القاهرة 29 يناير 2015 الساعة 01:01 م
عيدا عن جو القاهرة بحرارته وبرودته معا. كان معبد الأقصر الكبير يحتضن مئات المصريين والأجانب في أجواء ساحرة تجمع بين التاريخ والحاضر في افتتاح مهرجان الأقصر السينمائي للسينما المصرية والأوروبية في دورته الثالثة وحيث اختار فنانا السينما محمد القليوبي وسعيد شيمي مكانا يطل علي المعبد ولا يخدش بهاءه لتقام عليه مراسم الافتتاح وآخرها الفيلم المفاجأة "زوجة فرعون" أحد كلاسيكيات السينما الصامتة التي تم ترميمها بفضل دأب وجهد باحثة وناقدة مصرية هي د.فريدة مرعي وبالطبع امكانيات شركة ألمانية متخصصة في ترميم الأفلام يرأسها توماس بكلر الخبير الذي جمع أجزاء الفيلم من بقايا نسخ روسية وإيطالية وألمانية وأعاده للحياة ليعرض في افتتاح مهرجان يقام في عاصمة الصعيد بمصر وعاصمة الآثار في العالم مؤكدا علي أهمية وقيمة حضارة مصر فصانع "زوجة فرعون" هو أرنست لوبيتش المخرج الألماني الكبير الذي قدم قبله فيلما قصيرا بعنوان "عيون المومياء" وعرض فيلمه في افتتاح مهرجان مقره الأقصر وهدفه دعم ثقافة السينما بين مصر وأوروبا أتاح للجمهور المصري الحاضر رؤية نموذج لتفكير الأوروبيين في مصر البلد والشعب في زمن قديم وهو ما يمكننا تتبعه حتي الزمن الحاضر مستقبلا أما قصة الفيلم الذي صدر عام 1922 في مدينة فرعونية اقيمت في صحراء برلين واحتاج لعناية شديدة بالديكورات داخل القصور والمعابد والملابس وأيضا لجيش من الممثلين والكومبارس في إطار قصة حول الصراع بين فرعون مصر "آمنس" وملك أثيوبيا "سلاميك" بسبب الاهانة حين يشعر الثاني باهانة شديدة لأن "آمنس" يرفض إعادة "ثيوفين" الجارية الفاتنة التي وقع في غرامها وهكذا يأتي ملك أثيوبيا بجيشه لرد الاهانة ويصاب فرعون مصر الذي خرج لمواجهتهم في الصحراء فيعتقدون بموته مقررين الزحف علي مقر الحكم لولا الشباب "آرابتين" الذي ظهر كمنقذ في هذه اللحظة والذي كان حبيبا للجارية قبل أن يسلبها منه المكان.. يطلب آرابتين من الجميع الوقوف صفا واحدا للدفاع عن الوطن وقتال الأثيوبيين فيستجيب الشعب ويتوجه الكهنة ملكا بجوار الملكة. ولكن "آمنس" يظهر بعد الانتصار مطالبا بالعرش والزوجة فيعطيه آرابتين العرش ويطلب منه ترك الزوجة والحبيبة وهو ما يغضب الشعب الذي رأي فيما فعله تفريط في حق الوطن وفي الثقة التي أعطاها الناس له فيرجم آرابتين وثيوفين - أي الملك والملكة - بالحجارة حتي الموت.. أجمل ما في هذا العرض انه يعيدنا إلي بدايات السينما فكل هذه الصراعات بداخله يعبر عنها الممثلون بملامحهم وقدراتهم الحركية والتعبيرية أما الصوت فلم يكن قد اخترع بعد ولهذا كان هناك لوحات لوصف المشهد والحوار تسبق لوحات الحركة في تتابع آخاذ جعل جمهور الحفل مأخوذا بهذه السينما الجديدة القديمة والتي تتحدث عن زمن الفراعنة وسط معبد فرعوني حقيقي.. ولهذا جاء ختام الافتتاح بالفيلم ليؤكد علي كل ما دعا إليه المسئولون في كلماتهم التي ألقيت بالنيابة عن وزير الثقافة د.جابر عصفور ووزير السياحة هشام زعزوع من أن مصر بلد الأمن والجمال والثقافة وجاءت كلمة د.محمد كامل القليوبي رئيس المؤسسة التي تقيم المهرجان بحضور د.ماجدة واصف رئيسة المهرجان لتؤكد علي أهمية التواصل بين الثقافة والناس من خلال كافة الأشكال وليس السينما فقط ولهذا أهديت هذه الدورة إلي سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة بينما اختير النحات المصري الكبير آدم حنين كرئيس شرف للمهرجان بكل إبداعاته وإنجازاته التي تحتفي بها متاحف العالم وجهده في سمبوزيوم النحت الدولي السنوي الذي يقام بمدينة أسوان. أما ملكة هذه الدورة المكرمة فهي الفنانة الكبيرة "لبلبة" التي تشارك أيضا في عضوية لجنة التحكيم الدولية بعد تاريخ حافل في العمل السينمائي وفي متابعة السينما العالمية من خلال مهرجان كان السينمائي لمدة تزيد علي عقدين.. أما المكرم الثاني فهو المخرج الفرنسي الكبير "أيف بواسييه" رئيس لجنة التحكيم الدولية والذي بدأ حياته ناقدا للسينما قبل أن يخرج فيلمه الروائي الطويل الأول عام 1968 وخلال فترة السبعينيات كانت أفلامه نموذجا للفكر السياسي السينمائي حيث استلهم أحداث معظمها من وقائع حقيقية حول علاقة الشرطة بالناس في أفلام مثل "الشرطي" عام 1970 و"الهجوم" عام 1972 عن قضية شهيرة اتهم فيها البوليس الفرنسي بقتل المعارض الجزائري المهدي بن بركة وفيلم ثالث مهم عن تدخل السياسيين في أعمال القضاء هو "القاضي فيار الملقب بالمأمور" وأفلام متعددة عن أعمال روائية ومنذ منتصف الثمانينيات اتجه بواسييه لصناعة الأفلام التليفزيونية ليحقق من خلالها عدة أعمال غيرت من ملامح الأفلام التي ينتجها التليفزيون الفرنسي واعتبرها النقاد إنجازات تاريخية لأفلام التليفزيون هناك.. وبينما تضم لجنة التحكيم الدولية التي يرأسها بواسييه ويعلن عن جوائزها مساء السبت القادم في حفل الختام أعضاء من اليونان وألمانيا والنرويج وصربيا فهناك أيضا من مصر المخرجة الشابة هالة لطفي.
