القاهرة 23 اكتوبر 2016 الساعة 01:41 م
قمـــر
ــــــ
مونودراما مسرحية
ـــــــــــ
يفتح الستار على مكان مظلم، ضجيج وأصوات غير مفهومة تتعالى ثم تصمت فجأة. صرخة مدوية تطلق من بعيد، ثم بكاء ونحيب.
تظهر الإضاءة تدريجياَ، موحية بطلوع النهار، مع سماع صوت تغريد عصافير، تظهر ملامح المكان الذي يتضح أنه شواهد قبور، تحيطها بعض نباتات الصبار.(موسيقى جنائزية)
تتجه الإضاءة إلى أحد الشواهد وتظهر البطلة "قمر" وهي تقوم من خلفه، سيدة مسنة محنية الظهر تتكئ على عصا، ترتدي جلبابَا أبيض متسخَا لا يخلو من بعض البقع، فوقه بالطو أبيض ومُعلق في رقبتها سماعة طبيب، شعرها غير مرتب. (شخصية مضطربة وعيونها زائغة) في حالة من الفزع والذهول، متسائلة: أنا ايه اللي جابني هنا، وإزاي نمت بالشكل ده، معقولة بقالي سنين مش عارفة أنام. آه افتكرت أنا كنت قاعدة هنا (مشيرة إلى يمين الخشبة) لأ هنا (مشيرة إلى اليسار) مش هتفرق المهم أنا جييت هنا لييييييييه؟ يظهر إنك اتجننتي يا قمر، أيوه افتكرت، أوعو تفتكروا أني جاية أزوركو، والا ادعيلكو والا افرق رحمة ونور عليكو، مش ملاحظين اني أول مرة آجي هنا، أنا حتى مجتش مع أي واحد فيكو عشان أودعه، ولا حضرت أي جنازة، عارفين ليه؟؟ (بصوت مرتفع يقترب من الصراخ) عشان بكرهكو.. أيوه بكرهكو كلكو، هي دي الحقيقة.. مين فيكو معذبنيش.. مين فيكو ما ساهمش في دماري؟ هو اللي أنا فيه دلوقتي مين السبب فيه؟؟ مش انتو؟ الحرمان من كل حاجة: الإحساس بالأمان، الحب، العيلة واللمة.. أيوه كل واحد فيكو، حتى أكتر واحد حبيته، ويمكن كان بيحبني بس عمل لي ايه؟؟
أنا جاية عشان أقولكو عاوزين مني ايه، بتطاردوني ليه، حولتو حياتي لسلسلة من الكوابيس اللي مش بتخلص. كل ما أنام أقوم مفزوعة، إهانات وضرب وشتيمة.
(تتجه نحو الشاهد الأول) وتحادثه بصوت هادئ: أنت الشخص الوحيد اللي كان بيجيبلي كل حاجة، ويحقق لي كل شئ: (بصوت طفولي) عاوزة اروح رحلة يابابا، عاوزة فستان جديد، هتجيب لي ايه في عيد ميلادي؟؟؟
(تعود إلى صوتها العادي) وبعدين فجأة سيبتني ومشيت، كل حاجة راحت الكلمة الحلوة والدلع والرحلات والفسح والهدايا وأعياد الميلاد. عارف ابنك عمل فيا ايه؟ اللي كنت دايمَا تقوله دي الدكتورة "قمر" اللي هترفع راسك وتشرفك: بعد ما مارس علي كل ألوان العنف والسادية ووصلني للي أنا فيه دلوقتي (مقلدة صوته) فين القميص اللي قلتلك اكويه، أغسليلي الشرابات، أنا راجل البيت وكلمتي تتسمع، أنا قلت مفيش مرواح المدرسة النهارده ومن غير سبب مزاجي كده.
(بصوتها) بيقوللي أنا بستعر منك، ومن شغلتك، مش عارفة إزاي بيستعر مني ومن شغلتي ومش بيستعر من فلوسي، اللي طول عمره بياخدها مني، من أيام الشلن والبريزة عشان السجاير الفرط، لغاية الألافات اللي جوزته وصرفت على بيته وعياله.
