القاهرة 25 مايو 2016 الساعة 01:33 م
الحوار العام، أو الحوار المجتمعى كما يسميه البعض، ليس ترفاً أو تضييعاً لوقت. فهذا الحوار لا غنى عنه للوصول إلى أفضل الخيارات فى كل قضية يُدار حولها.
ولا يقل أهمية عن ذلك، إن لم يزد فى بعض الأحيان، أن الحوار العام هو السبيل الوحيد لمعرفة أين تكمن المشاكل والاختلالات سعياً إلى تصحيحها، ولكى لا يظل الناس نهباً لشائعات وتكهنات.
كما أن الحوار العام وسيلة لا غنى عنها لتجنب توجيه اتهامات تنتشر بناء على كلام صادر من هنا أو هناك فى غياب المعرفة بأبعاد الموضوع، مثل تلك المتعلقة بوجود فساد فى إدارة القروض التى تقرر تخصيصها للشباب لإقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة جديدة، وحصول رجال أعمال على بعض أموال هذه القروض. وشارك بعض أعضاء مجلس النواب فى توجيه هذه الاتهامات فى وسائل الإعلام، رغم أن لديهم من السلطة الرقابية ما يتيح لهم الإلمام بأبعاد الموضوع واجراء حوار جاد حوله.
ورغم أن الموضوع مازال غير واضح فى غياب معلومات محددة عن تخصيص القروض المشار إليها، وهوية من حصلوا عليها، ينبغى التمييز هنا بين فساد يحدث من خلال إساءة إدارة عملية تخصيص القروض، وأخطاء فى هذا التخصيص تنتج عن خلل منهجى مستمر منذ عقود فى التعامل مع قضية المشاريع الصغيرة.
ويعود هذا الخلل إلى خلط بين المشروع الصغير، وكذلك المتوسط الأقرب إلى الصغر، والمشاريع الكبيرة. فمن يقيم المشروع الصغير ليس مستثمراً محترفاً. ولذلك لا يصح عند تقديم قرض له أن يُترك لتجربة معرَّضة للفشل فى كثير من الأحيان.
وهذا هو ما حدث على مدى عقود قدم فيها الصندوق الاجتماعى للتنمية قروضاً للشباب وفق هذا المنهج الذى ثبت أنه خطأ، وقاد بعض الشباب إلى السجن حين فشلت مشروعاتهم ولم يسددوا القروض التى أخذوها.
ولذلك لا يصح أن نعيد إنتاج هذه التجربة على نطاق أوسع وبمبالغ أكبر من خلال البنوك. فالمنهج الصحيح الذى جُرب ونجح فى العالم هو أن تضع الحكومة منظومة متكاملة للمشاريع الصغيرة التى يكمل بعضها بعضاً فى كل منطقة، فيكون القرض لمشروع محدد ضمن هذه المنظومة. وبدون ذلك، وفى ظل استمرار المنهج القديم، يعزف معظم الشباب عن الحصول على قروض خوفاً من الفشل، ويظل رجال الأعمال الكبار هم القادرين على اغتنام قروض لا يستحقونها وليسوا فى حاجة إليها.