القاهرة 04 يناير 2017 الساعة 03:36 م
اعداد:رحمه منصور
رحل عن عالمنا الأديب والناقد الفنى البريطانى جون برجر صاحب الدراسات النقدية والفكرية ذات المنحنى الراديكالى تاركا لنا الكثير من الأعمال والتى ارتبط الكثير منها بالقضية الفليسطينية ..هوناقد فني ورسام وروائي، تعتبر كتاباته من أهم الكتابات النضالية على مستوى الفكر واللغة.. ولد برغر في لندن في تشرين الثاني نوفمبر 1926 درس الرسم بين عامى 1948 و1955 وفى عام 1952 أصبح ناقدا نافذا للأعمال الفنية وفقا لدار لوليفييه الفرنسية للنشر التى تصدر أعماله وأوضحت الدار انه كتب عن كوربيه وسيزان وبيكاسو أصدر الكثير من الكتب والمسرحيات
بدأ برجر مسيرته الأدبية برواية إيه باينتر أوف آور تايم" رسام من عصرنا"
التي ألفها عام 1956 ونشرها بعدها بعامين، وفاز برجر بجائزة بوكر الأدبية عن روايته "الذائعة " والتى أثار بعدها ضجة كبيره بعدما تبرع بنصف مبلغ الجائزه إلى تيار يلاك بانثرز "الفهود السود"
غادر جون لندن ليعيش باقي حياته في قرية بجبال الألب الفرنسية، ومن وحي تلك الحياة أنجز "عام1981 Into Their Labours trilogy" ثلاثيته عن ملحمة الحياة الفلاحية
في العالم الحديث، ومكث الراحل في فرنسا أغلب عمره حتى توفي فيها. كان حريصا على العيش خارج حدود الجغرافيات الرسمية؛ يعيش لفكرته وفي فكرته، ولا يؤمن إلا باللغة وطنا له ثابتا، ويرى أن الخلق الإبداعي إنما هو نمط من أنماط المقاومة والتحرّر. ولم يسعَ هذا الكاتب، خلال تجربته الإبداعية، إلى نيل الشهرة ولا إلى كسب المال مثلما فعل مبدعو جيله، وإنما ظلّ يعيش في الخفاء منصتًا للبسطاء من الناس و عمل فلاحا في مزرعة أحد الملاك الفرنسيّين مقابل تمكينه من شقّة للسكن
كان جون برجر ينتقد عمل كثير من المؤسّسات الدولية وسياسات الدول الرأسمالية التي تحتكر مفهوم الحرية وتُجريه على الشعوب مجرى خاصًا لا ينفع الفقراء والمظلومين والمهمَّشين، وإنما يخدم مصالح تلك الدول ويزيد من تأزّم أوضاع الناس، على غرار مسائل اللجوء والهجرة وإصلاحات التربية ونشر الديمقراطية. وقد انصبّت مقالاته الصحافية على نقد المجتمع الاستهلاكي القائم على الفصل البيِّن بين الفقراء والأغنياء، وتوريط الشعوب الضعيفة في نمط حياتي يفقدها خصوصياتها الثقافية والاجتماعية، فلا تجني منه سوى التكشّف أمام غول الرأسمالية الذي لا يتوانى عن ابتزازها بشيطانية وإفراط في مقدراتها البشرية والمادية مقابل منحها وهم التطوّر والتحضّر
قال عنه الروائي سلمان رشدي، إنّ ما يميّز أفكار جون برجر هو أنه كان قادرا دوما على أن يبيّن لنا أن ما نراه من أشياء إنما هو خطابات وقع التلاعب بها، ولذا وجب الحذر منها، والتيقّظ لمكرها لحظةَ تأويلها.