أما الست اللي اتجوزتها فأكيد أنت عارف عملت فيا أيه ما هي عملت فيك كتير أوي، وكنت بتستحملها، كنت مصدق كدبتها(تضحك ضحكة ساخرة) ابن الجنايني اللي إتجوز بنت الباشا (تضحك مرة أخرى) وأنت طبعَا صدقت، أو كنت عاوز تصدق (تتنهد تنهيدة طويلة) لا هي بنت باشا ولا انت ابن جنايني، كل الحكاية انك ناسبت الحاج رشوان (هههه) رضي الله عنه وأرضاه، وأنت ابن الست اللي اترملت على ولادها وربيتهم، وطبعا الحاج رشوان قال: محطش إيدي في إيد واحدة ست، وطلع عينك على ما وافق يجوزك البرنسيسة.
تقدر تقولي مين بقى الحاج رشوان ده، اللي قعدت طول عمرها تقول انا عزيزة النفس زيي ابويا، انا ابويا رباني عالعز، طب بذمتك عمرك شوفته داخل علينا بكيس فاكهة؟ والا ادى حد فينا قرش؟ كان في كل زيارة من اول ما ييجي لغاية ما يمشي يقول انا ماشي، وبنته تقوله: (مقلدة صوت أمها) استنى بعد الغدا وامشي في الطراوة، هتمشي بالليل في الضلمة الصبح افطر وأمشي، وفيها كام يوم على كده، أصله حساس وعزيز النفس..... ولما كبر ومرض ولاده الرجالة اللي رباهم على عزة النفس والأصول تفتكر ساعتها ماتوا في الحرب والا راحو فين؟ الراجل فضل في بيتك واتكفلت بعلاجه لغاية ما مات حتى مصاريف الخارجة والجنازة انت اللي دفعتها.
عارفة انك كنت بتحبه خصوصا انك كنت محروم من الأب، بس ازاي ما اخدتش بالك من كدبهم وتمثيلهم المكشوف لكل الناس، ليه استحملت تعاليها عليك، ليه ما واجهتهاش بحقيقتها هي وعيلتها.
وبعدين مُت وسيبتني ليها تمارس علي عقد النقص والتعالي وكراهيتها لعيلتك وعاملتني على اني بنتهم، ونسيت اني جاية منها هي.
تعرف بعد ما مُت أخوك اتهمها إنها قتلتك، وأنا مصدقاه. يمكن دي الحاجة الوحيدة الصح اللي قالها، انت ما موتش من المرض، ولا في حادثة، انت اللي موتك الحب، حبيتها أكتر من نفسك، واتحملت اللي مفيش مخلوق في الكون ممكن يتحمله، قلبك وقف فجأة، تصور بعد موتك قالت أيه: (مقلدة صوتها) طول عمره أناني، حتى في الموت، سابني لوحدي.
أما جريمتك الكبيرة اللي عشت عمري كله ادفع تمنها، هي إسمي "قمر" كنت فاكر نفسك زكي وضحكت عليها، وانت بتنادي على حبيبتك بتاعة زمان وبتسمع اسمها بأصوات كل الناس اللي حواليك، لأ وأيه عملت قرعة وكتبت في كل الورق "قمر"، ياترى مكنتش تعرف إن اخواتك برضو بيبادلوها نفس شعورها ناحيتهم، وكان لازم يقولولها على صاحبة الإسم وحيلة القرعة، عشان يحرقوا دمها، والنتيجة.. النتيجة إن أنا اللي فضلت طول العمر أتحرق لأنها شايفاني غريمتها مش بنتها، وفرغت فيا كل العقد.
(تنتقل إلى الشاهد الثاني)
أنت بقى بصراحة كنت نعم العم، فاكر أول ما أبويا مات عملت ايه؟؟ (بنبرة استهزائية) اللي هو يبقى أخوك على فكرة، شهرين.. شهرين اتنين مش كده، بيتهيألي، قلت هنروح المصيف عشان نفسح العيال "اليتامى ياعيني"، (تغير صوتها) الله يباركلك يا حاج ويجعله في ميزان حسناتك، ربنا يخليك ليهم
ويجعلك عوض عن ابوهم.
ده اللي انت قلته، واللي الناس صدقته، (موجهة كلامها للجمهور) بذمتكو ده كلام، واحد اصغر اخواته واطيبهم مات فجأة وهو يروح المصيف عشان يفسح ولاده؟؟
الحقيقة انه حاجز الشقة ودافع فلوسها، قبل ما اخوه يموت وطبعا لو ما رحش الفلوس هتروح عليه. دي أول عصفورة.
