القاهرة 26 سبتمبر 2017 الساعة 10:21 ص
هل الكتاب الإلكتروني بات مطلباً في مواجهة الغلاء وصعوبات النشر الورقي، أم مازال للورق سطوته على روح القارئ ؟!
رئيس إتحاد الناشرين المصريين (عادل المصري) : الكتاب الرقمي حتي الآن يمثل 5? من مبيعات الكتاب في العالم العربي ،و لا يزال الورقي هو الأكثر انتشاراً.
الشاعر والناشر السعودي إبراهيم الجريفاني: الكتاب الإلكتروني فرصة للانتشار متى صار هناك تطبيق يحمي حقوق المؤلف والناشر!
الناشر الأردني جعفر العقيلي: أنا من جيل بنى علاقته الوثيقة بالقراءة من خلال الورق، وعندما تصلني نسخة إلكترونية من أي كتاب أقوم بطباعتها ورقياً ليتسنّى لي التواصل معه !
الكاتبة زينب عفيفي: الكتاب الورقي بالنسبة لي هو دفء الحكاية وصديق لا يتخلى عن صديقه حينما يريده في أي وقت !
الروائي عادل عصمت : الكتاب الإلكتروني ساعد على توسيع قاعدة القراءة، لسهولة وصوله لأماكن كان من الصعب وصول الكتب المطبوعة إليها
إعداد ـ أحمد مصطفى الغـر
مجلة مصر المحروسة تفتح هذا الملف، وتبحث آراء الكتاب والأدباء والناشرين ، حول مميزات وعيوب الكتاب الإلكتروني في مواجهة الورقي،و هل الكتاب الإلكتروني بات مطلباً في مواجهة الغلاء وصعوبات النشر الورقي، أم مازال للورق سطوته على روح القارئ ؟، وهل الكتاب الإلكتروني يُسهّل إضاعة ملكية المؤلف ولا يحفظ للناشر حقوقه؟،أم أن التعدي على حقوق النشر والملكية الفكرية باتت منتشرة في كل شيء ( برامج الحاسوب، موسيقي، الصور، وغيرها) ،وليست قاصرة على الكتب ؟!
الورقي مازال منتصراً !
في البداية ،يخبرنا (عادل المصرى) ، رئيس إتحاد الناشرين المصريين، أنه لا مواجهة بين الكتاب الالكتروني و الكتاب الورقي أو المسموع ،أو غيره من الطرق المستحدثة في النشر، فالمهم أن يكون الناشر مستعداً لمواجهة التطور ،فتعريف النشر أنه هو إتاحة المحتوي الثقافي بالشكل الذي يفضله القارئ ،والناشر هو من يتيح هذا المحتوي بشكل تجاري ،فالناشر ليس مطبعة، و هذه المعركة المفتعلة بين أنواع النشر،و يهمنا منها أمراً واحداً ،هل يستطيع الناشر مواجهة هذا التطور و ممارسة المهنة في ظل هذا التطور واستحداث أقسام لإعداد الكتب الرقمية و الصوتية وغيرها ؛أم سيقف عند الطباعة التقليدية ،وبالتالي سيتوقف عن العمل إذا طغي شكل علي الآخر؟! ،هذا هو السؤال الأهم و الذي يجب أن يجيب عليه كل ناشر و ما يتبعه من أسئلة بنفس الشكل عن إجادة الناشر لتسويق إصداراته المتطورة و إستهداف منافذه التسويقية الجديدة و البعيدة عن المكتبات التقليدية ، ويضيف (المصري) : هذا ما نسعي إليه في اتحاد الناشرين المصريين ،وعبر إقامة ندوات و دورات تدريبية مجانية للناشرين لمواجهة هذا التطور ،و توفير الإصدارات بالشكل الذي يفضله القرّاء ،سواء مطبوعة أو رقمية أو صوتية، و لينتصر من ينتصر ،فالناشر جاهز لأي شكل يفضله القرّاء، علماً بأن الكتاب الرقمي حتي الآن يمثل 5? من مبيعات الكتاب في العالم العربي ،و لا يزال الورقي هو الأكثر انتشاراً حتي الآن. أما عن التزوير والقرصنة فهي موجودة في كل أشكال النشر ،والأرصفة تعج بالكتب المطبوعة دون حقوق ،و تُبَاع أمام الجميع، و هذا موضوع خر نسعي اليه بتعديلات في قانون الملكية الفكرية، تم تقديمها فعلاً إلي مجلس النواب في انتظار المناقشة و الإصدار ،كي تحمي الحقوق في كل طرق النشر.
