القاهرة 03 اكتوبر 2017 الساعة 12:10 م
بقلم : د/ رمضان سيف الدين
تتنوع مكونات الشخصية المصرية ما بين العمل الإدارى والعمل اليدوى, والعمل الذهنى ذي الطبيعة الخاصة التى تتناسب وبعض الشخصيات ولا تتناسب وغيرها, ولما كانت الأدوار القيادية من أهم الأدوار التى يعول عليها أى مجتمع فى بناء شخصية أفراده واضطلاعهم بالأدوار التنموية والقيادية , وإدارة أمور الدولة فى أحلك الظروف وأقسى الأوضاع التى تتعرض لها الأمم ,,واقسى الأوضاع التى تتعرض لها الأمم ليست الحروب إنما هى الأزمات الاقتصادية , تلك الأزمات التى تعد أمام أى أمه معٌول من معاول الهدم فى وقت البناء , وايمانا منا بأن الذى يقود الجماعات الصغيرة يستطيع قيادة الكثير من الجماعات الكبيرة أو أنه مؤهل لحمل الكثير من الصفات القيادية التى تحتاجها أدوار القيادة .
إن سائقى الميكروباص من هذه الطائفة التى تحمل فى طياتها بعضا من هذه السمات التى يمكننا أن نطلق عليها سمات قيادية لبعض الوقت وليس طوال الوقت , هذا الوقت حسب طول الطريق والذى أحيانا ما يستغرق ساعة فأكثر وقد تصل إلى عدة ساعات متواصلة حين الانتقال من محافظة إلى محافظة سواء على الطريق السريع أو الطريق الدائرى من و إلى القاهرة , وتتفاوت هذه الطرق فى تمهيدها وإعدادها وفى طولها وعرضها , وفى ازدحامها وسهولة السير فيها.
إن السائق فى هذا الطريق هو قائد الرحلة وموجهها وحاديها وملاحها ’ وصاحب الرأى الأول والأخير فى الحركة , والبداية , والنهاية ,والاستمرار من عدمة ومعرفته بالطريق تؤهلة لكى يكون القائد الأعلى , ومن المؤكد أن هذه القيادة المؤقتة لا تقف عند حدود الطريق وفقط بل تتعداها إلى خبرات حياتية ومدركات قيادية فى المنزل والحياة , لكن القليل منهم من تتطور عنده القيادة فتتحول إلى قيادة إدارية على مستوى الميكروباص فيقود ثلاث عربات من الميكروباص أو أربعة أو خمسة , وذلك لا يتم إلا من خلال بناء عائلى متكاتف يمكن تسميته البناء الأسرى التعاونى , فقد وجدت تسعة سائقين أقارب من الدرجة الأولى والثانية والنسب يعملون فى مواقف مختلفة متقاربة من حيث المكان والسكن على تسع سيارات كل فرد منهم يعمل معه واحدا من ابناء العائلة تابعا له ليتعلم كيف تكون القيادة والتعاون العائلى فى ذات الآن , فأكبر ما يمكن وصفه لهذه العائلة هى عملها بالمثل القائل (اللى تغلبه العبة )لم تتوقف الإدارة على هذا النموذج,بل أن هناك نموذج من نماذج الإدارة الذى كان يتعامل مع السائقين على فترات مختلفة وهو نموذج (لأمين شرطه ) لا يتجاوز راتبة ألفى جنيه لكنه استطاع أن يمتلك سبع عربات ميكروباص باسمه واسم العديد من أقاربه لكنه يديرهم جميعا دون أن يعرف أحد من أصدقائه فى الشرطة وهذه كلها نماذج تطلعية تتطلع إلى الصعود إلى بناء اجتماعى أوسع وأرحب يجعل من السهل تملك بدائل حياتية مميزة ,
من خلال هذه النماذج الحياتية فى فئة اجتماعية مميزة نوعا ما يمكننا القول إن الشخصية المصرية هنا هى شحصية دائرية لا تتميز فى هذا التوجه إلا بالدوران فى حلقة دائرية غير متسعة بل هى حلقة ضيقة تكاد أن تكون مرتبطة بفئة إقليمية (سائقى الميكروباص )لا تتعداها إلى تكوين دوائر أخرى جديدة مرتبطة بها فالدوائر الاقتصادية المترابطة يمكنها أن تدر ربحا أكبر كما أنها تحدث مرونة اقتصادية فى المجتمع فى حال السقوط أمام الاقتصاد العالمى وأزماته,مثل هذه الأزمات هى التى يخفف منها الترابط الاقتصادى مع دوائر أحرى , لكن الآخرين من خارج دائرة سائقى الميكروباص يستطيعون أن تتنوع دخولهم على حساب الميكروباص
فالشخصية المصرية شخصية دائرية دوائرها قليلة وغير مجازفة بشيء من أجل زيادة أعداد الدوائر بل إنها تخاف من الخروج من دائرتها الاقتصادية برغم أنها مجازفة فى الخروج من الدائرة الإقليمية الام (مراكب الموت )
00