(بابتسامه هادئه بلهاء) تفتكروا العصفورة التانية كانت اييييييه؟؟؟
( بصوت مخنوق بالبكاء)
خدامة ببلاش تمسح وتغسل هدوم ومواعين وتشتري الطلبات من السوق (مقلدة صوت زوجته) انتي يا بت نضفي كويس وخلصي بسرعة، ولما تخلصي الشقة أدخلي عالمطبخ قشري التوم وقطعي البصل وأعصري الطماطم.
وولاده ترخم عليها ويعملوا فيها مقالب عشان يتسلوا ويضحكوا.
(فترة صمت قصيرة ثم تعاود الكلام وهي تبكي)
كنت اخر حد يقعد عالسفرة وملاقيش حاجة عشان ولادك كانوا بيخلصوا الأكل كله، وكل يوم أنام جعانة ودموعي على خدي.
مش بس كده (تمسح دموعها وتقلد صوته) اكسر للبت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين (بصوت مخنوق بالبكاء) طب ليه؟ عملت ايه؟ كان وقتها عمري عشر سنين، ومن يومها وهو بيكسر في ضلوعي، طبعَا مش راجل، وأنا بنت مكسورة الجناح والضلوع.
(فترة صمت وتنهيدة)
ولما طلبت تتجوز أمي ورفضت، طب بالعقل توافق إزاي وهي بتكرهك انت وعيلتك كلها (مقلدة صوته) التعريفة بعينك انتي وولادك، على فكرة أنا كنت بساعدكو من جيبي، اخويا باع لي نصيبه في المصنع قبل ما يموت.
(بصوت واهن) هما ولادها دول مش يبقوا ولاد اخوك برضو؟ طب ذنبهم ايه.
(تنهيدة، وبنفس الصوت الواهن) وف آخر أيامك لما ضعفت ومبقاش في ايدك حاجة، وبقيت قاعد في ركن ملكش أي لازمة. عاوز تصلح (ههه) طب إزاي وانت مبقاش في ايدك حاجة؟ فلوسنا وفي ايد ولادك، طب العمر اللي راح، الحوجة للناس ومد الإيد، طب وضلوعي اللي اتكسرت ومطلعش غيرها، والا ايه والا ايه والا ايه.
صحيح انت مُت وقلنا ربنا يسامحك، بس بعد ما سلمت الراية لإبنك وبيمارس نفس الدور. وبرضو بيقول اكسر للبت ضلع يطلع لها اربعة وعشرين، حتى وأنا عمري فوق الأربعين (بنظرة ماكرة ودلع، موجهة كلامها للجمهور) مش بكتير قوي.
(تنتقل إلى الشاهد الثالث)
انت بقى عطفت علينا صحيح، مقدرش انكر، الفلوس اللي كنت بتديهالنا كل شهر، هي اللي علمتنا واكلتنا، لما كنت بتيجي كانت امي بتفرح اوي، وعاوزة تجيب لك الدنيا بحالها، طبعَا ما انت خيرك علينا، وتحرق بدمنا بكلامها اللي زي السم شوفتو الفرق بين عيلتي وعليتكو، عشان كده انا كنت باكره اليوم اللي بتيجي فيه واكره نفسي، لأ مش عشان كده بس، أكيد أنت عارف ليه.. عارف اللي انا مقدرتش أقوله لأي حد. بيقولوا الخال والد لا عمرك كنت خال ولا والد. كنت باكره نظرات عينيك اللي بتلتهمني ، (تختضن كتفيها بأيديها وتلف في المكان) وإيدك لما كنت بتطبطب عليا، كانت نار بتحرق في جسمي، ومكنتش اقدر اتكلم لأن اختك مستحيل تصدقني، وهتفضل تهين فيا لأني تجرأت واتهمت بالكذب واحد من العائلة المقدسة، كنت كتير بشك انك خالي أصلاَ.
(تنتقل إلى الشاهد الرابع)
وانتي يا حاجة عملتي أيه لما أخوكي قطع الشهرية، ولما زور عقود بيع بنصيب أبويا، قلتي كلمة حق؟ قلتي حتى لو ملهمش حق دول لحمنا؟
طب زورتينا كام مرة، كام رمضان وكام عيد مروا علينا والمواسم وأعياد الميلاد، بلاش إحنا طب عيد ميلاد أخوكي، طب ذكرى وفاته، ولا يوم من دول افتكرتي ان فيه يتامى مستحقين لكلمة طيبة، محتاجين لحد من ريحة أبوهم يقولهم عاملين أيه؟؟ ولا مرة؟ .
