القاهرة 27 يوليو 2016 الساعة 01:18 م
القاهرة 27 يوليو 2016 الساعة 01:07 م
الوجوه رموز
الرموز خالدة، يقول المحلّل النفسي كارل غوستاف يونغ، صديق فرويد ثم المفترق عنه
...والوجوه أيضاً خالدة.
الوجوه هي الرموز.
لا وجه إلّا هو رمز.
وما نحبّه في الآخر هو ما يعنيه لنا هذا الرمز.
قد نقع على رأسنا عندما يضلّلنا الرمز _ الوجه فنتّجه صوب أهداف خاطئة في الشخص، لكنّ هذا لا يعني أنّ صاحب الوجه «مستحيل» أن يصادف رمزه، فيلتقي السراب بالماء والمتوهَّم بجسده والظلّ بالضوء.
مع فاتن حمامة
عينا فاتن حمامة أجمل من عيني الجوكوندا
ليس في وجه الممثّلة المصريّة غموضُ ابتسامةِ الإيطاليّة، لكنّ فيه إشراق الطفولةِ الخالدة الغموض في شفافيّة براءتها
تظنّ أنْ ليس في وجهها غير العذوبة والأنوثة، لكنّك لا تلبث أن تكتشف السخرية، سخرية لطيفة أخويّة، وسخريةٌ متمرّدة كهبّةِ نسمةِ حرير، وسخريةٌ إذا غضبت فكشجرةِ وردٍ تُزايدُ على الريح التي تراقصها
تعـالَ ومعـك هدايـاك
يستعجل اللاحقون دفن السابقين.
إنّها السلطة، في الأدب والفنون والأديان أيضاً. تقول خرافة شائعة إنّ الحضارة تَواصُلٌ واستمرار. ولكنّها خرافة. يرثُ الحاضرُ الماضي شاء أم أبى وليس في الغالب من باب الوفاء. وتَراها وراثة ووراثة. ولم يرث حقّاً إلّا مَن غار الإرث فيه غَوْر الليلِ في مجهوله.
على أنّ اللاحق ليس دوماً جديداً ولا بالحتم مجدّداً وإنّما يأتيه ذلك بتلاقي الضرورة والموهبة، والتاريخ والقَدَر، واللحظة والشخص.
ولا يكفي اللاحق أن لا يقلّد السابق، بل زد انوجاد اللاحق في زمنه انوجاد مَن يَقْطع مع السابق ثائراً غازياً أو مَن يَصل الأوقات وَصْلَ الملخّص لها والمتقدّم إلى الأمام منها بقدراتٍ هَدْميّة وبخَلْفيّة تُوجِدُ العَدَم.
مـا لـن يشـــيخ أبـــــداً
لا أعرف ماذا أكتب. لا تكتب، تقول لي. ماذا أفعل إذاً؟ أبيع الماء والكهرباء؟ ماذا أفعل وأنا ليس في يديّ مسدس ولا رشّاش بل أمامي ورق أبيض لا يحتمل غير قلم؟
كيف نرود الآفاق المجهولة ونحن قانعون؟ ونحن نبذل قصارانا لنبتكر المبرّرات للبشاعة والضحالة؟ نكذب إنْ قلنا إنّ الشجاعة لم تفارقنا وإنّنا ما زلنا متهوّرين. منظر سيّارة مسرعة يلقي في القلب أشدّ الرعب.
مَن يبطّن لنا الجدران والنوافذ فلا يعود ضجيج بيروت يقتلنا؟ مَن يأتينا بالموسيقى العازلة؟ لم تكن هذه الحياة لتكون حياتنا. الطفل، حين يلاعب يديه في مهده، تفرّ منه الحيويّة ويمور أكثر من طبيعة كاملة. ما أكرم الحياة لمَن لم تضجر منهم بعد!
كلّما جرّحت هذي البرتقالة
كلّما جرّحتُ هذي البرتقالهْ
تتبسّمْ
ربّما علّمها الحبّ وأعطاها جماله
ربُّها أو طفلُ مريمْ
كلّما أوغلتُ في البحر نأى الشاطئ عنّي
ولكي أسترجعَ الشاطئ في البحر أغنّي
كلّما امتدّت إلى النجم يميني
كان برقٌ خاطفٌ أسرع منّي
كلّما أوضحتُ ما كانت تقول الشجره
خَذَلتني سوسةٌ نائمةٌ في الثمره
هكذا نبدأ من حيث انتهينا
لا لنا شيءٌ ولا شيءٌ علينا