فيما ترى الناشرة المصرية (د. فاطمة البودي) ، أن الكتاب الورقي مازال صامداً أمام الكتاب الإلكتروني ،حتى في خارج الوطن العربي ،حيث خفتت شعلة الكتاب الإلكتروني نسبياً ،وعاد القراء في أوروبا وأمريكا إلى الكتاب الورقي ،لكن مشكلتنا الحقيقية هنا في مصر و البلاد العربية هي مسألة قرصنة الكتب ،وسرقتها ،ونشرها سواء على الانترنت ،أو بطباعته وإعادة نشرها ، دون مراعاة لحقوق المؤلف والناشر ،و هذا الأمر له أثر سلبي سئ جداً عليهما ، وبالتبعية يكون له مردود سئ على الحياة الثقافية بشكل عام ،مؤخراً بتنا نرى بعض المنصات الإلكترونية التي تعمل على النشر الإلكتروني للمؤلفات ،لكن أنا شخصياً لا ألتمس أثرها حتى الان ،فالامر يحتاج إلى مزيدٍ من الوقت.
مطلوب حماية للحقوق !
الشاعر والناشر السعودي (إبراهيم الجريفاني) يقول : (الكتاب الإلكتروني هو التحدي القادم فنحن نعيش ما تعانيه الصحف الورقية اليوم ،وكانت المؤشرات منذ عشر سنوات ،ولكننا دوما نصل متأخرين في التعامل مع التقنية، والكتاب الإلكتروني مطلباً لأن العالم اليوم إختلف وتحول إلكترونياً، حتى في مشاعره، والسمة الاغلب في المجتمعات العربية الآن هى التباين في نسب السكان العمرية ،فالشباب في كثير من الدول قد جاوزا نسبة الــ 60% وبالنسبة لهؤلاء فإن التقنية هي لغتهم وأدواتهم، أما جيل الورق فلازال يبحث عن رائحة الورق ولكنهم في تراجع) ،و بالنسبة لمميزات وعيوب كليهما .. يضيف الجريفاني: (الحقيقة مازال الكتاب الإلكتروني العربي يعيش حالة التجارب التي لا نستطيع أن نسمها بالوصول للمطلوب، ما يجري تطبيقات تم نسخها ولم ترتق للعمل الإحترافي الذي يضمن الحقوق وعدم النسخ والسرقة ،وهذه جار البحث فيها لمعالجتها ،والوصول إلى آلية تحفظ حقوق الجميع ، وبالنسبة لي كناشر منذ عامان وأنا أتابع ما يجري من تجارب عربية ما زالت في طور التجارب ،ولم تأخذ المسار الطبيعي كما هو حاصل في الغرب) ، ويتابع : ( اللغة الإلكترونية وأدواتها مازالت جديدة ،فنحن نرى تطبيقات وتطبيقات ستصل بنا إلى الغد المأمول ، وماجرى مثلاً في توزيع ونشر الموسيقى إليكترونيا كان هدفه الإنتشار للتعامل مع هذه التقنية ،ولكنه لم يأت بالعوائد المالية المطلوبة ، وشخصياً أرى ضرورة جداً للكتاب الإلكتروني العربي لينتشل وضع القراءة المتدني إلى أرقام يصل لها الكاتب العربي ،ولن نتأثر فيما يتعلق بالكتاب الورقي ،فالأرقام التي نقوم بطباعتها لا تمثل شئ، فهي لا تتجاوز في أفضل حالاتها عن عشرة ألاف نسخة في الوطن العربي مقابل مئات الألاف في الغرب، لهذا الكتاب الإلكتروني فرصة للإنتشار متى صار هناك تطبيق يحمي حقوق المؤلف والناشر ،وعلى دور النشر تفهم تسعير الكتب حتى لا يتجاوز دولار واحد ،لأنك أمام فضاء كمي دون تكاليف تخزين أو شحن فيما الكتاب الورقي يتراوح سعره بين 10 الى 30 دولار بين دولة وأخرى).