ما افتكرتيش احن واحد في اخواتك عليكي، اللي كان بياخد من قوته وقوت عياله ويديلك، اللي كان لازم يشوفك كل يوم قبل ما يروح لولاده، اللي كان بيعملك افخم عزومة ويجيبلك كل الأصناف اللي تطلبيها بنفسك، ويقول اختي الكبيرة والوحيدة. نسيتي كل ده؟
آآآآآآآآآآآه (بصرخة) وبعد سنين طويلة افتكرتي ولاد الغالي، والود والهدايا، يا ترى في أيه؟؟ صحوة ضمير، طبعَا لأ عشان مفيش ضمير أصلاَ.
ونجح مخططك ولقيتي عريس مغفل يقبل بنتك (بسخرية) بحسنها وجمالها اللي ملوش زي، والشبك اللي نصبتوه بجملة واحدة "إحنا مش بنحب جواز الأرايب" طبعَا ما هو الممنوع مرغوب، ولأني عانس ومش متوقع اني اتجوز في يوم من الأيام، اخدتوا جهازي اللي اشتريته حتة حتة من شغلي وشقى سنين طويلة، من أيام ما كان بابا بيديني مصروفي واحطة في الحصالة وأمي تفتحها وتجيب لي طقم كوبيات وطقم معالق لغااااااااااااية ما اشتغلت وبقيت أجيب بنفسي، وجبت الستاير والمفارش واطقم السرير والقماش والبطاطين وغيره وغيره، وبعد ما فرشنا البيت وساهمنا كلنا في مصاريف الفرح، مبقاش لينا مكان فيه ورجعت القطيعة بتاعة زمان، بس المرة دي أخدتي واحد مننا معاكي.
بجد شاطرة (بصوت مرتفع يرن في المسرح كله) أوسكار أحسن تمثيل، (ينخفص الصوت) وياريت الحكاية خلصت لغاية كده، عارفين أيه أكتر حاجة كانت بتسعدها هي وبنتها تكسيير الضلوع اللي ابتدا من يوم ما ابويا مات لغاية النهاردة (موجهة كلامها للحمهور) طب قولولي انتو اقول الله يرحمها إزاي؟؟
(بخطوات ثقيلة مترددة تنتقل إلى الشاهد الخامس والأخير)
(بصوت هادئ حزين) مش عارفة أقولك أيه، وألا أبدأ منين، من ساعة ما أبوكي الحاج رشوان وافق يحط ايده في ايد واحدة ست معرفتش تربي ولادها، وجوزك وانتي عمرك اتناشر سنة لواحد أكبر منك بعشر سنين، وحرمك من طفولتك واللعب مع الأطفال اللي من سنك، والا اسم بنتك اللي على اسم غريمتك، والا من ساعة ما اترملتي وانتي لسة اللي في سنك ما دخلوش دنيا، والا طمع عم ولادك وجشعه. مسكينة وعانيتي وشقيتي وربيتي عيالك.
(يرتفع الصوت لأقصى درجة) أنا ذنبي أيه في كل ده: (تغير نبرة صوتها مقلدة صوت أمها) انتي مش صغيرة عشان تلعبي انا اتخطبت وأنا ادك، انتي لازم تكوني مسئولة عن البيت وكل تفاصيله أنا اتجوزت وأنا أدك، أوهمتيني اني الكبيرة وأني مسئولة، لكن الحقيقة اني كنت الدادة اللي حمت ولبست وأكلت، والشغالة اللي طول اليوم متمرمطة في البيت، (بصوت هادئ) كنت بذاكر في السر عشان نفسي أحقق أمنية أبويا وأبقى دكتورة، لكن دكتورة أيه التعليم مش للغلابة (مقلدة صوت أمها) أصرف عليكي منين من الأبعدية اللي سابها أبوكي، والا من اللي بيديهولونا عمك الحرامي، قدرت أخد دبلوم تمريض بعد معاناة طويلة انجح مرة وأجيب ملحق مرة، ما انا كنت بذاكر في المطبخ، وجنب الغسالة، ما هو البيت رقم واحد والبنت شغلتها الأساسية خدمة أمها واخواتها، أصحى بدري قوي، عشان قبل ميعاد المدرسة أكون خلصت الشقة وطبخت وأروح المدرسة ريحتي بصل وتوم بدل البرفان.
