القاهرة 28 نوفمبر 2017 الساعة 10:37 ص
بقلم: محمد زين العابدين
لا زال حديث الأشجار متصلاً بيننا حيث نستكمل رحلتنا معه فى هذه الحلقة بين حفيف أوراقه و عطر أزهاره وشموخه الباسق حيث نسرد لكم فى هذه الجولة غيض من فيض عن منافعه التى لا تعد ولا تحصى والتى ذكرنا لكم بعضها فى الحلقة الماضية:-
*الأشجار ثروة هائلة كغذاء ودواء:
لا زال حديث الأشجار متصلاً بيننا حيث نستكمل رحلتنا معه فى هذه الحلقة بين حفيف أوراقه و عطر أزهاره وشموخه الباسق حيث نسرد لكم فى هذه الجولة غيض من فيض عن منافعه التى لا تعد ولا تحصى والتى ذكرنا لكم بعضها فى الحلقة الماضية:-
*الأشجار كمصدر للغذاء: فضلاً عن التنوع الهائل فى أشجار الفاكهة المثمرة وغيرها من أنواع الأشجار التى تستخدم ثمارها فى الغذاء بشكل أو بآخر،فإننا نذكر لكم بعض أنواع الأشجار غير التقليدية أو غير المشهورة والتى تستخدم بعض أجزائها كمصادر للحصول على أغذية معينة ويكفى أن أوراق الأشجار وحدها تعد من أكثر المصادر النباتية استعمالاً فى التغذية وفى أنواع المأكولات المختلفة،فمنها ما يستخدم فى عمل الحساء و منها ما يدخل فى عمل اليخنى ومنها ما يستخدم كتوابل لإضفاء نكهة خاصة على المأكولات.
كما أن بذور وثمار الكثير من الأشجار تستخدم فى الغذاء وتتميز ثمار الجوزيات باحتوائها على نسبة عالية من السعرات الحرارية والزيوت والدهون والبروتينات ويكفينا أن نستعرض الفوائد الغذائية لمجموعة واحدة من الأشجار وهى مجموعة أشجار النخيل بتنوعها الهائل وتعدد منافعها الغذائية الرائعة،ومنها نخيل جوز الهند ونخيل الزيت ونخيل الباباظ ،فثمار جوز الهند يتم استهلاك آلاف الملايين منها كغذاء سنوياً .
ويمثل زيت جوز الهند % 7من مجموع الاستهلاك العالمى من الدهون ويتم جمع ثمار جوز الهند إما بتسلق الإنسان للنخلة أو بطريقة أخرى طريفة وهى تدريب القرود خصوصاً قرود المكاى على جمع الثمار ثم إلقائها فى شباك تنصب أسفل الأشجار ويعتبر نخيل جوز الهند مصدر رزق لملايين البشر فى المناطق الإستوائية خاصة شرق آسيا حيث يتم عرض ثماره للبيع للاستهلاك الطازج أو فى الصناعات الغذائية وفى إعداد الأدوية،وتستخدم القمة النامية لبعض أنواع النخيل وكذلك بعض محتوى النوى فى صناعة نوع من الدقيق كما فى نخيل الساجو Sago والذى يعرف بنخيل الخبز .
ويعتبر الغذاء الرئيسى للكثير من سكان العالم حيث يعتبر نشا الساجو وجبة مغذية إذا ما تم تناوله مع السمك أو اللحوم وبعض الخضر وهو من الأغذية التى تمد الجسم بطاقة عالية،هناك أيضاً نخيل الزيت والذى يستخرج منه زيت النخيل وينتج بشكل أساسى من نخيل الزيت الأفريقى،وهناك ثمار البلوط فهى تؤكل فى بعض البلاد العربية وتعرف فى الشام بالدوام وفى العراق بالعفصينج وفى مصر ببلح الفؤاد وهى ذات شهرة فى الطب الشعبى حيث تدخل فى تحويجة مشروب المغات الذى يقدم فى سبوع المواليد وهى ذات قيمة غذائية كبيرة وفى بعض البلاد العربية يتم شيها على الجمر مثل أبى فروة كما يمكن أكلها مسلوقة كما يمكن تحميصها وشرب مغليها كالقهوة وتنضج هذه الثمار اللذيذة فى فصل الخريف حيث تكتسب الطعم الحلو وبالطبع ثمار نخيل الدوم
شائعة الاستعمال كثمار لذيذة كما أن لمنقوع ثمار الدوم المشروب الصيفى المنعش العديد من الفوائد الطبية يأتى على رأسها ضبط ضغط الدم،أما نخيل بالميرا والذى يعرف بنخيل الدوليب فيعتبر المحلول السكرى المنتج من شماريخه الزهرية المذكرة من أهم مشتقاته حيث يستعمل فى صناعة السكر والنبيذ ويستعمل لب ثماره البرتقالية الناضجة بعد استبعاد الألياف منه كعجينة يتم خلطها بالدقيق وخبزها أو تخفيفها بالماء وتستعمل كشراب كما تؤكل ثماره وبادراته طازجة،أيضاً من أشجار النخيل التى تستخدم كمصادر للسكر نوع يعرف بنخيل الأرنجا الإنجليزى موطنه تايوان وهو يعطى سيقان متعددة يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار ويعتبرمن أهم الأنواع المنتجة السكر.