الكاتب والناشر الأردني (جعفر العقيلي) ، يقول : (لا يمكن القول إن الكلفة هي وحدها السبب لتحوّل القرّاء من الكتاب الورقيّ إلى الكتاب الإلكتروني، فقد شهدت الأسواق العربية تحديداً تراجعاً كبيراً بأسعار المطبوعات الورقية، بخاصة مع انتشار ظاهرة الطبعات الشعبية. فضلاً عن أن الكتاب الإلكتروني لم يحقق بعد سقف التوقعات بالانتشار، فما زالت الشركات التي تتولى توفيره للقرَّاء بأسعار رمزية قليلة العدد نسبياً، بل وهي أيضاً قليلة التأثير في المشهد) ، ويضيف: (أنا من جيل بنى علاقته الوثيقة بالقراءة من خلال الورق، وثمة حميمية في هذه العلاقة، حتى إنني عندما تصلني نسخة (بي دي إف) من أي كتاب أقوم بطباعتها ورقياً ليتسنّى لي التواصل معه) ، ويتابع: ( أما الحديث عن الملكية الفكرية، والقلق من أن يعبث بها النشر الإلكتروني، فإني أرى أن هذا الكلام ليس دقيقاً، وأن المشكلة تكمل أساساً في التشريعات ثم بتطبيقها. نحن نعاني من افتقارنا على المستوى العربي للخبرة الكافية في التعاطي مع قضايا الملكية الفكرية، ودور المؤسسات الرسمية المعنية بهذا الموضوع كبير، لكنَّها ما تزال قاصرة عن أدائه، وفي هذا السياق لا تستطيع مؤسسة مثل اتحاد الناشرين العرب أو الاتحادات القُطْرية أن تفعل شيئاً من دون وجود إسناد حقيقي من مكاتب حماية حقوق المؤلف، ودوائر المكتبة الوطنية في الدول العربية، ووزارة الإعلام والثقافة، والضابطة العدلية) ، ويؤكد: (علينا أن نستفيد من تجربة الغرب في هذا السياق، وأن نطلع على جديدهم في عالم النشر الإلكتروني، وفي الإجراءات الكفيلة بحفظ حقوق الأطراف جميعاً، وهذا يشمل الناشر والمؤلف وأي جهة أخرى ذات علاقة، وبالتوازي لا بدَّ من عقد ورش متخصصة للعاملين في قطاع النشر بشقّيه الورقي والإلكتروني للارتقاء بصناعة النشر وتعزيز حضورها، من دون أن يهيمن طرف على الآخر).
الإلكتروني .. مطلبٌ مُلِّح !
القاصة (إيمان الزيات) ترى أن (الكتاب الإلكتروني في عصرنا الحديث قد أصبح بالفعل مطلباً ملحاً للطلبة، والباحثين، والدارسين،خاصة في ظل الغلاء وصعوبة النشر الورقي ،وتعسر إقتناء جميع المراجع التى يحتاجها هؤلاء جميعاً، ولكن لبعض المراجع والمؤلفات قيمة كبيرة تحتم الاقتناء، وفي عالم الكتابات الأدبية بصفة خاصة ما زال للورق حضوره وجاذبيته وقوة تأثيره، وذلك لما يمثله من إرتباطات شرطية مع المادة المقروءة ،سواءً كانت (شعراً أو رواية، أو مجموعة قصصية) فالنظر للسطور وتقليب الصفحات بالأنامل ،ورائحة الحبر ،كل ذلك يكون له فعل السحر بنفس القرّاء)، وتضيف الزيات: (للأسف يصعب جداً الحكم الجازم والفاصل بين الإلكتروني و الورقي فيما يخص المميزات والعيوب نظراً لأن ذلك يتوقف على مجموعة عوامل نوعية تختلف من قاريء لآخر، ومن ظروف لأخرى؛ فالبعض يميل للسرعة ولا وقت لديه للتجول بالمكتبات والحصول على الكتب الورقية، والبعض الآخر على العكس يجد متعة كبيرة في ذلك، في العصر الحالي أعتقد أن الكفة ستكون متوازنة بين السرعة والسعر المنخفض وسهولة الحصول على المؤلف وبين المتعة والممنوحات النفسية للكتب الورقية) ، وحول القرصنة و السرقة الأدبية .. تؤكد : (بالطبع صارت القرصنة الإبداعية عمل من لا عمل له في جميع المجالات خاصة في العالم الإلكتروني فبينما يستطيع مالك الكتاب الورقي أن يرفع دعوى قضائية ضد سارق أفكاره يعجز المؤلف للكتاب الإلكتروني عن فعل ذلك نظراً لغياب التشريعات الحامية له، والرادعة أو المجرمة لتلك الممارسات،حيث لا توجد نقابة إلكترونية أو اتحاد كتاب، ولا يملك الناشر الإلكتروني رقم ايداع ،أو ما يثبت ملكيته الفكرية تلك، وربما ومن باب المفارقات يسبقه السارق بنشرها ورقياً ويقلب الطاولة بوجهه أيضاً).
