحوظ من حكام مصر في القرن العشرين .
وحول العلاقة بين الطرفين : الحاكم والسينما قدم " قاسم " دراسته التي رصد فيها صورة الحاكم السياسي في الأفلام, وكانت الدراسة الأولى حول تجربة يوسف شاهين في تقديم أبرز حكام مصر في كافة العصور في أفلامه, ومنها الفرعون ذاته في فيلم" المهاجر" وهو أول فيلم مستوحى من التاريخ الفرعوني, كما قدم الانتصارات العسكرية التي حققها صلاح الدين الأيوبي في فيلم" الناصر صلاح الدين", وحول التحولات السياسية في عهد الثورة قدم تجربة بناء السد العالي في فيلمين هما " النيل والحياة " و" الناس والنيل", وكان شاهين هو أول مخرج يقدم خطاب التنحي الذي ألقاه في يوم التاسع من يونيه 1967, في فيلمه "العصفور", وفتح بذلك لتلاميذه فرصة تصوير الخطاب في الكثير من الأفلام.
وتتبع المؤلف في كتابه عن حكام مصر والسينما الصورة التي تم فيها تصوير أبناء وأحفاد محمد علي باشا في الأفلام, وقد توقف عند الاستعراض الغنائي الذي قدمته أسمهان باسم"مواكب العز" في فيلم "غرام وانتقام" ليصور كيف أحب السينمائيون الملك فاروق سينمائيا فغنى الفنانون من أجله في الكثير من الأفلام منها :" أحلامهم" 1945, و"ليلي بنت الفقراء" في نفس العام, و" قلبي وسيفي" عام 1947, إلا أن ثورة يوليو قامت بطمس كافة إنجازات أسرة محمد علي, وصورت الخديو اسماعيل على أنه حاكم فاسد كان مهووسا بالنساء, مثلما رأينا في فيلم" ألمظ وعبده الحامولي" .
وفي عهد عبد الناصر تم طمس حقيقة أن اللواء محمد نجيب هو قائد الثورة . وذلك في افلام :" رد قلبي" , و" الله معنا" , وقد حاول محمد فاضل تقديم عبد الناصر كبطل قومي في فيلم" ناصر 56" وكذلك فعل السوري أنور قوادري في فيلم"جمال عبد الناصر" .
ومثلما فعل عهد عبد الناصر مع الملك فاروق, فإن ثورة التصحيح عند أنور السادات, صورت سنوات عبد الناصر على أنها زمن القهر والطغيان, وقام محمد خان بتقديم فيلم " أيام السادات " الذي يصوره كبطل للحرب والسلام .
وبعد يناير 2011, فتح السينمائيون أبواب الثلاثين عاما التي حكمها مبارك وأن عصره كان للفاسدين, رغم أن مبارك هو الحاكم المصري الوحيد الذي شاهد نهاية حكمه في السينما من خلال أفلام مثل "الديكتاتور" و" ظاظا رئيس جمهورية ".
وينتوي محمود قاسم تقديم كتاب جديد عن الملك فاروق في الأفلام, مع نشر النصوص الكاملة للأغنيات التي غناها الفنانون في أفلام كثيرة لتحية الملك فاروق, وهو تاريخ مطموس.