القاهرة 23 مارس 2017 الساعة 11:25 ص
لست أقصد من هذا العنوان الأمهات اللواتي نراهم في الأفلام والمسلسلات. ولا أقصد النجمات الكبيرات اللواتي ارتبطت أدوار الأم بهن في السينما والتليفزيون وإبداعاتهن في أدوار الأم الطيبة والمحبة والحنونة والشجاعة وحائط الصد المتين ضد كل ما يمس ابناءها. وكل ما نعرفه من ملامح الأم علي الشاشة. ولكنني أقصد أمهات أخريات لا تقدمهن الشاشات ولا حتي نعرفهم نحن في الحياة.. نساء تجاوزن الأدوار التقليدية للأم. وخرجن من بيت الطاعة المجتمعي الذي يريد الابقاء عليهن دائما في البيت أو بجانبه. نساء رأيناهم. للمرة الأولي. علي شاشات التليفزيون. عبر البرامج والاحتفالية الرسمية بالمرأة المصرية بحضور رئيس الجمهورية وقيادات الدولة. نساء لهن أدوار فاعلة في الحياة. وفي حياة الأسرة ولسن مجرد سنيدة أمام البطل.. الرجل.. وفي الحقيقة فإنه الاهتمام بالنساء العاملات في هذا الأسبوع. والبحث الذي قام به عدد من البرامج في بعض قنوات التليفزيون العام والخاص لم يأت وحده بدافع من منهج اعلامي يتفاعل مع المتغيرات الاجتماعية. وانما بدافع من التقاط هؤلاء لاهتمام الدولة المصرية ورئيسها بالمرأة. واعتبار 2017 هو عام المرأة المصرية. واقامة هذا الاحتفال الكبير بحضور الرئيس بعد أن كان في الماضي احتفال تقيمه وزارة الشئون الاجتماعية ويخصها وحدها للأمهات المثاليات. ولا عيب في أن نقرر أن اهتمام الدولة يلهم الإعلام ويحرضه علي التنافس لتقديم ما لم يقدم من قبل. وفي هذا الاطار فقد أدي هذا الاهتمام بالمرأة إلي قرار فتح العديد من القضايا والملفات الهامة.. من خلال المحتفي بهن علي الشاشات. سواء عبر البرامج. أو عبر الاحتفال الرئاسي.. وهي ملفات وقضايا تخص أمور متعددة لكنني سوف اتوقف فقط عند ما يخص الثقافة والفن.
سؤال لأم الشهيد
¼ علي شاشة "صباح الخير يامصر" بالقناة الأولي.. تساءلت أم الشهيد شاب عن الأعمال الدرامية التي تتحدث عن البطولات والقيم وضربت مثلا برأفت الهجان. وجمعة الشوان "دموع في عيون وقحة" ولم يرد عليها أحد ليقول إن هذه الأعمال قدمت عبر انتاج الدولة من خلال التليفزيون المصري وانتاجاته الدرامية التي توقفت الآن.. والسؤال الذي طرحته أم الشهيد يعبر ويلخص اسئلة كثيرة في هذا الاطار. خاصة مع تصاعد حجم الانتاج الدرامي الخاص وسيطرته علي كل القنوات تقريبا وتوقف نوعيات ضرورية وهامة لا ينتجها هذا القطاع ومنها المسلسلات الوطنية والتاريخية.
وسؤال عن التعليم والعمل
¼ علي شاشة "نهارك سعيد" بقناة نايل لايف - حوار مع الحاجة رقية جاد الحق. رائدة محو الأمية بكفر الشيخ والتي تحكي ببساطة كيف زادت نسبة الأمية الآن عن السنوات السابقة وقل الاهتمام بمحوها. خاصة بالنسبة للنساء. وكيف تخلق الأمية والعجز عن القراءة والكتابة مشاكل عالية جدا "علي حد تعبيرها" حين تتولي ست البيت المصاريف وشئون الأسرة والأولاد وهي لا تعرف القراءة ولا الكتابة. وان المجتمع الآن. خاصة النساء. محتاج بشدة لفصول محو الأمية التي بدأت هي بها وكانت تجمع كل الأعمار من 16 إلي 50 عاما.
ومن برنامج إلي آخر. علي شاشة القناة الثانية. لنري حواراً مع أول امرأة تقود عربة نقل ثقيل "تريللا" ومن خلال مجموعة لقطات لها. وحديث كله ثقة تحكي قصتها مع الحياة حين وجدت نفسها بلا مورد بعد رحيل الزوج. وبدأت بسيارة أجرة قبل أن تنتقل إلي الأصعب وتواجه التحدي. وربما الاستفزاز. وتخوض كل امتحانات المرور. وأيضا فعلت هذا "أم وليد" سائقة التاكسي بشبرا والتي كانت ضيفة القناة الأولي صباح الثلاثاء - يوم عيد الأم - ومعها "أم باسم". السباكة بالدرب الأحمر والتي أكدت للمشاهدين ان عملها اقتضي منها دراسة لمدة عام ونصف العام وانتباهاً ومهارة.. هذه النماذج وغيرها أفرجت عنها شاشات التليفزيون بسبب الاهتمام بعام المرأة. وليس لأن هذا واجب الاعلام وجزء من عمله وإلا لما وجدنا برامج الطهو تنتشر علي هذا النحو الوبائي. ومعها برامج الرغي مع النجوم.
ولدينا ما نقوله
¼ من جانب آخر.. فقد جاء تكريم الرئيس للأمهات المختارات في عيد الأم ليفجر ملامح أخري في الصورة. فكل امرأة حصلت علي وسام التكريم كان لديها ما تقوله وإن حال تنظيم الاحتفال دونه. البعض منهن تحدثن إلي الرئيس. ومنهن من كانت قضيتها تخص المجتمع وليست الأسرة وحدها. وكان من الأفضل ترك مساحة لكل واحدة تمثل محافظة بكاملها لأن تتحدث أمام الجميع. لأن لنساء مصر الكثير من الآمال والمطالب وهو ما عبرت عنه بعضهن عقب انهاء الرئيس لكلمته حيث جاء الهتاف والكلمات من النساء الحاضرات في صورة تلقائية رائعة تعبر عن رغبة حقيقية في التعبير عن النفس وفي التفاعل مع ما يحدث علي الأرض والوطن.. ان هذا الاحتفال بالنساء جاء ليكشف عن طاقات نصف المجتمع المهدرة أو القادرة علي المشاركة في نهضة مصر.. وعلي العاملين بالاعلام كله. المرئي والمسموع والورقي أن يجعلوا النساء بكل أطيافهن ضيفات عزيزات تتاح لهن فرصة التعبير والحق في التواجد مهما كانت مهنهن أو مستوياتهم الحياتية. فلا يمكن أن يتقدم بلد من خلال الانحياز للنخبة فقط.. وهذا ما فعله اعلان الدولة عن تقديرها للمرأة وفتح الأبواب المغلقة أمامها.