القاهرة 26 مايو 2016 الساعة 12:23 م
* حين لا تقبل أفلامنا في المهرجانات الدولية الكبري لا يتحدث أحد عن الأسباب.. وهل هي أقل من المستوي المطلوب.. وكيف ندعم مبدعينا ليقدموا أعمالا مبهرة ومثيرة للجدل.. وحين يحدث العكس. أي أن يثير فيلم مصري الجدل والاعجاب في أكبر مهرجان دولي للسينما ويوضع في افتتاح البرنامج الأهم لأول مرة. فإن الهجوم عليه يأتي من مصر بلده.. وإلا فما الذي فعله برنامج "أنا مصر" ومقدمته أماني الخياط مع فيلم "اشتباك" بعد عرضه في مهرجان كان والاستقبال الكبير له وللعاملين به.. وبعد أن كتب عنه نقاد السينما في العالم مقالات مهمة ونشر ناقدنا الكبير سمير فريد مقتطفات منها في المصري اليوم. كنت أهم أنه إذا كانت لدي البعض أسئلة حول موضوع الفيلم أن ينتظر حتي يراه ويناقشه علنا. وكنت اعتقد أن واجب التليفزيون المصري كجهاز الإعلام الوطني العام ان يحتفي بالحدث كله وان ينقله لنا وأن يعدنا بندوة تقام بعد انتهاء الفيلم وعودة العاملين به من فرنسا وأن يؤكد علي حرية التعبير التي نادينا بها واتاحها لنا الدستور المصري بعد ثورتين.. لكن ما اعتقده أنا والكثيرون غيري شيء وما يعتقده آخرون في نفس البلد شيء آخر.. والقضية الآن هي كيف تقترب افكارنا من بعضنا البعض أو كيف يحترم بعضنا البعض برغم الاختلاف ولا يدينه علي الهواء وهو يمثل مصر ويرفع علمها في نفس اللحظة.. ان أصعب الأمور هنا أن يتم الحكم علي عمل فني لم يعرض بعد. وان يأتي هذا الحكم من خلال لغة التقارير المجهلة وليس الحوار بين أطراف معلومين. لأن "اشتباك" ليس أول فيلم سينمائي مثيرا للجدل.. ولن يكون الأخير. فقبله طابور طويل من الأفلام المصرية التي أثارت الجدل والرفض قبل أن توضع في قائمة أهم أفلام السينما المصرية في تاريخها بداية من "لاشين" إلي "زائر الفجر" و"البريء" و"ليل وقضبان" و"بحب السينما" وغيرها من الأفلام التي أصبحت تراثا فنيا غاليا ووثائق علي الحياة المصرية ومتغيراتها.
الفيلم الذي لم يقدم
* لفت نظري في تغطيات حادثة سقوط الطائرة المصرية بعد اقلاعها من مطار شارل ديجول في فرنسا أمران الأول هو تتبع سير الضحايا سواء من أسرة الطائرة أو ركابها وحيث بدا واضحا الاختلاف الكبير. وربما الحرج الذي يواجه به بعض مقدمي ومقدمات البرامج هؤلاء الذين فقدوا احباءهم في الحادث. وهو ما يحتاج في تقديري إلي عمل اعلامي منظم ودراسات لتوجيه العاملين بالاعلام - المرئي تحديدا - لأسلوب ولغة الخطاب الأمثل مع ضحايا الأحداث والحوادث وأسرهم في مواجهة ملايين المشاهدين المدفوعين بمشاعر مختلفة لرؤية الحدث. ومعرفة تفاصيله. وبينما انطلقت عدة برامج تبحث عن طيارين في مصر للطيران للحوار حول الطائرة وقائدها فإن البعض ذهب إلي مواقع العزاء للضحايا في المساجد والكنائس والسؤال هو لماذا لم يلجأ أحد للتاريخ.. أي تاريخ الطيران المصري المشرف في الوقت الذي قدمت فيه قناة "العربية" برنامجا عن كوارث الطيران المصري منذ الألفية الثانية؟ وهذا هو الأمر الثاني المهم.. فبذل الجهد من أجل الخروج ببرنامج جيد عن الطيران المصري المدني وطياريه المشهود لهم كان أمرا مهما ومطلوبا في تلك الساعات والأيام التي تحولت فيها الشاشات كلها إلي الحديث عن الطائرة ومصر للطيران والبحث عنها وتقديم برنامج وثائقي عن الشركة الوطنية وحركاتها وأهم مراحلها كان مطلوبا وبشدة في مواجهة البرنامج الآخر عن كوارثها مع ان لكل الشركات كوارث.. وكان هذا البرنامج الذي لم يقدم هو المقدمة الطبيعية للحملة التي بدأتها بعض البرامج والاعلاميين بعنوان: سوف أسافر علي مصر للطيران.. فالكلام مهم.. ولكن الفيلم الوثائقي أهم بكثير.
ومازال النيل يجري
* هذا العنوان كان للكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة في مسلسل أخرجه المخرج القدير محمد فاضل لكننا اليوم نقرأه علي سبيل وصف حالة الشريان المائي الأهم في مصر وفي ندوة أقامتها لجنة الاعلام بالمجلس الأعلي للثقافة مع عدد من قيادات وزارة الري فوجيء الحضور بالاعترافات الصادمة حول موقفنا المائي. وحول ما يضعف هذا الموقف. وحول الثقافة الشعبية للتعامل مع المياه في مصر والتي تسمح بتجاوزات كثيرة. في الوقت الذي يسمح به بعض أعضاء مجلس النواب أيضا بتجاوزات في زراعة الأرز لناخبهم وبرغم ان وزارة الري تقوم من جانبها بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بعمل كارتون للأطفال ومسابقات بجوائز تشجيعا لهم علي الاهتمام بترشيد المياه ومنها مسابقة بعنوان "مازال النيل يجري" إلا ان هذا لا يكفي.. وحين يتساءل خبراء الاعلام ولماذا لا يصبح موضوع المياه هدفا لحملة كبري علي أعلي مستوي فني تعرض علي كل قنوات التليفزيون. يأتي الرد بأن امكانيات الوزارة لا تسمح ولكن لماذا لا تخصص قنوات التليفزيون التي تدفع الكثير جدا في انتاج المسلسلات التي يعلنون عنها الآن لتعرض في رمضان القادم.. لماذا لا تقيم الحملة وتهديها لمصر وشعبها في وقت حرج للغاية؟ سؤال بلا اجابة.. لكن الاجابة التي لم يجب عنها المسئولون هي: من المسئول عن اعلانات حمامات السباحة في المناطق السكنية المغلقة الجديدة؟ ومن المسئول عن حمامات السباحة التي تملأ المناطق الساحلية والمصايف برغم وجود البحرين الأبيض والأحمر.. ليس المعلنون طبعا هم المسئولون ولكن الذين يملكون فعل أي شيء بلا اكتراث بخطره علي بلد بأكمله.. ولا يجدون من يوقفهم.. كنت أتمني لو تجاوزت الندوة حدود القاعة إلي الشاشة ليراها الملايين.. وليدرك البعض منا حقائق لا تقدمها وسائل الاعلام المشغولة بسد النهضة فقط.