القاهرة 10 ابريل 2017 الساعة 10:52 ص
· الدكتور طه حسين : الكنيسة القبطية مجد مصرى قديم؛ ومقوم من مقومات الوطن المصرى. فلابد أن يكون مجدها الحديث ملائما لمجدها القديم
· البابا تواضروس : إننا نتمسك بالوحدة الوطنية الصلبة ، ونرفض تماماً اي محاولات لجر البلاد نحو الفتنة الطائفية
· البابا شنودة الثالث : ان مصر ليست وطن نعيش فيه ، بل وطنا يعيش فينا
· البابا بطرس الجاولي: نرفض تدخل روسيا لحماية الاقليات .. نحن الأقباط نعيش تحت حماية ملك لا ولن يموت للأبد
· البابا كيرلس الرابع : الخديوى سعيد أوفدنى إلى أثيوبيا لتحسين العلاقات بين مصر و أثيوبيا
· البابا كيرلس الخامس : رفض حماية التاج البريطاني للأقليات في مصر قائلاً " يا ولدي إن الأقباط و المسلمين منذ أقدم العصور يعيشون جنباً إلى جنب
· البابا كيرلس السادس : إنى بعون الرب سأعمل على تعليم أبنائى معرفة الرب وحب الوطن ومعنى الأخوة الحقة ليشب الوطن وحدة قوية
اشتهرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بلقب الكنيسة المصرية؛ أو الكنيسة الوطنية؛ فهى الامتداد الطبيعى والوريث الشرعى للحضارة المصرية القديمة كما شهد بذلك وعن حق عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين حين قال «الكنيسة القبطية مجد مصرى قديم؛ ومقوم من مقومات الوطن المصرى. فلابدأن
يكون مجدها الحديث ملائما لمجدها القديم» هذه هى الكنيسة القبطية التى تتعرض لهجوم عنيف وارهاب وحشى كل فترة الأمر الذى يؤدى الى تدمير الكثير من الكنائس بمختلف محافظات مصر وقتل وإصابة الكثيرين من أجل اشعال نيران الفتنة الطائفية كان أخرها استهداف كنيسة مارجرجس فى مدينة طنطا مما أدى لاستشهاد وإصابة أعداد كبيرة وذلك قبل وقوع التفجير الثانى الذى استهدف الكنيسة المرقسية بمحطة الرمل بالإسكندرية حيث قام انتحاري بتفجير نفسه امام الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، وذلك بعد انتهاء قداسة البابا تواضروس من صلاة قداس أحد الشعانين .
تودع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة الشهداء بمزيد من الفخر والاعتزاز أبناءها الذين استشهدوا أثناء إقامة صلوات قداس أحد الشعانين وهم يحملون سعف النخيل مصلين ومحتفلين بذكرى دخول السيد المسيح ملك السلام إلى مدينة أورشليم حاملًا رسالة السلام مبشرًا بالمحبة والسلام لكل البشر.
وأضافت الكنيسة فى بيان صحفى : "لقد زهقت أرواح الشهداء - بأيدى أعداء البشرية وكارهى السلام وحاملى أدوات الدمار إلا إن الشهداء الآن مع كل الكنيسة يرفعون صلواتهم إلى الديان العادل الذى يرى ويسمع ويكتب أمامه سفر تذكرة".
كما تنعى الكنيسة شهداء الوطن من رجال الشرطة البواسل مصلين إلى الله من أجل شفاء المصابين.وأن يحفظ مصر وكل أبنائها من هجمة الكراهية التى تسعى إلى هدم جدران الوطن وتمزيق نسيجه الإنسانى الذى جسد تراثه العظيم فى الوحدة والتماسك والعيش المشترك، حفظ الله مصر وكل أبنائها من كل ظلمة ومن روح الكراهية ومن كل سوء.
ولعل هذا الموقف الوطنى للكنيسة القبطية المصرية ولقداسة البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يترجم بصورة عملية مقولة قداسة البابا شنودة الثالث " ان مصر ليست وطن نعيش فيه ، بل وطنا يعيش فينا " هذا الرجل الوطنى الذى امن بالوحدة الوطنية وباهمية تألف عنصرى الامة مثل جميع البطاركة الاقباط الذين سبقوه وكانوا لهم مواقف ايجابية تدل على وطنيتهم ورفضهم لاى تدخل اجنبى فى الشأن المصرى تحت اى ذريعة .
