القاهره 20سبتمبر2016 الساعه 12:30م
كتبت :رحمه منصور
السلطان الناصر حسن بن السلطان الملك الناصر محمد بن السلطان الملك المنصور قلاوون ويعتبر ملك مصر التاسع عشر من جنس الترك المماليك والسابع من أولاد الناصر محمد بن قلاوون , تولى السلطنه مرتين كانت أولاهما فى رمضان سنة 748 هـ وكان عمره أنذاك 13 سنه وثانيها عام 755 هـ بعد أن سجن لمدة ثلاثة أعوام ...
ولصغر سنه ناب عنه فى أدارة شؤوون الدوله الأمير بيبغاروس وعين الامير منجك اليوسفى فى الوزاره والأستداريه وفى سنة 751 هـ / 1350 م أثبت القضاء أنه بلغ سن الرشد
فتولى الحكم وقبض على الاميرين بيبغاروس ومنجك اللذين كان فى يدهما أمور الحكم مما دعا الامراء فى التأمر عليه وإقصأه عن الحكم 752 هـ / 1351 واعتقل وعين مكانه أخيه الملك الصالح الصالح
فى سنة 755 هـ /1354م عاد الملك الناصر حسن الى ملك مصر فاستبد بالحكم وتزايد سلطانه ومماليكه حتى سنة 762 هـ/ 1360م حين اشتدت الفتنه بينه وبين الامير يلبغا الخاصكى بسبب تقريب السلطان أبناء الاسر وتعينهم فى حاشيته
حاول السلطان الفك من الامير يلبغا ولكنه فشل فهاجمه الامير يلبغا فى القلعه فهرب السلطان ثم قبض عليه ومن معه فى المطريه سنة 762 هـ/ 1361 م وكان هذا اخر العهد به وقيل انه خنق وألقى به فى البحر ولم يعرف له قبر
وكان السلطان حسن ملكا حازما مهيبا شجاعا صاحب كلمة نافذه لم يشرب الخمر ولم يأتى بفاحشة ظاهرة واختلف عن كثير من ملوك وأمراء المماليك ويصفه " ابن تغرى بردى " فى كتابه (النجوم الزاهرة ) بأنه كان مفرط الذكاء , عاقلا فيه , رفيقا بالرعية متدينا شهما
أنشأ السلطان حسن بن الناصرمحمد بن قلاوون مدرسة ومسجد السلطان حسن (757 هـ ــ 764 هـ / 1356 م ـ 1362 م ) وسمى نسبة الى اسمه خلال حقبة حكم المماليك البحرية ويقع بمنطقة الخليفه جنوب القاهره ويعرف هذا الموقع قديما بأسم سوق الخيل
قام الامير يلبغا اليحاوى ببناء قصر له فى هذا الموقع فى عهد الناصر محمد قلاوون ثم قام السلطان حسن بهده وبنى محله هذه المدرسة ونظرا لوقوعها امام قلعة الجبل اتخذها المماليك حصنا لهم يدافعون به عن انفسهم
يعد المسجد من أكثر اثار القاهره تناسقا وانسجاما ويمثل مرحلة نضوج العماره المملوكيه ويتكون البناء من مسجد ومدرسة لكل المذاهب الاربعه
يمثل مسجد السلطان حسن أحد أهم ألاثار الاسلاميه التى لا يخلو أى برنامج سياحى من زيارته ويتوافد عليه السائحون والوافدون وكبار الزوار وكان أشهر من زاره فى الفتره الاخيرة الرئيس الاميريكى باراك أوباما وقرينته ووزيرة خارجيته هيلارى كلنتون وذلك لما يمثله المسجد من تحفة معماريه فريدة
أنشئ أسفل قلعة صلاح الدين التى تطل على القاهره واغتيل السلطان حسن بن قلاوون بعد البدء فى بناء المسجد بثلاث سنوات ليكمله من بعده تلميذه الامير بشير الجمدار لينتهى بعد أربع سنوات اخرى ويقال انه تكلف 750 ألف دينار من الذهب فى وقته
وصفهم لمسجد السلطان حسن
