القاهرة 03 يناير 2018 الساعة 10:50 م
د. رمضان سيف الدين
يُعدُّ مؤتمر أدباء مصر، الذي عقد في الفترة من 15 حتى 18 ديسمبر فى منطقة شرم الشيخ، واحدا من المواسم الثقافية التى تطل على المبدعين المصريين كل عام.
وفى هذه المرة عُقد المؤتمر فى ظروف غير عادية (محاربة الارهاب )وكان ذلك واضحا في توصياته الختامية، وهى التوصيات التي أقرتها الأمانة العامة للمؤتمر وفى ظل هذه الظروف كان ينبغي على أمانة المؤتمر أن تكون أكثر وعيا بدورها التو عوى والتنويري، وأكثر انفتاحا على المجتمع الأدبي. من هذا المنظور سوف تتشكل رؤيتنا النقدية للمؤتمر، والكشف عن منهجية تحقيق دوره المنوط به، وآليات تحقيقه، من حيث مهمته وعمله في الوعي الجمعي للأدباء أو الوعي الجمعي للمجتمع ككل, فالأدباء يشكلون عقل المجتمع وصوته الواعي ومشاعره المتدفقة ؛ لذا يكون الاهتمام بمؤتمرهم من قبل المؤسسة الرسمية.
إن المقصود بالمنهج هو طريقة التفكير التى يتم بها تناول الموضوع , فالمؤتمر هو أداة من أدوات عمل الهيئة العامة لقصور الثقافة ، وهو واحد من الفعاليات الثقافية التي تهتم بتوصيل الخدمة الثقافية إلى المتلقي المعنى بها.
أما منهج عمل المؤتمر، فهو توصيل الفكرة الثقافية, وجعل الإبداع والمبدعين فى بؤرة الضوء , وإثراء الوعي الثقافي، وجعله وعيا يرتبط بقضايا المجتمع الآنية سواء أكان وعيا ثقافيا أو فنيا أو سياسيا أو اجتماعيا.
لقد عُقد المؤتمر فى وجود و حضور 300 شخصية قيادية وإدارية وبحثية وإبداعية وصحفية وإعلامية في المدينة الشبابية بشرم الشيخ تحت عنوان (التأسيس الاجتماعي للأدب )وإن كان الموضوع متأخرا أو معادا إلا أنه يتضمن حيوية الإبداع الأدبي وجوهر مصادره، فالمصدر الاجتماعي أصل المصادر الثقافية للمبدع والأديب .
وفى إطار هذا المنهج حدث نوع من الضمور الذهني لدى المؤتمرين أسفر عن الآتي:
1- أصبح الموضوع حكرا على حفنة قليلة من الأدباء دون غيرهم الذين لا يتعدون مائتي أديب على أكثر تقدير ، وعلى الآخرين المتابعة من بعيد، أو الاستنكار لتجاهلهم، أو السخرية من المؤتمر وما يتم فيه من تكرار لبعض الأسماء دون غيرها.
2ـ ضعف المتابعة الإعلامية ، وتناول الأجهزة الثقافية لهذا الحدث.
3- إن هذا اللفيف من الأدباء والمبدعين جاءوا من أرجاء مصر مختلفي الوعي والأفكار والتكوين الثقافي والتخصص ، ولا يوجد بينهم تناسق أو تكامل. وليس لدى أحدهم فكرة متناسقة مع الآخر، الذي قد يكون زميله المبدع المجاور له، فبرغم أن موضوع المؤتمر هو التأسيس الاجتماعي للأدب إلا أن إبداعهم خلا من هذه التجارب ، فكان ينبغي أن تتم مجموعة من ورش العمل التي تنتج إبداعا على هذا النسق الاجتماعي مراعين ما جاء في الأبحاث التي قُدمت في المؤتمر إلا أن المؤتمر خلا من الورش الإبداعية التي تخدم هذا الفكر، وبالتالي عاد الأدباء إلى بيوتهم دون أن يتعرفوا بشكل أكاديمي دقيق وإبداعيعلى ملامح العنوان الرئيس للمؤتمر(التأسيس الاجتماعي)، بل لم يتعرفوا على ملامح تجاربهم الشخصية، ونظرتهم لما هو اجتماعي .
4- لم يكن هناك هامش للمؤتمر بعد أمسياته الشعرية، هامش لتناول الرأي أو الحوار حول بعض القضايا في موائد مستديرة.
5- كان يمكن الاستفادة من المؤتمر فى دعوة العديد من دور النشر للإطلاع على بعض الأعمال الإبداعية وتناولها بالنشر والنقد وإتاحة الفرص لها للطبع.
6- إن إيجاد حوار ما بين دور النشر والباحثين والمبدعين هو جزء من حوار ثقافى اقتصادى ييسر عملية النشر الثقافى ويجدد الدماء الاقتصادية في الساحة الثقافية والإبداعية، فعملية النشر الثقافى تخضع للاجتهاد الفردى ولا ضوابط قانونية تحكمها ولا شفافية فيها ما بين دور النشر والمبدعين.
7- من العبث أن يظل المؤتمر كل عام يدعو 200 أو يزيد من الأدباء بينما يمكن أن يكون المؤتمر سنويا في جميع أرجاء المحافظات في وقت واحد، 28 محافظة بحضور كل أدباء المحافظة، كل في محافظته، مما يقلل التكلفة، ويزيد من فرص التفاهم بين المبدعين وينشر الفكرة بشكل أوسع في المجتمع .