البابا بطرس .. وتدخل روسيا لحماية الاقليات
والان دعونا نقلب صفحات التاريخ المشرق للكنيسة القبطية لنطلع على بعض المواقف المضيئة التى قام بها البطاركة الاقباط ومن هؤلاء البطاركة البابا بطرس الجاولي البطريرك 109 الذى رفض تدخل روسيا لحماية الاقليات عندما خشيت روسيا من نفوذ محمد علي الذي قد يمنع تغلغل نفوذها في الشرق ، فخططت أن تستعين بالأقليات في تنفيذ ذلك المخطط الخطير ، فبعثت أمير من أمرائها ليفاوض بطريرك الأقباط البابا بطرس الجاولي البطريرك 109 في وضع الأقليات تحت حماية قيصر روسيا العظيم ، فما كان من البابا العظيم إلا أن سأل الأمير سؤالاً أثار دهشته وفي نفس الوقت أثار غيظه : هل قيصركم يحيا للأبد ؟ فاجاب الأمير : لا يا سيدي البابا يموت كسائر البشر !! قال البابا : إذاً أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت ، أما نحن الأقباط فنعيش تحت
حماية ملك لا ولن يموت للأبد !! وهنا خجل الأمير وأنصرف مبهوتاً .
وعندما توجه هذا الأمير لمقابلة محمد علي باشا سأله : هل اعجبتك مصر و آثار مصر ؟ أجاب الامير : نعم ما اعظم أبى الهول وما أروع الأهرامات ، ولكن شيئاً آخر أثار إعجابي أكثر من هذا وذاك ، إنه بطريرك الأقباط ووطنيته ، ثم قص على الباشا حديثه مع البابا ، فأعجب كل الأعجاب وتوجه بنفسه إلى الدار البطريركية ليقدم تقديره وشكره الخاص إلى البابا فقال له البابا " لا تشكر من قام بواجب عليه نحو بلاده " فرد عليه محمد علي : " لقد رفعت اليوم شأنك وشان بلادك ، فليكن لك مقام محمد علي بمصر ، ولتكن لك مركبة معدة كمركبته " .
البابا كيرلس الرابع ..الملقب بأبي الإصلاح
اما البابا كيرلس الرابع البطريرك 110 للكنيسة القبطية الملقب بأبي الإصلاح فقداهتم بنشر الثقافة في مصر ، وأسس العديد من المدارس وكان يقبل فيها كل أولاد مصر دون تفرقة بين أقباط و مسلمين ، ويذكر المؤرخون أن نجاح هذه المدارس دفع كبار علماء مصر إلى المشاركة في تشجيعها ، و الإشراف على امتحاناتها وفي مقدمتهم رفاعة الطهطاوي ، كما قام ببناء كلية بجوار الدار البطريركية، وهي أول مدرسة أهلية للأقباط في القطر المصري ، ضمت تلاميذ من كل المذاهب والأديان بلا تميز، الأمر الذي خلق ارتياحا عامًا وسط الشعب المصرى ،وهو أول من أنشا مكتبة عامة، ثم عممها فى جميع المدارس التى أنشأها و أصبح بكل مدرسة مكتبة عامة. حتى أن إحدى هذه المكتبات بلغت شهرتها إلى رئيس الوزراء يوسف باشا وهبة و أهدى لها مكتبته النفيسة .
ويذكر للبابا كيرلس الرابع بانه أول من إهتم بتعليم الفتاة فى الشرق العربى كله و أنشأ مدارس لتعليم الفتيات. و عندما هاج بعض المتذمتين و الرجعيين و إشتكوه للوالى الخديو إسماعيل وقف الوالى فى صف البابا و أوقف أفدنة من ماله الخاص لكى يصرف منها البابا على مدارس الفتيات ، أما الخديوى سعيد فقد أوفده إلى أثيوبيا لتحسين العلاقات بين مصر و أثيوبيا فكان بمثابة سفير لمصر هناك.
كما كان البابا كيرلس الرابع وطنياً غيوراً جداً و قد دافع عن وطنيته هو و الأقباط ضد إشاعة مغرضة مفادها طلبه من الخديوى إعفاء الأقباط من الخدمة العسكرية و قال "حاشا أن أكون جباناً بهذا المقدار حتى لا أعرف الوطنية أو أفترى على أبنائى الأقباط بتجردهم من محبة وطنهم و عدم الميل لخدمته و الدفاع عنه و حماية حدوده و أرضه "
ومن نوادره يذكر انه عندما كان قسا مر متعمداً فى طريق على جانبه جامع متهدماً فلام المسلمين على ترك الجامع بهذه الحالة ووعد بمساعدتهم إذا هم شرعوا فى بناءه , فكانت محبته لهم سبباً فى مساعدتهم له فى أعماله الإنشائية .