يقول الدكتور عطيه القوصى بأنه أفخم المساجد المملوكيه بسبب جمعه بين ضخامة البناء وجمال الهندسه وتنوع زخارفه كدقة الحفر فى الحجر ممثلة فى زخارف المدخل والباب النحاسى للمسجد والثريات النحاسيه والمشكاوات الزجاجيه التى تزين سقف المسجد والشغل فى الخشب الذى تميز به العهد المملوكى
يقول جاستن بيب المدير الاسبق للمتحف الاسلامى بالقاهره أنه أبدع أثار القاهره وأكثرها تجانسا وتماسكا وكمال وحده وأجدرها بأن يقف بجانب تلك الأثار المدهشه التى تركها الفراعنه
ويقول الكاتب الاميريكىى ول ديورانت فى موسوعة "قصة الحضاره" تروى أسطوره غير مؤكده كيف أن السلطان حسن جمع مشاهير المهندسين من بلاد كثيره وطلب منهم أن يذكرو له أعلى صرح على البسيطه وأمرهم بأن يشيدو أعلى منه مشيرا إلى بدعة صنعته ودقة زخارفة
جامع السلطان حسن
أول ما يجذب الزائر عند زيارته لمسجد السلطان حسن هو إرتفاعة الشاهق ودقة تصاميمه المعمارية حيث بنى من كتل حجرية ضخمة
تبلغ مساحة مسجد السلطان حسن 7906 م وطوله 150 م وعرضه 67م وإرتفاعه 39 م وتعد مئذنة مسجد السلطان حسن كأطول المأذان فى مصر حيث ترتفع 81 م نحو السماء فوق المسجد
وتظهر دقة الحفر فى الحجر بمدخل المسجد بالزخارف المنقوشه عليه وهو مربع الشكل ويبلغ طوله 34.60 متر وهو مفروش برخام أبيض مرمرى وتتوسطه فسقيه للوضؤ تعلوها قبه خشبيه على ثمانية أعمده
ويتبع المدخل سلم مكون من خمس درجات يتبعه دهليز ينثنى على شكل زاويه الى اليسار لينتهى الى صحن المدرسه المفروش بالرخام المتعدد الالوان
وتبلغ مساحتها 32 فى 34 متر تعتبر تحفه فريده من نوعها فهى ساحه مرصوفه من أحجار الفسيفساء ويطل عليها اربعة إيوانات والايوان ماكن له ثلاث حوائط وسقف ومفتوح من الجهه الرابعه تودى كل واحده منهم الى مدرسه فقهيه
تتمثل براعة صناعة الرخام فى وزرتى القبه وايوان القبله ومحاريبهما الرخاميين والمنبر ودكة المبلغ وكسوة مداخل المدارس الأربعه المشرفه على الصحن ومزارات اعتاب أبوابها وايضا دقة صناعة النجاره العربية وتطعيمها مجسمة فى الأيات المنحوته على جدران القبة
ويمثل بابا المسجد بدعة فى صنعه فهومكسو بالنحاس المشغول بأشكال هندسيه تحصر بينها حشوات محفوره و مفرغه بزخارف دقيقه ومثله بابا المنبر وعلى أحد مدخلى القبه يوجد بابا مصفح بالنحاس حشواته بالذهب والفضه على اشكال وهيئات زخرفية
وتبلغ ارتفاع قبة المسجد 48 متر وقطرها 42 ويرجع تاريخ انشاءها الى القرن السابع عشر حيث انها حلت محل القبه القديمه التى فقدت بسبب نزاع عسكرى بين فرق الجند العثمانى
بأركان القبه أشكال ضخمه من الخشب نقش أحدهما ليمثل ما كانت عليه باقى الأركان وتكسو جدران القبة بارتفاع ثمانية أمتار وزارة رخامية يعلوها طراز خشبى مكتوب عليه تاريخ الأنتهاء من بناء القبة القديمة سنة 764 هـ ونقشت على دائرة القبة من الداخل أيات من القرأن الكريم
ويوجد قبه أخرى بالمسجد ترتفع 8 أمتار مكسوه جدرانها بالرخام الملون تسكن تحتها مقبرة السلطان حسن ولكنه لم يدفن بداخلها لأنه حين قتل لم يعثر على جثته
