القاهرة 24 يوليو 2016 الساعة 01:38 م
مازالت غامضة رغم مرور عشرة أيام تفاصيل الانقلاب الغريب الذى فشل فى تركيا ولم يظهر له حتى اليوم قائد يجذب المواطنين، ولم يقم كما هى العادة فى الانقلابات بمحاولة السيطرة على وسائل الاتصالات أو حتى التشويش عليها ، وربما اضطر الذين دبروه لتعجل القيام بالانقلاب أثناء وجود الرئيس التركى رجب أردوغان فى إجازة جنوب تركيا .
ربما تكشف الأيام عن الأسرار إلا أن الحقيقة الواضحة اليوم أنه كانت مع الانقلاب طائرات مقاتلة وطائرات هليوكوبتر انطلقت ودبابات وقوات تحركت، ولكن لم نسمع عن قيامها باعتقال أحد ، أما رد الفعل فكان الفشل وقيام أردوغان باعتقال وفصل والتحقيق مع 60 ألفا على الأقل من جنود ورجال شرطة وقضاء وموظفين ومدرسين وعمداء جامعات وإعلاميين ، وهو رقم سيتضاعف فى ظل إعلان حالة الطوارئ التى قررها البرلمان التركى بناء على طلب أردوغان الذى قال فور سيطرته على الأوضاع بعفوية تعبر تماما عن تفكيره «إن هذه الحركة (يقصد الانقلاب الفاشل) هى لطف من الله لأنها ستسهم فى تنظيف القوات المسلحة»، وهى عبارة تكشف بوضوح أن أردوغان كان على ثقة من أن فى الجيش من يعاديه، ولكنه لا يستطيع لأنه لا يملك دليلا أو لايعرفهم بالإسم أو أو ، فلما جاءت محاولة الانقلاب إعتبرها نجدة إلهية لتنفيذ أطماعه فى الإمساك بكل مفاتيح السلطة .
ومن المفارقات أنه عندما كان أردوغان رئيسا للوزراء (من 2003إلى 2014) كان سعيدا بكون الحكم يمنح السلطات لرئيس الوزراء، بينما الرئيس (وكان عبد الله جول) رئيسا فخريا ،فلما تغير الوضع وأصبح أردوغان رئيسا كان أول ماسعى إليه محاولة نزع صلاحيات رئيس الوزراء وتحويلها إلى رئيس الجمهورية مما يؤكد أنه شخصية تجرى وراء السيطرة والإمساك بمفاتيح السلطة .
ولهذا لن يكون مفاجئا القرارات التى سيتخذها أردوغان لتجريف الساحة التركية من ظل أى معارضة، أو عدم موالاة ، وهو مايجعلنى أتوقع ألا تكفى مدة الأشهر الثلاثة التى أعلنها لحالة الطوارئ وستكون هناك فترة أخرى أو أكثر أمام «تركيا المعقمة» التى وجد أردوغان فرصته ليصوغها كما يريد!