البابا كيرلس الخامس ..ورفض حماية بريطانيا للأقليات
كانت فترة رئاسة البابا كيرلس الخامس البطريرك 112للكنيسة القبطية مواكبة لفترة الأحتلال البريطاني ، وأراد الإنجليز كعادتهم أن يبذروا بذور الفرقة و الإختلاف بين عنصري الأمة ، فأرسلوا ما كانوا يسمونه آنذاك بالمندوب السامي ، الذي زار البابا كيرلس الخامس يساومه على حماية التاج البريطاني للأقليات في مصر ، فما كان من البابا الوطني العظيم إلا أن أنتهره قائلاً " يا ولدي إن الأقباط و المسلمين منذ أقدم العصور يعيشون جنباً إلى جنب ، ففي البيت الواحد يتعايشون معاً ، وفي المصلحة يجلسون إلى مكاتب مشتركة ، و ياكلون من ارض طيبة واحدة ، ويشربون من نيل واحد ، ويتلاحمون في كل ظروف الحياة ، في السراء معاً و في الضراء معاً ، ولن يستطيعوا أن يستغنوا بعضهم عن بعض ، ولن نطلب حماية نحن الأقباط إلا من الله ومن عرش مصر " فخجل الرجل وأبلغ حكومته بهذا الموقف الحكيم فعرف الإنجليز أن الوحدة الوطنية في مصر قوية. و من هذا المنطلق لم يستطيع " اللورد كرومر " في ذلك الوقت إلا ان يضمن تقريره هذه الشهادة التاريخية المشرفة فقال " إن الفرق الوحيد بين القبطي و المسلم هو أن الاول مصري يعبد الله في كنيسته والثاني يعبد الله في مسجده
ويذكر عن البابا كيرلس الخامس انه كان على علاقة قوية بأقطاب السياسة في مصر وفي مقدمتهم الزعيم الوطنى سعد زغلول فكان يزوره ويدعو له بالبركة وبالتوفيق في كل خطواته، كما كان على صلة به مستمرة خاصة بعد قيام ثورة 1919، فجعل من كنائسه منابر للخطباء، وامر القساوسة أن يتعاونوا مع شيوخ الأزهر على توعية المصريين في طلب الاستقلال ووحدة وادى النيل ،وعندما تشكل الوفد المصرى برئاسة سعد زغلول وسفره إلى لندن في 11 ابريل 1919 لمفاوضة الإنجليز في الاستقلال، كان من بين أعضائه أربعة من وجهاء الأقباط مثل: سينوت حنا - جورج خياط - ويصا واصف - مكرم عبيد ، وقد ظل البابا مرتبطا بسعد وبالثورة حتى شاءت ارادة الله ان يتوفي مع سعد زغلول في نفس السنة ونفس الشهر حيث تنيح البابا فى 7 أغسطس 1927 ، اما سعد زغلول فقد وافته المنية في 27 من نفس الشهر.
كما يذكر للبابا كيرلس الخامس انه عندما انحاز الخديو توفيق للإنجليز، انعقد اجتماع وطني تصدره الإمام محمد عبده وحضره البابا، الذي تحدث مندداً بمواقف توفيق، وتضامن معه في موقفه عبدالله النديم، فدعا النديم إلي إنشاء الجمعية الخيرية الإسلامية، ودعا البابا إلي إنشاء الجمعية الخيرية القبطية، ليعملا معاً علي نبذ التطرف والتعصب للدين والعرق والجنس .
وعند نياحة البابا كيرلس الخامس نشرت " مجلة المصور" على غلاف الصفحة الأولى من عددها رقم 148 الصادر يوم الجمعة 12 أغسطس 1927 صورة كبيرة له وكتبت تحت الصورة ما يلي :- " وافت المنية في صباح يوم الأحد الماضي عظيماً من عظماء مصر ورئيساً دينياً كبير لعب في حياته دوراً هاماً في تاريخ هذه البلاد وهو مثلث الرحمات الأنبا كيرلس الخامس بطريرك الأقباط الأرثوذكس "وبعد ان ذكرت المجلة موجز تاريخه قالت " ويعود إليه رحمه الله الفضل في اتحاد العنصرين اللذين تتألف منهما الأمة المصرية فقد وقف اثناء الحركة الوطنية موقفاً أطلق الألسنة بالمديح والثناء .وكان صاحب الدولة الزعيم الجليل سعد زغلول باشا يجله ويحترمه والبلاد تنظر اليه نظرها الى زعيم من زعمائها الدينين والسياسين ."