وكان فى مخطط المسجد أن يشمل أربع مأذن ولكن لم يشد سوى ثلاث منها إنهارت واحدة منهم فتشائم السلطان المملوكى من موت بعض الماره بسبب سقوط المأذنة وأكتفى بمئذنتان مازالت قائمتين إلى اليوم
وكان مسجد السلطان حسن فى موقع متميز جعل له دور كبير فى تاريخ مصر حيث
أتخذه المماليك حصنا لهم لوقوعه أمام القلعة فأذا حدثت ثوره أو فتنة بين الأمراء والسلطة الحاكمة تكون القلعة هى الشغل الشاغل للثوار فى محاولة للسيطره على مقر الحكم بالقلعة لذلك كان جامع السلكان حسن هو الطريق إلى تحقيق هذه الغاية
فكثير ما اعتلى الثوار سطح الجامع وقامو بضرب القلعة وعزل فيها السلطان برقوق عام 791هـ وعند عودتة للحكم 793هـ /1391م أمر بهدم السلالم الموصلة لسطح الجامع وسد الباب الرئيسى للجامع وفتح أحد شبابيك المدرسه يطل على ميدان القلعة ليكون بابا للدخول إلى الجامع
وفى عام 825هـ /1422 أعاد الأشرف برسباى ترميم سلالم الجامع وسمح بالأذن فى مأذنه وأصلح الباب الرئيسى ولكن عاود الأمراء والثوار سنة842هـ/1438م الهجوم على القلعة مقر الحكم من سطح الجامع فأمر السلطان أبو سعيد جقمق بهدم السلالم الموصلة إلى المنارات
وفى سنة 858هـ / 1454م أمر السلطان أبو النصر إينال إلى المهندسين بفحص المنارة القبلية فتبين لهم سلامتها ولكن وجد أن رصاص القبه به ثغرات وهلالها به إعوجاج من كثرة إصابتها فى الحروب فرفع وبقيت القبة بدونه
وفى سنة 902هـ /1497م حوصرت القلعة وتبادل المماليك الضربات من وإلى المدرسة ونهبت المدرسة وقناديلها ورخامها
لكن الأمير طومان باى الثانى أصلح جدران المدرسة زما تلف منها وأقيمت الخطبة بها بعد أن كانت معطلة نحو عشر سنوات
وفى سنة 906هـ /1500م هدم الأشرف جان بلاط جزء بسيط خلف محراب القبة بصعوبه ثم أوقف الهدم
ثم أمر الملك طومان باى بترميم جميع ماتهدم من جدران أثناء محاصرة القلعة وقام بغلق الباب الكبير مرة ثانية لمدة 51 عام منذ 1149هـ /1736م وحتى سنة 1200هـ /1785م حيث أصلح المسجد سليم أغا وفتح بابه وأزال الدكاكين من أسفله وبنى له سلالم ومصطبه جديده
ويعد مسجد السلطان حسن من أهم المعالم الأسلامية والسياحية التى يحرص الزوار السياح على زيارته ففى عام 2009 قام كل من الرئيس الأمريكى باراك اوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون بزيارته ضمن جولة سياحية أثناء زيارتهم مصر
وفى أغسطس 2011 زارت المسجد السفيره الامريكية أن باترسون بصحبة الكاتب المصرى جمال الغيطانى وفى أغسطس 2012 زاره رشاد حسين مبعوث الرئيس الأمريكى باراك اوباما الخاص إلى منظمة التعاون الأسلامى وفى مارس 2016 قام بزيارته سفير دولة الكويت لدى مصر فى إطار دعم السياحة العربية إلى مصر وإبراز الكنوز الأثرية
وبالرغم من الأحداث التى مر بها مسجد السلطان حسن الأ انه مازال واقفا شامخا وحصنا منيع ومن أبرز المعالم الأسلاميه العظيمه التى تحكى لنا مدى عراقة التاريخ المصرى ودقة وفخامة البناء والتصميم