بقلم/ رمضان عبده علي
من المعروف أن بنى إسرائيل يمتلكون القدرة على تزييف الوقائع وقلب الحقائق وهذا ما قاموا به بالفعل تجاه أحد الرموز المعمارية الكبرى للحضارة المصرية القديمة وهو الهرم الأكبر وللأسف تترسخ فى أذهان البعض هذه المزاعم والأباطيل على إنها حقائق نتيجة الإصرار من بعض وسائل الإعلام الأجنبية على تكرارها واستمرار بثها على أوسع نطاق، وهنا مكمن الخطورة الكبرى. وهذا ما يؤثر بالسلب عند البعض على المدى البعيد ويجعلهم يشكون فى حقيقة صناع تاريخنا وتراثنا الحضارى اللذان هما من مقومات أمتنا ومصادر عزتها وفخرها.
ـ الهرم الأكبر شيد طبقا لمواقع النجوم وأن أحجاره وضعت فى مجموعات ثلاث تتوافق مع مواقع النجوم |
فمنذ عام 1976 وحتى الآن بدأ بعض المضللين ممن يسيرون فى ركاب الدعاية الصهيونية التى تملك السيطرة على وسائل الإعلام والنشر فى أوروبا حربا ثقافية ضد حضارتنا القيمة وكان الهدف من هذه الحرب الدعائية المغرضة هو النيل من تراثنا الحضارى وما حققه الإنسان المصرى القديم من معجزات وإنجازات وبخاصة فى منطقة آثار الجيزة وأصحاب هذه الأفكار المضللة هى منظمات صهيونية بعينها معروف أهدافها جيدا، فهى تحارب كل إنجاز مصرى قديم وتقف له بالمرصاد حتى ولو كان ما تدعيه لا يستند إلى أى دلائل علمية أثرية أو أى حقائق تاريخية منطقية. لذا فهى أفكار ضعيفة لا جذور لها وسوف تذهب أدراج الرياح ولن يكون لها أى وجود أو تأثير على الإطلاق. وذلك إذا تمسكنا بالدفاع عن تاريخ تراثنا الحضارى بالأسلوب العلمى والتحليل التاريخى المطلوب وبالدلائل المؤكدة بحيث لا نسمح لأحد بأن يتخذ من هرم خوفو أو غيره من رموز الحضارة المصرية وسيلة للشهرة والادعاء الكاذب لأن آثار مصر ليست مباحة للهواة والباحثين عن الشهرة من الأجانب وما أكثرهم فى أوروبا. فليس للتزوير والتضليل حدود يقف عندها هؤلاء المدعون. وخطورة هذه الافتراءات والادعاءات والمزاعم والأباطيل أنها تلقى آذانا صاغية من بعض المثقفين فى أوروبا وأمريكا ومصر أحيانا وللأسف الشديد لايزال البعض يصر على أن المصريين الحاليين ليست لهم أى صلة بالمصريين القدماء.
ـ واتجه بعض أصحاب المزاعم الباطلة اتجاها آخر وبدأوا يشيعون أن الأهرام شيدت على أيدى أولئك الذين قدموا من الفضاء أو من قارة أطلانتس المفقودة |
وكل ما يهمنا هو الرد على هؤلاء الذين يزيفون التاريخ ويريدون أن يكتبوا عن آثارنا محاولين إثبات الزعم الخيالى الذى يعيشون فيه وهم غير مؤهلين علميا ولا عمليا. وأصبح هذا الإعجاز المعمارى الكبير مادة خصبة للجدل وللادعاءات ومصدر للخيال، وأصبح حلم هؤلاء المغامرين والهواة الكشف عن حجرات سرية داخل الهرم ونسخ من مزامير سيدنا داوود وأدلة على وجود لقارة أطلانتس المفقودة.
