القاهرة 28 يونيو 2012 الساعة 11:29 ص
كتب/ د.مينا بديع عبد الملك:كلية الهندسةـ جامعة الإسكندرية تراث الأدب القبطي يعد من أهم مظاهر الحضارة القبطية, وكان له التأثير المباشر في تمسك الكنيسة القبطية العريقة بعقيدتها الأرثوذكسية( أي المستقيمة الرأي).
وفي تكريمها وتقديرها لقديسيها من الشهداء وآباء الكنيسة الأولين ورموز الرهبنة القبطية. والأعمال الأدبية المؤلفة أصلا باللغة القبطية تشمل سير الشهداء والقديسين, وأقوال الآباء والمواعظ والرسائل والقوانين والقصص والشعر, وهذا الأدب مدون علي صفحات كتب من البردي والورق, والقليل منه مدون علي شقافات( وهي كسر الفخار).
وعلماء القبطيات يقسمون كتابات الأدب القبطي إلي قسمين:
الأول يضم مؤلفين مصريين مثل القديس أثناسيوس, والقديس أنطونيوس, والقديس باخوم, والأنبا شنودة رئيس المتوحدين حتي اقلاديوس بك لبيب,
والقسم الثاني يضم مؤلفين غير مصريين مثل القديس إكليمنضس أسقف روما والقديس أغناطيوس أسقف أنطاكية, ثم آباء العصر الذهبي(325 ـ451 م) أي من تاريخ انعقاد مجمع نيقية إلي مجمع خلقيدونية, وهم الآباء الكبادوك مثل القديس باسيليوس أسقف قيصرية, والآباء الأنطاكيون والسريانيون مثل مار آفرام السرياني, والقديس كيرلس الأورشليمي, والقديس يوحنا ذهبي الفم.
وبمناسبة ذكري ميلاد السيد المسيح أقدم نموذجا لكتابات القديس مار آفرام السرياني الذي ولد في نصيبين وحضر مجمع نيقية مع معلمه القديس يعقوب أسقف نصيبين ويقال أنه زار مصر وعاش بين رهبان وادي النطرون, عندما تحدث عن الملائكة والرعاة المرتبطين بحادثة ميلاد السيد المسيح قال:( اليوم ينزل الملائكة ليسبحوا تسبيحة جديدة علي الأرض. ويبتهجوا مع الحراس الساهرين( أي الرعاة), الرعاة الساهرون صاروا زملاء للملائكة. كان الملائكة المتيقظون مبتهجين, فأتوا لإيقاظنا. فمن ذا الذي يقضي هذه الليلة في نعاس! وفيم كان كل العالم ساهرا! من ذا الذي ينام في هذه الليلة التي أيقظت كل المخلوقات؟ فحيث أن آدم جلب إلي العالم نعاس الموت بالخطايا لذلك نزل الملائكة لإيقاظنا من نوم الخطية فلنسهر, والذي لايسهر بفرح ليس سهره سوي نوم! والذي لايسهر في طهارة, فإن سهره سوف يكون عدوا له. ثم كان هناك أيضا في حادث الميلاد مجوس ونجم, فكتب يقول: كان الكتبة يقرأون يوميا أن كوكبا يشرق من يعقوب, لهؤلاء الناس كان الصوت وكانت القراءة, ولنا نحن الأمم كان ظهور النجم وتفسير النبوءة. لهم كانت الأسفار, ولنا الواقع, لهم الأغصان ولنا الثمار. قرأ الكتبة عن أمور كتبت, ورأي المجوس أمورا حدثت. فاق نورها ماقد كتب. مبارك الذي أضاف إلينا أسفارهم. النجم الذي ورد في الكتاب, رأته الشعوب من بعيد, حتي يخجل الشعب الذي هو قريب, أيها الشعب المتعلم المنتفخ, الذي رجع بدوره فتعلم من الشعوب: كيف وأين رأوا تلك الرؤيا التي تكلم عنها بلعام؟ المجوس مجدوا من بعيد, والكتبة تمرمروا من قريب. النبي أشعياء بين رسالته وهيرودس بين غضبه. الكتبة أظهروا تعاليمهم, والمجوس أظهروا تقدماتهم( أي هداياهم) إنه عجيب بالنسبة إلي هذا الطفل أن أهل بيته أسرعوا إليه بسيوفهم, أما الغرباء فأسرعوا بعطاياهم. نجم غير طبيعي أشرق فجأة, أقل من الشمس, وأعظم من الشمس, أقل منها في نورها الظاهري, وأعظم منها في قوته المخفاة بسبب سرها القي أشعته علي الظلام, وقاد المجوس كالعميان, فجاءوا وتقبلوا نورا عظيما, وسجدوا ورجعوا. حملق الطاغية( هيرودس) في المجوس عندما سألوا عن المولود, وبينما كان قلبه متكدرا تظاهر بالبهجة ومع الحملان أرسل ذئابا لكي يقتلوا الحمل. احتقر اليهود طبلة أشعياء النبي التي جلجلت بالحبل الطاهر, وأسكتوا عود المزامير الذي غني بكهنوته, كما أسكتوا أيضا قيثارة الروح التي غنت بملكوته, وفي صمت عميق سدوا علي الميلاد العظيم. فإذا بالأصوات من العلو, قد تشابكت مع الأصوات من أسفل, مبارك الذي ظهر في وسط الصمت.
وهكذا في أسلوب أدبي راق جدا سجل لنا القديس مار آفرام السرياني خواطره عن مولود بيت لحم. ومن التقاليد الرهبانية التي تسلمها الآباء الرهبان من الرهبان الأولين أنه في يوم العيد يجتمع مجمع رهبان الدير مع رئيس الدير في قاعة الضيافة بالدير في الصباح الباكر لتبادل التهاني ويستمعون إلي مايقرأه عليهم رئيس الدير من كتابات الآباء الأولين طبقا لمناسبة العيد.
|