القاهرة 28 نوفمبر 2017 الساعة 10:15 ص
د. رمضان سيف الدين
تعد الفعالية الثقافية أهم جزء فى العمل الثقافى , بل هى أهم عنصر من عناصر العملية الثقافية , ونقطة محورية فى تشكيل الوعى , وأساس من أسس الحركة الثقافية, ولأن الفعالية هى الإنتاج الأم , فكان لابد من وضع شروط الجودة لهذه الفعالية , تلك الجودة التى تضمن إنتاجا ثقافيا ذا فعالية , فالفعالية من (الفعل فى الوعى ) أما بالزيادة أو النقصان وليس بينهما إلا التزييف (تزييف الوعى المجتمعى ).
من هنا يمكننا القول إن التخلى عن شروط الجودة هو تزييف للوعى بل هو ضياع للعمل الثقافى وإدخاله فى غياب وسراديب ومتاهات النفعية الثقافية فالمنتفعين من العمل الضائع ما أكثرهم وما أخطرهم على العمل الثقافى , إنهم أشبه ما يكونون بالحراس المزيفين ولكنهم واقع الأمر فيروس يضرب فى عمق جسد المصطلحات.
فيفرغونها من المضمون ويحولونها إلى مايشبه كرة القش التى يركلها أى أحد , وإذا ما فرغ المصطلح من مضمونة انعدمت فيه الثقة ولم يعد ذات قيمة ثقافية أو اقتصادية , فالجودة الثقافية تصب أيضا فى القيمة الاقتصادية.
إن جودة الفعالية الثقافية هى من أهم شروط رواج المصطلح الذى يطمح المثقفون إلى رواجة بل والسياسيون والاقتصاديون أيضا أن جودة الفعاليات الثقافية تبدأ من التكميم , ذلك التكميم الذى يحول المكونات الثقافية إلى أرقام عمل يجب احترامها . ومراعاتها حق الرعاية , فعلى سبيل المثال لا الحصر.
1- احترام وقت بداية العمل ونهايته بالساعة والدقيقة , وهكذا تم ترقيم البداية والنهاية بأرقام وقت العمل , فكم ساعة يستمرالعمل , ومتى يبدأ, ومتى ينتهى حتى تتشكل لدى المشاهد والمتابع جماليات ضبط التوقيت فيضبط المشاهد إيقاعه على إيقاع العمل الثقافى ووقت العمل الثقافى بل إنه ليضبط يومه وليلة وشهرة وموضوعاته على هذا العمل الثقافى , بل تتشكل تنويعات حدثية فرعية على مثل هذه الفعالية المنتظمة وفى معرض القاهرة الدولى للكتاب بعض الأدلة على ما نقول .
2- الإعلان عن أسباب التأخير أو التعديل فى إطار من الشفافية لإشراك -المشاهد أو المستمع فى العمل ولإشعاره بأنه هو صاحب العمل والعمل يتم من أجله هو, لا من أجل مصلحة صغرى, بل هو المستهدف الأول (فيما يشبه الاعتذار العملى الثقافى )وهناك فارق بين الاعتذار عن بدء العمل , والاعتذار عن العمل ككل وتتحول أسباب التأخير إلى مناقشة علمية هادئة تحدد الأسباب التى من أجلها تأخرت الفعالية فتصب فى المجتمع مكوناتها التى تتحول إلى معرفة مجتمعية تسرى بين العقول والإفهام ولاتعد حكرا على القائمين عليها , فإذا ما عرف المجتمع إنك تعمل من أجله تحول إلى معين لك بدلا من مساءلتك المسألة المجتمعية التى قد تقصيك عن العمل وتضغط عصبيا عليك وتحولك إلى حركة نشاز فى العمل الثقافى.
3- النظر إلى الموضوع الثقافى فى إطار العمل الثقافى ككل , فهو عمل له ما يستتبعه , وله ما يسبقه , فالموضوع الثقافى له ترتيب فى أوساط موضوعات أخرى وبالتالى تحديد مجموعة الأهداف التى من أجلها تم إعداد الفعالية الثقافية بهدف أو هدفان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أهداف حتى يتسنى تقييم العمل على أساس من هذه الأهداف , وكلما تعددت الأهداف كثرت فئات التلقى وتعددت نوعيات الجماهير المستهدفة , فتعدد نوعية الفئات يجعل من السهل السيطرة على الفعالية أثناء الأداء والتحكم فى حركتها أثناء التوصيل مما يجعل العمل فى حالة من السهولة واليسر تشبه الإبداع فى الأداء ويصبح الأداء لدى المثقف والمؤدى قطعة من السهولة الجميلة.
4- تحديد الفئات المستهدفة من الفعالية تحديدا رقميا ,( مثل عدد كراسى المسرح )على أساس من الأهداف الموضوعة وذلك التحديد الرقمى ليس يقل أهمية عن الأهداف نفسها بل هو هدف الأهداف , إن لم يكن هو الهدف الأعظم , الذى يسعى إليه العمل الثقافى , هذا التحديد الرقمى للجماهير يساهم فى تنمية العمل ووضع حدود للنجاحات ويمكن من قياس النجاح بمدى الاستفادة , وقياس درجة القبول , ومدى تطور الفكرة , ومدى تنمية الوعى , ومدى نجاح العمل من خلال الإقبال أو عدم الإقبال
5- توثيق العمل أو الفعالية ووضعها فى إطارها الثقافى ضمن التوقيت الموسمى وضمن المصطلح المراد الوصول إلى تنميته , وكذا مكانه وأهدافه وعدد الجماهير المستفيدة والتقييم الآنى فى ذلك الوقت , حتى يتسنى العودة إليه ضمن التاريخ الثقافى للموضوع وللمؤسسة والمنجز الثقافى , وهنا تتجلى روعة التوثيق التاريخى وجماليات التراكم العلمى , إلى هنا كان هذا هو التكميم الخارجى للفعالية الثقافية موجزا , يتبقى لنا التكميم الداخلى للموضوعات الثقافية وجماليات هذا التكميم