بقلم/ محمود متولي
"الناس فيما يعشقون مذاهب"مقولة شهيرة ربما تنطبق علي جمال فواز الذي وقع في غرام اقتناء وشراء الصحف والمجلات القديمة منذ أكثر من ربع قرن حيث يقتني مجموعة نادرة من الصحف والمجلات يرجع تاريخ صدور بعضها إلي أكثر من قرن ويجد متعة كبيرة في الحصول عليها مهما كلفه ذلك من جهد أو مال ويعتبرها ثروة ثقافية وتاريخية كبيرة لا يدركها الكثيرون.
يقول جمال فواز: الهواية نجحت في السنوات الأخيرة أن تجذب الكثير من المولعين بالقراءة أو توثيق بعض المعلومات التاريخية فيما يقتنيها آخرون خصوصا من الأرستقراطيين للإطلاع علي تاريخ جدودهم فيما يهوي آخرون شرائها أملاً في ارتفاع قيمتها المادية في المستقبل فتصبح بذلك استثماراً طيبا لأن مرور الزمن يزيدها قيمة وخلودا لا يدركه سوي الذواقة من المثقفين والمولعين بهذه الهواية.
وبينما هناك مجموعة من العناصر تُحدد قيمة الصحيفة بالنسبة للهاوي ومن ذلك ارتباطها بحدث تاريخي مهم مثل الاغتيالات والحروب والوفيات فضلان عن ندرتها وحالتها وعمرها فكلما كانت الصحيفة بحالة جيدة ومر علي صدورها سنوات طويلة كلما ارتفع سعرها وازدادت قيمتها.
وتابع: أهوي جمع وشراء وبيع الصحف القديمة من نحو ربع قرن واحصل عليها من المخازن الكبيرة التي يمتلكها بعض التجار والذين بدورهم يحصلون عليها من ورثة فيلات البشوات والأرستقراطيين التي ورثوها عن أجدادهم ولا يدركون أهمية وقيمة هذه الصحف التي يعود تاريخ صورها إلي أكثر من مائة عام ولكنهم يتخلصون منها لأنها تشغل حيزا في المكان مشيرا إلي أن الصحف القديمة ليست كلها تمثل قيمة وأهمية فهناك مجموعة من العناصر تحدد قيمة الصحيفة القديمة منها ندرتها وحالتها وعمرها.
• الأكاديميون وطلبة المدارس والباحثون عن الوجاهة الاجتماعية والبزنس ابرز الزبائن |
ويضيف: سعر بعض المجلات والصحف القديمة النادرة يصل في بعض الأحيان إلي أسعار فلكية ومنها مجلة "الرسالة" التي باعها احد باعة سور الأزبكية لأحد المولعين باقتناء الأشياء القديمة بمبلغ 6 آلاف جنيه فيما بيع عدد خاص من مجلة "الكواكب" بـ1100 جنيه.
وأكد فواز أن هواة شراء الصحف القديمة يمثلون معظم شرائح المجتمع وليس الصفوة فحسب كما يتصور البعض فمنهم الشباب وطلبة المدارس الثانوية وبعض الدارسين والباحثين والأكاديميين والمتخصصين في التاريخ الذين يحصلون علي الصحف القديمة لتوثيق بعض المعلومات التاريخية في الأبحاث والدراسات التي يقومون بها وهناك أيضا بعض الأرستقراطيين يسألون في بعض الأحيان عن أعداد معينة من بعض الصحف كالأهرام تتناول تاريخ جدودهم وأقاربهم لاقتنائها من باب الوجاهة الاجتماعية.
ويلفت إلي أن الأعداد القديمة من جريدة الأهرام الصادرة في عام 1876 تلقي إقبالا لافتا من هواة اقتناء الصحف القديمة باعتبارها واحدة من أقدم الصحف وأوسعها انتشارا في مصر والمنطقة العربية وهناك تهافت من هؤلاء علي الإصدار الأول من الصحيفة والذي أعيدت طباعته بعد 10 سنوات أي في عام 1886 وطبع منه أعداد كبيرة بنفس المحتوي والشكل الذي طبع به العدد الأول الأصلي للجريدة كما أعيد طبع نفس العدد مرة أخري عام 1976 بمناسبة مرور 100 عام علي صدور الأهرام ويحظي هذا العدد بإقبال كبير من البعض نظرا لخصوصيته وأملا في ارتفاع قيمته بمرور الزمن.
وأشار فواز إلي أن العدد الثاني من الأهرام لا يزال مجهولا حتى الآن لدرجة أن الأهرام نفسها أعلنت عن عدم وجود هذا العدد ضمن أرشيفها ولا يعرف أحد الأسباب الحقيقية وراء اختفاءه حتى الآن.
وأوضح أن بعض الأعداد الصادرة من الأهرام تحظي بأهمية وقيمة كبيرة لارتباطها ببعض الأحداث والتحولات التاريخية والسياسية وأيضا بسبب ندرتها مثل العدد الصادر في عام 1936والذي تضمن خبر وفاة الملك فؤاد وجلوس الملك فاروق علي عرش مصر وقسمت الصفحة الأولي التي نشر بها الخبر طوليا إلي نصفين حمل الأول عنوان "مات الملك" ونشرت أسفل الخبر صورة للملك فؤاد بالزى الملكي وحمل النصف الآخر عنوان "عاش الملك" وبجوارها صورة للملك فاروق بالزى الملكي أيضا وطريقة نشر هذا الحدث بهذه الطريقة يؤكد مدي استقرار النظام السياسي في مصر آنذاك وانتقال السلطة بسلاسة وهدوء ويصل سعر هذا العدد إلي 500 جنيه.
