القاهرة 29 اغسطس 2017 الساعة 04:14 م
عمر شهريار
تمتاز قصة "أنت الوطن" للقاصة نورهان إيهاب، بقدرتها على تمثيل وتصوير المشاعر المتضاربة، لتعبر عن ما يدور داخل إنسان من أفكار ورؤى ومشاعر، ذلك ا?نسان الرهيف الناعم الموجود في مؤسسة القوة الصلبة، فتتناقض رهافته مع مؤسسته التي تحتاج إلى القوة والخشونة، وربما القسوة.
نجحت القاصة (المرأة) في استبطان وعي ومشاعر رجل، وليس أي رجل، بل رجل موجود على أرض معركة، دون أن تجرب -بالطبع- هذه الحياة وقسوتها، متوسلة بخيال خصب، أتاح لها ا?مساك بلحظات حنين البطل/ الضابط إلى زوجته، وطفله الذي في رحمها. أمسكت بلحظات اندهاشه واغترابه، إذ ليس مسموحا له، هو الرقيق المرهف، أن يستيقظ على صوت فيروز وأغانيها، كبقية البشر، فليس مسموحا له، صباحا، سوى بتحية العلم عبر جملة محفوظة تتردد يوميا، حتى لو كان العلم نفسه لطخته ا?مطار وانتزعوه للتنظيف، لكنه مجبر على أن يدعو بصوت عال أن يظل العلم عاليا خفاقا، رغم إن هذا العلم -وياللمفارقة- غير موجود ?نه لم يجف بعد غسله، والساري بلا علم أصلا!
نجحت القاصة في صياغة نصها السردي عبر تقنية الرسالة، في نزوع تجريبي واضح، ومغامرة جميلة، وإن لم تكن جديدة، لكنها أجادتها، وأفادت كثيرا من هذه التقنية. كما أفادت أيضا من تقنيات الحلم، والمناجاة، والخواطر، والاستدعاءات. كل ذلك عبر لغة شاعرية عذبة، وتصويرات فنية جميلة، تجعل القارئ متماهيا مع البطل (مجهول الاسم، وهذا بالطبع له دلالته، إذ يصبح نموذجا لنا كلنا، فهو نحن جميعا بصيغة ما) ومع حبيبته "عليا" التي صارت له وطنا بديلا.