ولما قلبي دق وحبيت، ولقيت أيد حنينة بتطبطب علي بجد، وحد بيقولي أنتي إنسانة عظيمة مكافحة، يااااااااااااااااااه، الله يرحمك يا أبويا كنت نسيت الكلام الحلو، وإن حد يهتم بيا ويقوللي كل سنة وانتي طيبة يوم عيد ميلادي، كان بيقوللي أنتي أحلى حاجة حصلت في حياتي، وكتب شعر في جمال عنيا، ما أنا كنت جميلة وقتها. كان بينتظرني كل يوم وأنا رايحة المدرسة. بس عشان يقوللي صباح الخير.
(بابتسامة بلهاء) تصوروا أول يوم قابلني فيه جاب لي وردة حمرة، ومن يومها والوردة دي معايا لغاية دلوقتي حتى شوفوا (تخرج من جيبها نوته صغيرة تفتحها وتخرج منا وردة جافة، وصورة صغيرة) ودي كمان صورته زي القمر.
الغريبة إن بعد كل ده انا اللي فسخت الخطوبة، ومن يومها لغاية النهاردة محدش يعرف ليه، يومها اترجيته يسيب لي الدبلة ووافق يسيبهالي أهيه لسه في صباعي، مكتوب عليها اسمه "سعيد" (ترفع إصبعها ليرى الجمهور الدبلة).
(يذيع المسجل مقطع من أغنية بودعك لوردة "سنة حلوة يا سعيد" وهي تتراقص مع كلماتها، ثم تتوقف الأغنية وتوقف الرقص) وتقول:
أنا لسه متابعة أخباره، تصوروا بقى جد، آه بنته الكبيرة اتجوزت وجابت بيبي، يعني أنا كمان كان زماني تيته، وبلعب مع البيبي، (كأنها تحمل طفل على ذراعيها وتغني) هوووه يا نونه هووووه....
(تتوقف عن الغناء) وتقول: معقوله كل الحب ده وأسيبه من غير حتى ما أقول ليه. مكنش ينفع أقول ليه، وبإيدي غرست الخنجر في قلبي اللي لسه بينزف لغاية دلوقتي، من يومها والناس شايفاني عايشة لكن الحقيقة اني ميتة.
(فترة صمت قصير)
فاكرة قايمة الممنوعات: الكتاب يوم الدخله، مفيش خروج دي مجرد خطوبة، ممنوع نقعد لوحدنا، بلاش السبع كلمات اللي عند الباب دول، وغيره وغيره ....
لكن انتي بقى تقعدي ترغي معاه بالساعات ومتديناش فرصة نقول كلمة واحدة، وطلباتك تكتر قوي وهو موجود، ويا سلام بقى لما تيجي رايحة أي مشوار تاخديه معاكي. كنت بشوف نظراتك ليه، كنت بتفضلي طول اليوم في المطبخ في اليوم اللي جاي فيه، وأنتي من سنين طويلة سايبهولي ومش بتعملي حاجة، مش ممكن انسى يوم ما قولتيله (بدلال) بلاش تقوللي يا ماما فرق السن بينا مش كبير قوللي يا دودي.
(بصرخة قوية) إزاي اتجوزه وانا عارفة إنك بتحبيه؟؟
(تقلل الإضاءة ببطئ إيحاء بانتهاء النهار ودخول الليل)
(تتجول قمر في المكان وتمر من بين الشواهد وتتضحك ضحكة هستيرية، وتتحدث بصوت خافت) زمانهم بيدورا علي أصل أنا ساهتهم وخرجت من غير ما حد يشوفني، ده المكان الوحيد اللي مش هيخطر على بالهم، وكمان محدش من ولادكوا هيفكر ييجي يزوركوا.
كل يوم يدوني حقن ويكهربوني وبرضوا مش من بنام، ولما بنام بحلم بيكو، نسيت أقولكو مش ولادكو: إبنكو(مشيرة إلى شاهدي الأم والأب)، وإبنك (مشيرة إلى شاهد العم) وبنتك (مشيرة إلى شاهد العمة)، اتفقوا علي ودخولوني مستشفى المجانين، أه والله.
بس عاوزة أقولكوا سر أنا أول مرة أنام لما نمت هنا إمبارح انا هفضل هنا معاكو. صحيح زعلانة منكو وكلكو عذبتوني. بس وأنا معاكو مفيش كهربا والا حقن ولا وحدة وليل طويل مبيخلصش.
(تدخل وراء الشاهد الذي خرجت من خلفه في البداية وتنام)
(إظــلام)