تعاطف جون برجر مع الفلسطنين فقد حرص هذا الكاتب على ربط علاقات صداقة مع المبدعين الفلسطينيين، وترجم بعض نصوص محمود درويش، كما كتب مقالات وصّف فيها معاناة المواطن الفلسطينيّ، وحينما زار فلسطين بعد وفاة محمود درويش، كتب مقالة أسمّاها «مكان يبكي» قال فيها: «بعد أيام من عودتي ممّا كنت أظن، حتى وقت قريب، أنها الدولة الفلسطينية المستقبلية وهي في الأصل عبارة عن أكبر سجن (غزة) وأكبر غرفة انتظار (الضفة الغربية) في العالم، كان لدي حلم: رأيتني واقفا وحدي في صحراء رملية، عاريا إلى نصفي، وفجأة التقطت يد شخص مّا حفنات من تراب الأرض ورمتني بها في الصدر. ورأيت أن هذه العملية لم تكن عدوانية وإنما كانت لجلب انتباهي. وقبل أن تصل إليَّ حفنة التراب تحولت إلى قطعة من القماش الممزق، ربما كان ذاك القماش من القطن، وراحت شرائط القماش تغطّي جسمي. ثم تحولت هذه الأشرطة القماشية إلى كلمات وعبارات لم أكن أنا مَن كتبها وإنما كتبها المكانُ. وأنا أتذكّر هذا الحلم، ظلّت عبارة «أرض مسلوخة» تتردّ على ذهني ذهابا وإيابا، واصفة مكانا أو أمكنة حيث كل شيء فيها ماديا كان أو رمزيا، مجرَّد من تاريخه، مسروق، مجتاح ومتحوّل، إلا الأرض فقط ظلت ثابتة
توزعت أعماله بين السرد والشعر والتصوير والسينما والدراسات النقدية والفكرية ذات المنحى الجديد والراديكالي. أشهر أعماله "نجاح بيكاسو وإخفاقه"، و" وجهات نظر" ودراسته "طرق في الرؤية" التي قدمها برغر بنفسه عملاً تلفزيونياً في حلقات على تلفزيون "بي بي سي".
يقول جون برجر عن نفسه في حوار مع مجلة «الموقف الأدبي»: «اسمي جون برجر. ولدت في لندن سنة 1926 وأنا كاتب. عندما يتحدثون، يضيفون منذ 35 سنة، الكاتب الماركسي. كتبت روايات وأشعاراً ومقالات وتحقيقات، ونقداً فنياً وأدبياً ومسرحيات وسيناريوهات أفلام. لأن هذه كلها وسائط مختلفة لمحاولة فهم ومقاربة ما الذي يجري في عالمنا». وللوصول إلى هذا الفهم يقف الرجل دوماً بجانب المضطهدين، فلا يهم أن تكون فلسطينياً أو من أمريكا اللاتينية، أو مغلوباً على أمرك في أوروبا، فأنت أينما كنت فريسة لنظام قاس لا يرحم، ضمن عدة سياسات لم تزد العالم سوى تشويه
خلال شهر يونيو/حزيران عام 2003، قام جون برجر، بزيارة إلى رام الله، ليصبح أحد المغضوب عليهم من دولة الاحتلال. تجوّل الرجل وذهب لمقابلة الناس، رأي الحياة تحت الحصار، والمنازل المتهدمة، ومراكز التفتيش، وفضح ما يحدث، في العديد من المقالات والأعمال. يذكر برجر أن «مراكز التفتيش تعمل كما لو أنها على حدود داخلية، مع ذلك هي لا تشبه مراكز تفتيش. هي بنيت على شكل حاميات عسكرية، بحيث يتحول كل الذين يمثلون أمامها إلى لاجئين غير مرغوب فيهم. الفلسطينيون يتذوّقون الإذلال أحياناً لمرات عديدة في اليوم الواحد، ويلعبون دور اللاجئين في بلدهم الأصلي». وقال عن الفلسطينيين بأنهم يمثلون حالة اليأس الذي لا يُهزم.
? ومن أعماله رسام من عصرنا»?، ?تحكي قصة حقيقية عن اختفاء رسام مجري و «?هنا حيث نلتقي»?، «?طرق الرؤية»?، «?طريقة أخري للحكي»?، «المنفى»، «الهجرة»، «زوال عالم الفلاحين»، «الليبرالية الجديدة»، «الملك»، «نجاح بيكاسو وإخفاقه»، «من عائدة إلى كزافييه»، ?ورواية «?جي» ?التي حصلت على جائزة بوكر عام ?1972. وقد استخدم نصف المبلغ الذي تسلمه فأنتج مع المصور السويسري جان موهر، كتاب «الرجل السابع» عن العمال المهاجرين في أوروبا، أما النصف الثاني من المبلغ فأهداه إلى حركة «الفهود السود» في الولايات المتحدة.
حصل على جائزة بوكر الأدبية، جائزة الجمعية الوطنية للنقاد السينمائيين لأفضل سيناريو. كما تم ترشيحه لنيل جائزة نيوستاد الدولية للأدب
توفى الأديب والناقد الفنى البريطانى جون برجر الأثنين عن عمر ناهز 90 عاماوفقا لدار نشر الفاجوارا وأكد أبنه جايكوب أنه توفى أنتونى وقال أنه دخل المستشفى قبل وفاته بأيام بسبب قصو فى الكليتين وأكد أنه توفى المنزل محاطا بأفراد أسرتة