القاهرة 13 مارس 2018 الساعة 11:13 ص
يبدأ الكاتب رحلته بمقولة للكواكبي حين يعاتب الزمن الذي مّن برجال يستحثون الناس، ثم يليها بأخرى لتولستوي يبث فيها حزنه على رجال قتلوا فى ثورة وهم يظنون أنهم يدافعون عنها.
ومابين العتب والحزن كانت رحلة البحث عن أرث عائلة المطعني
تتناول الرواية كل المراحل التاريخية من بعد ثورة 1919 وحتى ثورة 25 يناير مرورا بأحداث عربية فيصلية يختار الكاتب أن يكون مفتتحها ويطلقها من سوسيولجيا الحياة السكندرية مع توسيع أفق الصورة المشهدية من خلال الوصف الدقيق للمكان، وتفاصيل الحدث فتبرز القيمة الفنية والدلالية التي خلقها هذا التشكيل المكاني، فكان الانطباع الأول بواقعية الأحداث ومعايشتها.
خارطة للإسكندرية بهذا الوصف الدقيق للشوارع والأزقة وذكر أسمائها وكيفية رصد وتوظيف ما استعصى على النسيان فبالرغم من أن الذاكرة قد توحي بنسيان مافارقه الحاضر إلا أن تلك الذاكرة تبدو في حالة السرد الروائي رحما دافئا لكل تفصيلة وحدث إضافة إلى ذاكرة الحواس
تلاوة القرآن- انهمار الماء- فرقعة الأواني وغيرها
وصف الشيء كما قال عنه "ميشال بوتور" إن الأثاث في الرواية لا يلعب دوراً شعرياً اقتراحياً فحسب، بل هو يأخذ دوراً إيحائياً مهماً. ذلك أن هذه الأشياء مرتبطة بوجودنا أكثر مما نعترف.
ثم كانت شخصيات الرواية من خلال وقفٍ فُقِد أو زُوّر وتم الاحتيال على مستحقيه فمُزق فأدى التنازل عن الحق المادي إلى التنازل عن حقوقٍ أخرى.
كانت العبارة القاطعة " إن لم نلحق شجرة المطعني فسيلتهم ثمارها الغرباء"
إنها قضية هوية وتفتيت وطن وسلب خيراته اختزلت في قضية وقفٍ وإرث
ثم تأتي شخصيات الرواية التي تتقابل فكرا وسلوكا في رمزية أكبر من وجودها الروائي المطعني، الشيخ حسن وردي، مكايد حتحتوت، تلك الشخصية الرمزية لرجل الدين الذي يسلب من الدين روحه، ولا يحفظ القرآن والأحاديث،
وربما كانت المرجعية الصوفية والحديث عن الموت بحب وعفوية في بعض الحوارات، واستخدام المعجم الصوفي يسيطران على البناء السردي والدلالي للرواية للتأكيد هذه تلك القيمة التي نزعها حتحتوت وغيره ألا وهي السمو بالروح وطهرها وتلك روح الإسلام
كانت الإشارة لأن التاريخ الإنساني يعيد نفسه إذا اتكأ على نفس الايدولوجيا حيث الأئمة الذين تتابعوا على مسجد "على تمراز"
الوجود الباهت للعنصر النسائي في الرواية كان مناسبًا للصراع القائم في إخفاء مكايد لحق النساء في التركة لحرمانهن من حقهن، فبدا الغياب الدرامي مؤازرا لذلك الغياب المتعمد.
وتطل ذاكرة الكاتب الإبداعية لتبرر لنا نشأة جماعة الإخوان بالتزامن مع عمل تبشيري للمذهب البروتستانتي
وعلى سبيل ذكر الإرث والصراع تتطرق الرواية إلى توريث "معاوية" لابنه "يزيد" الحكم مما تسبب في نكبات كثيرة ثم الصراع بين السلطة وجماعة الإخوان ومقتل حسن البنا والنقراشي ثم ذلك الإرث الثقيل الذي تركه عبد الناصر للسادات .
ثم كانت أحداث ما قبل ثورة 25 يناير في سرد وثائقي محايد تؤرخ لها الرواية
إن رمزية قضية الإرث التي تناولتها الرواية قضية أمة ووطن يحمل إرثا من الثروات و الهزائم والأوجاع
فخسر الخيرات ولم يرث إلا الخيبات بتواطؤ أبنائه
ورثة عائلة المطعني رواية ثرية تحمل أحداث فيصلية في تاريخ الوطن يخرج بها محمد جبريل من الأسطوغرافيا فيجعل من التاريخ صنعة أدبية ممتعة
فيحقق ماقاله "جاك دريدا" إن التاريخ ليس شكلاً تخييليّاً أقل من الرواية"