وفي داخل العدد نشرت صورة له وهو مسجى على كرسي البابوية وجمهور المودعين يمرون من أمامه وقالت :" أن هذه الصورة التقطت بصعوبة لأن عدد المودعين كان يزيد عن خمسون ألف"
البابا كيرلس السادس .. والعصر الذهبى للاقباط
ومن هؤلاء البطاركة البابا كيرلس السادس الذى يعد عصره عصراً ذهبياً للكنيسة والوطن ، وذلك من خلال علاقته الحميمة بالرئيس عبد الناصر والتى عبر عنها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل قائلاً : " كانت العلاقات بينهم ممتازة , وكان بينهما إعجاب متبادل , وكان معروفاً أن البطريرك يستطيع مقابلة عبد الناصر فى أى وقت يشاء ، وفى لقاء من اللقاءات العديدة التى تمت بين البابا والرئيس فى سنة 1959 م قال البابا : " إنى بعون الرب سأعمل على تعليم أبنائى معرفة الرب وحب الوطن ومعنى الأخوة الحقة ليشب الوطن وحدة قوية لديها الإيمان بالرب والحب للوطن .. " فأثنى الرئيس جمال عبد الناصر على وطنية البابا كيرلس ومدى وعيه وإلتزامه بتربية أولاده على حب الرب والوطن
كما كان لقداسته لقاءات كثيرة بفضيلة شيخ الأزهر الإمام الأكبر حسن مأمون لتوكيد روح المحبة و التعاون لخير الوطن واصدرا بيان مشترك جاء فيه : " من فضيلة الإمام الاكبر الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر ، و قداسة البابا كيرلس السادس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إلى أصحاب الضمائر الحرة في أنحاء الدنيا ، ، نبعثها صيحة مدوية معلنة ان العرب أحرار يرفضون الذل ، وأنهم يؤمنون بالله ثم بمقدساتهم التي يرونها رمز إيمانهم ، لذا ونحن في جو من الاخوة و الصفاء والالفة، النابعين من قلوب عامرة بالإيمان بالله ، مليئة بالمحبة الصادقة ، و الإخلاص لأمتنا و لوطننا ، نرى أن نتوجه في هذا الجو العصيب إلى العالم لنخاطب ضمائرهم بما اتفقت عليه كلمتنا... وهو أن الصهيونية العالمية قضية جنس لاتمت إلى الأديان بصلة وهي تعادي الإسلام و المسيحية ، وليست هذه العداوة جديدة ولا مستحدثة وإنما هي وليدة تاريخ طويل . و نرفض تماماً فكرة تغير الوضع القائم بالقدس قبل العدوان الغاشم كما نرفض تدويل القدس " وكان لهذا البيان المشترك العظيم صداه القوي بين شعوب العالم كله ، ومن أجمل العبارات التي أرسلها البابا كيرلس السادس في برقيته إلى بابا روما : " سنموت مسلمين و مسيحيين شهداء يدافعون عن القدس " .
ولا ننسى الموقف الرائع الذى وقفه الرئيس جمال عبد الناصر تجاه بناء الكاتدرائية فقال : " لا ننسى أن الرئيس جمال عبد الناصر أعطى تصريحا لبناء الكاتدرائية الكبرى وحضر حفل وضع الأساس فيها ثم حضر حفل إفتتاحها وألقى كلمة طيبة جداً وتبرع بمبلغ 100 ألف جنيه فى 1967 م , وكلف الرئيس عبد الناصر إحدى شركات القطاع العام بأن تقوم بعمليات بناء الكنيسة الكبرى , وأسرعت الشركة فى بنائها بحيث أنتهى الهيكل الخراسانى فى سنة واحدة , على هذا الحجم الضخم , والديون التى بقيت صدر قرار بالتنازل عنها فى عهد عبد الناصر , وبعض منها فى عهد السادات
وعمل البابا كيرلس السادس من أجل مصر بعد إحتلال إسرائيل لسيناء بعد حرب الأيام الستة وذلك فى رسائلة الباباوية و البيانات التى أصدرها فى زياراته ،و اللقاءات التى حضرها للم شمل مصر وتدعيم موقف الرئيس عبد الناصر ، هذا الى جانب قيامه بحضور الندوات والمؤتمرات الشعبية والوطنية التى كان يحضرها أقباط ومسلمين للمناقشة حول وثيقة الكاردينال بيا والفاتيكان حول تبرئة اليهود من دم المسيح وقد وقفت الكنيسة القبطية موقف شديد الصلابة ممثلة فى مجمعها المقدس الذى أصدر بياناً يرفض بشدة هذه الوثيقة ويؤيد التصريح الثنائى الذى أصدره البابا كيرلس مع شريكة فى الخدمة البطريرك الأنطاكى مارأغناطيوس يعقوب بهذا الصدد .