وقد يتساءل البعض لماذا الهرم الأكبر بالذات هو الهرم الوحيد الذى تحيطه الألغاز والآراء المضللة فى حين يوجد فى مصر ثلاثون هرما كبيرا، وكثيرا من الأهرام الصغيرة فلماذا ؟ إذن يقتصر الاهتمام على الهرم الأكبر؟ وربما نجد الإجابة فى التفسيرات التالية:
"إن بناء الهرم الأكبر اقتضى عبقرية لم يتفوق عليها أحد فى التاريخ القديم، ونسب ذلك زورا إلى أجدادهم إنما يتمشى مع غرورهم، لأنه يعد أكبر الأهرام وأهم رموز الحضارة المصرية القديمة وأكثرها اكتمالا وقدما من الناحيتين الرياضية والهندسية، كما أنه يمثل خلاصة علوم ومعارف الحضارة المصرية القديمة. كما إنه توجد أيضا أهرام كثيرة أخرى فى أماكن أخرى بأمريكا الوسطى والجنوبية وخاصة فى المكسيك والصين وأندونيسيا لم تتناولها هذه الأباطيل.
ـ ثم عرفنا بعد ملك اسم المهندس المعمارى عنخ عا إف الذى قام بتصميم الهرم الثالث للملك منكاورع |
وتناولت هذه المزاعم والأباطيل أربعة عناصر للمجموعة الهرمية وهي: ما قيل بالنسبة لبناء الهرم نفسه، ما قيل بالنسبة لما يوجد فيما عرف خطأ بفتحات التهوية فى حجرتى الدفن بالهرم، ما قيل بالنسبة للكتابات الموجودة على جدران الحجرات الأربع من الخمس التى تعلو الحجرة الثالثة (الملك)، وأخيرا ما قيل بالنسبة لتمثال أبو الهول.
أولا: ما قيل بالنسبة لبناء الهرم نفسه:
هناك آراء يرى أصحابها أن الهرم الأكبر شيد طبقا لمواقع النجوم وأن أحجاره وضعت فى مجموعات ثلاث تتوافق مع مواقع النجوم مثل سوتيس (سوبدت) وأوريون. والتى كان لها تأثير كبير فى الفلك المصرى القديم لذلك كان عبدة النجوم فى العصور الوسطى يقصدون اجتماعاتهم داخل الهرم وكانوا يعتبرونه مصدر حكمة لهم.
واتجه بعض أصحاب المزاعم الباطلة اتجاها آخر وبدأوا يشيعون أن الأهرام شيدت على أيدى أولئك الذين قدموا من الفضاءأو من قارة أطلانتس المفقودة، ويقول أصحاب هذا الادعاء الأخير بأنه عن طريق علوم ومعارف كهنة قارة اطلانتس المفقودة تم بناء هرم خوفو الأكبر.
واقترح أصحاب هذا الادعاء أيضا أن بناة الهرم الأكبر، كانوا من الحضارة المتقدمة لأطلانتس وأنه شيد كوسيلة لحفظ جميع العلوم المعروفة وليكون معبدا لتخريج الكهنة وتعليمهم وأداة لتوليد مجالات طاقة قوية. ويقولون أيضا أن هناك مجموعة من تسعمائة شخص دخلت مصر، جاءوا من هذه القارة المتقدمة حوالى عام 12.000 ق.م.