من جهته يرى الكاتب الروائي (عادل عصمت) أن الكتب الإلكترونية ساعدت في إنتشار القراءة ،ووسعت من عدد القراء ،ومنحت من لا يملكون شراء الكتب نصيبهم من المعارف التي حرمهم منها دخلهم المحدود، ومن جانب آخر فإن انتشار شبكة الإنترنت ساعدت في إيصال الكتب إلى أماكن كان من الصعب أن تصل إليها مثل مدن الأقاليم والأرياف والصعيد وواحات الصحراء، شبكة الانترنت ساعدت كثيرا في القراءة والاطلاع ،كما أنها ربطتنا بما ينشر في البلاد العربية ،فأصبحنا نعرف –إلى حد ما- ما يطبع في المغرب وفي الشام وفي العراق ،ومن هنا فإن الكتاب الإلكتروني محمي بالتطورات التكنولوجية الحديثة،و سوف تكون له الغلبة بسبب تلك التطورات التي لا تتوقف، سوف ينتشر أكثر لأنه يتخطى المسافات البعيدة والمستوى الاجتماعي والدخول المحدودة. والمسألة ليست مسألة تفضيل أحدهما على الأخر، فالأمر ليس بيدنا ومع ذلك سوف يظل للكتاب الورقي قراؤة وطلابه مثلما جاء التليفزيون وهز عرش الإذاعة ولكنهما تعايشا بطريقة ما، سوف يتعايش الكتاب الورقي مع الكتاب الإلكتروني. وبالنسبة لموضوع حقوق الملكية الفكرية، سوف يظل مشكلة قائمة، ففي البلاد الفقيرة من حق من لا يملك ثمن الكتاب أن يقرأه، ومن حق الناشر الذي استثمر أمواله في الكتاب أن يستردها ،وإلا فإن صناعة النشر سوف تتوقف، لأن قرصنة الكتب سوف تستمر بسبب بعد المسافة والفقر، أظن أن الحل يكمن في دعم المكتبات العامة التي من خلالها سوف يدعم الناشر بشراء كمية كبيرة من مطبوعاته، إن كنا نريد نشر المعرفة والتعليم، لكن كما يبدو أن المستقبل للكتاب الإلكتروني.
كلاهما سيظل حياً !
فيما يرى الروائي المصري (السعيد أحمد نجم) أنه لا أحد يستطيع الوقوف أمام قاطرة التقدم، والكتاب الآلي فرضته التقنية الحديثة فزاحم الكتاب الورقى. كلاهما له وجوده ومميزاته، أي ما يبرر وجوده وإستمراريته. ظننا أن الكتاب الإليكترونى سيقضى على الكتاب الورقى ويحيله إلى التقاعد، وظننا أيضا أنه سيقضى على الجرائد والمجلات الورقية، لكن هذا لم ولن يحدث.يمكن بطرق قانونية تواكب التطور التقنى المحافظة على حقوق الملكية الفكرية.آن الأوان كي يواكب التطور التشريعى التطور التقنى. ومن نافلة القول أن حقوق المؤلف فى الكتب المطبوعة شبه مهدرة، أى أن المسألة لا تتعلق بكون المادة فى كتاب ورقى أو إليكترونى مع التسليم بأن إهدار حقوق المؤلف أسهل إليكترونيا منها ورقيا، وذلك كما سبق ذكره يعود إلى عدم مواكبة التشريع للتقدم التقنى. ترف فكرى أن نجهد عقولنا لمعرفة أيهما أفضل الكتاب الورقى أو الإليكترونى فكلاهما أفضل فى ظروفه التى تناسبه، أو أيهما سيقضى قضاء مبرماً على الآخر، فكلاهما سيظل حياً.
من جهتها تقول الكاتبة الصحفية والروائية (زينب عفيفي) ،مدير تحرير أخبار اليوم، أنه ( منذ ظهور الكتاب الالكتروني في حياتنا الثقافية، وهو في معارك مستمرة مع الكتاب الورقي، ليس بهف السيطرة او القضاء عليه ،وإنما لإثبات وجودة كوسيلة جديدة تناسب عصر السرعة والصراع مع الزمن ،حيث يمكن الاطلاع عليه في أي زمن ومكان بضغطة زر، الكتاب الالكتروني لا يواجه غلاء الورقي فقط ،وإنما هو أيضا ملجأ للبحث عن الكتاب القديم والنادر في أي مكان في العالم ،وبالتأكيد الغلاء المبالغ فيه لبعض الكتب سبب قوي للجوء إلي الالكتروني ,لكن يظل الورقي بالنسبة لي هو رائحة الورق ودفء الحكاية وصديق لا يتخلى عن صديقه حينما يريده في أي وقت). أما في ميزان المميزات والعيوب ،فتقول: (كل منهما له مميزاته وعيوبه، ولكني انا منحازة للورقي بكل عيوبه ومميزاته) ، وفيما يتعلق بحقوق النشر والملكية الفكرية ،تضيف: ( قوانين الملكية الفكرية بالرغم من وجودها وعقد ندوات عديدة بشأنها ومناقشتها في كل المحافل الأدبية والثقافية ،إلا أنها للأسف غير مفعله لأن حيل المخالفين لها كثيرة أمام ثغرات القوانين المتعددة ،والتي لا يتسع المساحة لها لذكرها ألان).