وعندما قامت إسرائيل بضم القدس لأراضيها وتهويدها وغيرت وضعها قبل سنة 1967 م قام البابا كيرلس السادس بالإتصال بالكنائس وحكوماتها لكى تقوم بتأييد عدم ضم القدس للأراضى اليهودية وأدلى قداسته بالعديد من الأحاديث الصحفية , وحوارات للتلفزيون الفرنسى من أجل الحقوق العربية فى مدينة القدس وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ، هذا الى جانب اتخاذه لقرار بمنع الأقباط بالذهاب إلى القدس للتقديس إحتجاجاً على الوضع الراهن .
تلقى البابا كيرلس نبأ وفاة الرئيس عبد الناصر بحزن شديد وأصدر بياناً إلى الأمة يعبر فيه عن شعورة قال فيه : " إن الحزن الذى يخيم ثقيلاً على أمتنا كلها لأنتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر جمال عبد الناصر إلى عالم الخلود أعظم من أن يعبر عنه أو ينطق به . ان جمال لم يمت ولن يموت , أنه صنع فى مدى عشرين سنة من تاريخنا ما لم يصنعه أحد من قبله فى قرون , وسيظل تاريخ مصر وتاريخ الأمة العربية إلى عشرات الأجيال مرتبطاً بإسم البطل المناضل الشجاع الذى أجبر الأعداء قبل الأصدقاء على أن يحترموه ويهابوه ويشهدوا بأنه الزعيم الذى لا يملك أن ينكر عليه عظمته وحكمته , وبعد نظره وسماحته ومحبته وقوة إيمانه بمبادئ الحق والعدل والسلام ".
ومنذ إعلان نبأ وفاة جمال عبد الناصر امر البابا كيرلس جميع الكنائس أن تدق أجراسها دقات الحزن ، واقيمت صلوات القداسات الإلهية وصلاة ترحيم على روح عبد الناصر رئيس جمهورية مصر الراحل ، واتشحت جميع الكنائس بالسواد طوال فترة الأربعين يوماً .
البابا شنودة الثالث .. و مواقفه الوطنية
وأكمل مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث مسيرة من سبقوه من البطاركة بحكمتة المعهودة ، ويسجل لنا التاريخ الحديث ان البابا شنودة لعب دوراً وطنياً كبيراً ، وهنا اردت الا اتكلم انا عن مواقفه الوطنية بل اترك هذا لعشرات السياسيين والكتاب والصحفيين الذين لهم على مر السنين انطباعات عن قداستة من خلال ارائه فى جبل الهيكل ،و البقرة الحمراء ، والرقم 7 ، والكنيسة القبطية فى المهجر ، هذا الى جانب أفكاره عن الديموقراطية ، وصراع الحضارات ، وحوار الأديان ، وخريطة الطريق وزيارة القدس ، بالاضافة الى ردود أفعاله حيال دفع الجزية ، وحرمان الأقباط من دخول الجيش ، وكنيسة ماكس ميشيل ، ووثيقة الكاثوليك الأخيرة التى وقعها بابا روما والعديد من الموضوعات الشائكة والحساسة
ودعونا هنا نرصد اراء بعض السياسيين والكتاب والصحفيين الذين سجلوها باقلامهم فى وطنية البابا شنودة الثالث حيث أشار الصحفى محمود فوزى فى كتابه البابا شنودة وتاريخ الكنيسة القبطية فى عام 1991الى ان قداسته رغم انه اختلف مع الرئيس السادات ذات يوم واعتكف فى ديره لسنوات لكنه لم يعكس أثر ذلك على أحد حتى الذين أختلفوا معه لم يتخذ أى اجراء كنسى ضدهم ، فهذا الرجل قلبه يتسع لكل آلام البشر وسعة أفقه تتسع عما يراه من أفاق.