وأنه بنى بوسائل غير المجهود الجسمانى البحت، إذ ساعد أتباع أطلانتس فى بنائه. وذلك باستخدام قوى الطبيعة التى تجعل الحديد يطفو والحجر يرتفع فى الهواء بنفس الطريقة. أو أنهم استخدموا وسائل متقدمة لم تكن معروفة لدى المصريين القدماء، وأن هذه الوسائل اختفت باختفاء هذا الشعب. ويقول آخرون: "فى عصور ما، ربما كانت منذ حوالى أربعة آلاف سنة، كل ركن تقريبا، من أركان الدنيا، زارته مجموعة من الرجال جاءوا لتأدية عمل معين، بواسطة قوة عظمى، يمكنهم بها قطع ورفع كتل هائلة من الأحجار، وأقام أولئك الناس آلات فلكية ضخمة، ودوائر من الأعمدة القائمة، وأهرامات، وأنفاقا تحت الأرض وأن من أعمالهم المذهلة، عددا من الجزر القصية غير المأهولة، والتى تحتوى على أهرامات عملاقة من الأحجار الضخمة وأنهم جاءوا من مدينة عالمية ابتلعها الطوفان، وهو أحد الأحداث التى غيرت شكل القارات فجأة". ويرى البعض الآخر أن الهرم الأكبر مع عدد من الإنشاءات القديمة الأخرى، شيدتها عقول فى الفضاء الخارجى، زارت كوكب الأرض منذ عدة آلاف من السنين، ويذهب بعض المؤلفين الروس إلى القول بأن "بناة الأهرام جاءوا من أندونيسيا، منذ عشرة آلاف أو اثنى عشر ألف سنة، بعد أن دمرت الكوارث الطبيعية مدينتهم".
وقال أحد مغامرى القرن الثامن عشر من اليهود ويدعى رابى بنيامين بن جوناه أن الهرم شيده السحرة.
ـ وفى أواخر القرن الماضي كتب بيازى سميث وهو يهودى إيطالى كتابا أسماه "ميراثنا في الهرم الأكبر" وكان قد حضر إلى مصر لأخذ مقاسات الهرم |
وفى أواخر القرن الماضى كتب بيازى سميث وهو يهودى إيطالى كتابا أسماه "ميراثنا في الهرم الأكبر" وكان قد حضر إلى مصر لأخذ مقاسات الهرم وأكمل عمل بترى أثناء إقامته فى الجيزة فى الفترة من 1880-1882 ومنذ ذلك الوقت ظهرت كتب كثيرة من هذه النوعية التى نحا فيها كتابها إلى العقائد الخرافية والخيالية والتنجيم واعتمدوا على معلومات مغرضة غير صحيحة.
كما ادعى بعض المضللين أنه استطاع أن يجد داخل الهرم الأكبر تسجيلا لما ورد فى كل من التوراة والإنجيل بل وصل الأمر بأحدهم أنه قال أنه توصل إلى حسابات قام بها إلى معرفة تاريخ ميلاد السيد المسيح، لأن هذا كان مسجلا داخل الهرم.
كما أشاع بعض الصهاينة فى كل مكان أنهم بناة الأهرام، وقاموا بوضع صورة الأهرام الثلاثة شعارا لقناة فضائية إسرائيلية.
ومع انتشار شبكة الاتصالات الدولية (الإنترنت) سرعان ما ظهرت قدرة جهاز الدعاية الصهيونى على استغلال هذه الوسيلة الجديدة فظهرت مواقع جديدة على الشبكة تؤكد فكرة أن الذى بنى الأهرام هم أجداد اليهود الذين سخروا للعمل فيها.
ويقول البعض الآخر من الصهاينة بأن حكماء المصريين القدماء قد لجأوا إلى قوم من بنى إسرائيل لكى يبنوه لهم وأن مزامير سيدنا داوود موجودة أسفل الهرم.
وقد أثير فى القناة الثانية المصرية منذ فترة موضوع هام وهو عن وجود كتاب تاريخ باللغة الإنجليزية يدرس للطلاب المصريين فى المدارس الأجنبية وهو مطبوع فى الخارج وذكر فيه أن: "اليهود هم بناة الأهرام" وقد أثار الكاتب فهمى هويدى هذا الموضوع فى جريدة الدستور ولنا أن نتخيل وقع هذا الادعاء المضلل على عقلية النشء المصرى الصغير الذى لا يجد من يشرح له الحقيقة ولعل أشهر من قال هذا الادعاء هو مناحم بيجن قبل زيارت