وأضاف: من بين الأعداد المهمة والنادرة الصادرة من الأهرام العدد الذي حمل مانشيتا يرحب بقدوم مؤسس الدولة السعودية الحديثة الملك عبد العزيز آل سعود إلي مصر عام 1947 وكان مزخرفا بإطار ملون ويلقي هذا العدد إقبالا منقطع النظير خصوصا من بعض السعوديين الذين يحرصون علي شرائه بأي ثمن لما يمثله لهم الملك عبد العزيز من قيمة ورمز ويصل سعر النسخة الواحدة من هذا العدد إلي 600 جنيه ومن بين الأعداد المميزة للأهرام عدد تضمن تغطية لوقائع زفاف الملك فاروق والملكة فريدة عام 1937 ويتراوح سعر العدد بين 150 و200 جنيه.
• عدد وفاة الملك فؤاد وزواج الملك فاروق ب500جنيه واغتيال السادات وصدام وفيصل ب300جنيه |
وأشار فواز إلي أن هناك بعض الأعداد المرتبطة بأحداث تاريخية ساخنة مثل الحروب والاغتيالات والوفيات والكوارث وحوادث الانتحار والإعدام وكذلك زيارات بعض الشخصيات الهامة العربية والأجنبية لمصر إذ تلقي رواجا في حركة البيع لدي الكثيرين مثل حادث اغتيال محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر السابق في 29ديسمبر 1948 واغتيال الرئيس المصري أنور السادات في 6 أكتوبر 1981واغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز عاهل السعودية في 25 مارس 1975 واغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي في 22 نوفمبر 1963 ومصرع الأميرة ديانا سبنسر في 31 أغسطس 1997 ومصرع الفنانة سعاد حسني في لندن عام 2001 ومصرع رجل الأعمال المصري أشرف مروان في لندن أيضا عام 2007 وانتحار المشير عبد الحكيم عامر في 14 سبتمبر 1967 والقبض علي الرئيس العراقي صدام حسين وإعدامه في 30 ديسمبر 2006 وسقوط الدولة العثمانية ونفي سعد باشا زغلول إلي جزيرة سيشل وحريق القاهرة والحرب العالمية الأولي والثانية وحرب اليمن 1962وحرب فلسطين 1948وإغراق المدمرة إيلات في 21 أكتوبر 1967 وثورة 23 يوليو 1952 وتنازل الملك فاروق عن العرش في 26 يوليو 1952 وغزو العراق للكويت في أغسطس 1990 والغزو الأمريكي للعراق في 2003 وانتفاضة الحرامية 18و19يناير 1977واحداث سبتمبر 1980 والتي قام خلالها السادات باعتقال مجموعة كبيرة من معارضيه السياسيين في سبتمبر 1981 وخطاب الرئيس جمال عبد الناصر في الجامع الأزهر والذي أعلن فيه تأميم قناة السويس وزيارة السادات للقدس في 1977وخبر مقتل الراقصة امتثال فوزي علي يد بلطجي في عام 1936 والذي ساهم فيما بعد في إلغاء المحاكم المختلطة والامتيازات الأجنبية في مصر ويتراوح سعر النسخة الواحدة من هذه الأعداد بين 300 و400 جنيه.
• عدد وفاة الملك فؤاد وزواج الملك فاروق ب500جنيه واغتيال السادات وصدام وفيصل ب300جنيه |
وأضاف أن الإعداد القديمة من الصحف التي تتضمن جنازات بعض الشخصيات خصوصا السياسية والفنية تلقي إقبالا ورواجا كبيرا أيضا في أوساط المولعين بجمع الصحف القديمة مثل جنازة سعد باشا زغلول في 23 أغسطس 1927 وجنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970وعضو مجلس قيادة الثورة صلاح سالم في 18 فبراير 1962وكوكب الشرق أم كلثوم في 3 فبراير 1975والعندليب عبد الحليم حافظ في 30 مارس 1977 وفريد الأطرش في 26 ديسمبر 1974 واستشهاد الفريق عبد المنعم رياضفي 9مارس 1969.
ولفت فواز إلي أن عدد الصحف التي صدرت في مصر خلال الفترة من أوائل القرن 19 وحتى بدايات القرن العشرين كان يصعب حصرها في حين كان تعداد سكان مصر لا يتجاوز 18 مليون نسمة ما يدل علي مدي انتشار الوعي الثقافي في ذلك الوقت في حين تراجعت أعداد الصحف الصادرة في الوقت الحالي مقارنة بتلك الفترة بشكل حاد علي عكس ما يعتقده الكثيرون بالرغم من أن عدد السكان يتجاوز حاليا 80 مليون نسمة.
ونوه إلي أن هناك بعض الصحف والمجلات غير الأهرام تحظي أيضا بأهمية وان كانت لا تقارن بأهمية الأهرام مثل جريدة إخبار اليوم والأخبار والجمهورية والمصري ومجلات المصور وأخر ساعة وكل شيء والدنيا واللطائف المصورة والاثنين وغيرها رغم تميزها بالصور الملونة التي كانت تفتقده الصحف في تلك الفترة.
• المجتمع المصري كان يتمتع بوعي ثقافي كبير خلال القرن 19والدليل الصحف الصادرة في ذلك الوقت والتي كان يصعب حصرها |
وقال فواز: كنت أتمني أن يكون عندي الإصدار الأول من مجلة الكواكب الإصدار الأول الصادرة عام1932 التي توقفت عام 1934 لأنها لا تتوافر بكميات كبيرة وهناك طلب متزايد عليها وعرض البعض شرائها بمبلغ خيالي لذلك لا يفرط في أي صحيفة نادرة ومرتبطة بحدث