ينما أوضح رجب البنا فى مجلة أكتوبرعدد أغسطس 1997 قائلاً ان علاقتى بقداسته ليست علاقة صحفى بمصدره ولكنها علاقة روحية عميقة وممتدة منذ ما يقرب من عشرين عاماً ، فهو بالنسبة لى صديق واستاذ واعترف انى تعلمت منه الكثير ، كما انه وطنى من الطراز الأول .
اما الصحفى فؤاد قنديل فقال فى معرض تغطيته حفل تكريم قداسته فى طرابلس واستلامه جائزة اللجنة الدولية لحقوق الانسان التى تحمل اسم "العقيد معمر القذافى" ان الآلاف من الجموع احتشدت لاستقباله فى الشوارع وكانت لكلمته الموجزة لمراسلى الصحافة آثرها البالغ فى كل من تلقاها فنراه يقول : "أنا لا أتردد فى كل مناسبة أن أعلن عن محبتى وتقديرى لهذا الرجل العظيم الذى اعتبره من الضمانات الحقيقية ضد الفتنة والتطرف وأضاف ان علاقتى بقداسته ترجع الى فترة من أكثر فترات القلق فى حياة مصر الى أحداث سبتمبر 1980عندما أصدر الرئيس السادات قراراً بتعيين لجنة لادارة أمور الكنيسة القبطية ومنذ تللك الأيام القاسية لم تنقطع علاقتى مع قداسته وكنت أحس دائماً بقلبه الكبيرالعامر بحب مصر" هكذا أعلن دكتور يحى الجمل فى تصريح له بجريدة المصرى اليوم عدد 1 أكتوبر 2007
وعندما وجد الكاتب الصحفى ماجد عطية صورة قداسة البابا شنودة مرسومة على دولار أمريكى تتصدر غلاف مجلة روزاليوسف ، آثار هذا حفيظته فكتب فى مجلة المصور عددأبريل 1997 قائلاً :هل نحن فى حاجة لأن نذكركم بمواقف هذا الرجل العظيم الذى يعتبره المصريين رمزاً حقيقياً لهم ، أنه رجلاً مناضلاً ووطنياً فهو أول من أصدر عام 1976 كتاب بعنوان " اسرائيل ليست شعب الله المختار " وكان أول صوت يرتفع بايجابية ضد التطبيع ويصدر بيانه الشهير الذى حظر فيه من زيارة القدس ودفع ثمن هذا سنوات معزولاً فى ديره عن كنيسته و الناس ، وأشار الى ان حزب الله أعلن أثناء وجود قداسته فى لبنان بان قداسته هو بابا الشرق كله وألقيت الخطب فى تكريمه وتعداد مواقفه العربية والوطنية .
بينما يقر الكاتب الصحفى عبد الله السناوى بجريدة العربى عدد مارس 1994 قائلاً اختلف كما تشاء مع البابا شنوده ولكن عليك تسلم ان عزوفه الصارم عن استخدام المفردات الطائفية الانعزالية فى تصريحاته ومواقفه قد جنب مصر مصير أقطار عربية أخرى جرت الى الحروب الأهلية
هذا الى جانب شهادة الدكتور مصطفى الفقى بجريدة المصرى اليوم عدد 15 نوفمبر 2007 بان تاريخ الكنيسة يتحدث عن البابا كيرلس الرابع باعتباره " أب الاصلاح " الا انه سيتحدث قطعاً عن البابا شنودة باعتباره " أب الهوية الوطنية الحديثة للأقباط " ، وأضاف ان له يرجع الفضل فى دفع الأقباط الى الساحة القومية حتى ان الجماهير تلقبه " بطريرك العرب " لمساندته للقضية الفلسطينية ، وأتذكر اننى طالبت سيادته بتزكية شخصيات قبطية للتعيين فى مجلس الشورى ففوجئت به يملى على أسماء بعض المسلمين على رأسهم "الدكتورفرج فوده " قائلاً ليس يعنينى دين من سوف يتم تعينه بل ما يعنينى هو ايمانه بالوحدة الوطنية ونبذه التطرف ودعوته للمحبة والتسامح .