هناك أيضاً نخيل العسل والذى يقتصر وجوده حالياً على الساحل الباسيفيكى لدولة شيلى،وقد يرجع السبب فى تراجع تعداده لكثرة قطع القمم النامية لأشجاره للحصول على العسل وعمل النبيذ منها،بالإضافة لاستعمال سيقانه و أوراقه فى بناء الأكواخ و بذرة نخيل العسل تشبه جوز الهند ولكنها صغيرة و يمكن استعمالها كغذاء كما يستخرج منها زيت نباتى ويبدأ إزهار نخلة العسل بعد حوالى 60 سنة من زراعتها! وطوال هذه الفترة تكون قد تركزت في ساقها نسبة كبيرة من السكر يمكن الحصول عليه فى صورة عصير سكرى يطلق عليه العسل.
*الأشجار كمصدر للدواء : لا يزال معظم سكان العالم يعتمدون حتى اليوم على الأدوية الطبيعية بل إن المنتجات الطبيعية تمثل المصدر الوحيد للدواء بالنسبة لما بين 75– 90 % من مجموع سكان البلدان النامية وتستخرج الغالبية العظمى من الأدوية الطبيعية المصدر من الأشجار وتؤدى الأشجار أيضاً دوراً وقائياً فى مجال الرعاية الصحية فمادة الكينين التى تستخدم فى علاج مرض الملاريا الخطير تستخرج من بعض أصناف شجرة الكينا ويحتوى قلف شجرة البلوط على مواد طبية نافعة مثل الكويرسترون التى توجد فى قلف البلوط الأصفر
وتفيد المواد المستخرجة من البلوط فى عمل غسول قابض ومطهر للجروح كما تدخل فى تحضير مضمضة للأسنان لقبض اللثة بعد خلع الأسنان وينصح باستخدام لحاء البلوط في كثير من الوصفات الطبية فيستخدم مغلي القشور(اللحاء) كدش مهبلي لعلاج آلام الحيض لدى النساء ويستخدم كشراب لوقف النزيف الداخلي وكعلاج للدوالى والبواسير،وتوجد فى جزيرة سوقطرة اليمنية شجرة تاريخية ترتبط بأسطورة وهى شجرة"دم الأخوين"وتعود قيمتها الكبيرة إلى أنه تستخرج منها مواد طبية نافعة جداً
حيث يستخرج من لحائها مادة صمغية راتنجية والمادة الفعالة فيها تسمى"دراكو" و تصل نسبتها في الشجرة إلى 55 % وقد استخدمت قديماً في علاج الجروح والتقرحات وتقوية الجهاز الهضى وقد ذكرها أهم أطباء العرب القدامى وعلى رأسهم ابن سينا و فى الوقت الحاضر تدخل فى العقاقير المستخدمة لعلاج تشققات المعدة و إيقاف النزيف الداخلي في أي مكان داخل الجسد كما تدخل في معاجين الأسنان كمادة قابضة ومطهرة للثة.
أما اسم الشجرة"دم الأخوين" فيعود إلى الأسطورة التي تتناقلها الأجيال فى اليمن والتي تحكي قصة أول قطرة دم سالت فى تاريخ البشرية بين الأخوين قابيل وهابيل،وبحسب الأسطورة فقد كان قابيل وهابيل أول من سكن جزيرة سوقطرة اليمنية ولما وقعت أول جريمة فى التاريخ وسال الدم نبتت شجرة دم الأخوين مكان الدم الذى سال، ويكفى أن نعرف أن الحبة السحرية المعروفة بالأسبرين والتى ساعدت فى وضع حد لآلام البشر وتسكين الصداع تم تحضيرها بفضل المادة المستخرجة من أوراق شجرة الصفصاف وهى حمض الساليسيليك كما تفيد نفس المادة فى علاج الآلام الروماتيزمية والإلتهابات وتستخرج من شجرة الصفصاف أيضاً صبغة التانين وهى مادة قابضة للأنسجة تستعمل كدواء لالتهابات الفم واللثة..وأخيراً وليس آخراً فكل عقاقير منع الحمل التى يتم تعاطيها بالفم تستخرج دون استثناء من مادة كيماوية توجد فى شجرة اليام البرى الذى ينمو فى المكسيك.