قط وفأر وسينما المرأة الفرنسية
* "بتوقيت القاهرة" هو الفيلم المصري الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان هذا العام والذي يعرض في السادسة والنصف مساء اليوم في قاعة قصر ثقافة الأقصر التي تحتضن عروض المسابقة الرسمية وعروض برنامج "السينما النسائية الفرنسية" باعتبار فرنسا ضيف شرف المهرجان هذا العام وأيضا تحتضن هذه القاعة عروض "ليالي السينما المصرية الجديدة" التي تعتبر النافذة الوحيدة لأهالي الأقصر وما حولها في رؤية الأفلام المصرية الحديثة حيث لا توجد دور عرض سينمائي بالمحافظة مع كثرة الحديث عن مشروعات هادفة لانشاء دور عرض متفرقة أو مجمع لدور العرض وقد بدأت ليالي السينما المصرية الحديثة بفيلم "الجزيرة 2" مساء الأحد بحضور مخرجه شريف عرفة وبعدها "قط وفأر" مساء الاثنين بحضور مخرجه تامر محسن وبطله الشاب محمد فراج وسوف يعرض "ديكور" مساء الثلاثاء بحضور مخرجه أحمد عبدالله وبعض نجومه ومساء الخميس يعرض "الفيل الأزرق" بحضور مروان حامد مخرجه.
من "جزيرة الذرة" إلي "فرخة ولكن"
* فيلمان من أفلام المسابقة الرسمية الاثنا عشر مرشحان للأوسكار في دائرة أفضل فيلم غير أمريكي هما "جزيرة الذرة" من جورجيا اخراج جورج ادفا شفيلي" و"ليفياتان" من روسيا اخراج أندريه زميا جنتيف وفيلم ثالث حصل علي جائزة مهرجان برلين السينمائي الدولي 2014 هو "درب الصليب" اخراج ديتريس برزمان وفيلم رابع حصل علي ثلاث جوائز دولية قبل قدومه للأقصر هو "الدرس".. بلغاريا اخراج كريستينا جروريفا وبنار فالتشانوف وبقية أفلام المسابقة من المجر "لسبب لا يمكن تفسيره" والنمسا "ماكوندو" وبلجيكا "العام المقبل" وإيطاليا "بفضل الله" وفرنسا "تنفسي" وبريطانيا "السادس عشر" وهولندا "المتسلل" تعبر عن اختيارات رفيعة المستوي.. وفي مسابقة الأفلام القصيرة 16 فيلما منها ثلاثة من مصر هي: "فرخة ولكن" و"مشروع الحمام بالكيلو 375" و "ما تبقي".. إلي جانب هذه المسابقات والبرامج تكريمات أخري منها تكريم كاتب السيناريو فايز غالي وعرض فيلمه الذي تكرم من خلاله أيضا سيدة الشاشة فاتن حمامة "يوم مر.. يوم حلو" وتكريم المخرج الكبير صلاح أبوسيف بمناسبة مئوية مولده "10 مايو 2015" والمخرج الكبير كامل التلمساني أحد رواد الواقعية "فيلم السوق السوداء" ومدير التصوير الكبير وحيد يسري وأحدث برامج المهرجان هذا العام هو نظزة علي السينما العربية الجديدة الذي تقدم خمسة أفلام من الامارات "ظل البحر" ولبنان "قصة ثواني" والأردن "الجمعة الأخيرة" والمغرب "النهاية" والجزائر "الوهران" ولعلها اضافة حقيقية لجمهور يستحق ولبلد كبير تمثله الأقصر ومواطنيها وهو ما أسعد محافظها اللواء طارق سعد الدين الذي يؤكد دائما علي أن الهدف الأول من تبنيه لكافة الأنشطة هو فتح كل الأبواب أمام الشباب بعد ثورتي يناير ويونيو للتفاعل مع المجتمع والانفتاح علي كل روافد الثقافة المصرية والعالمية ثم تقديم إنتاج جديد يمثل الأجيال الصاعدة.