القاهرة 02 اكتوبر 2014 الساعة 01:00 م
خبراءومحللون سياسيون يقدمون رؤياهم حول أحد تحديات السياسة
الخارجية والأمنية التي تواجه دول الغرب
ناثان براون
باحث ببرنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي الدولي للسلام
من بين الدروس المستفادة على مدى السنوات الخمس الماضية هو أن الاستقرار في الشرق الأوسط هو ضرب من الأوهام ربما بسبب قوى اجتماعية وسياسية عميقة الجذور سيطرت على مقدرات المنطقة أو بسبب ظهور كيانات سياسية تحرك المجتمعات المحلية في اتجاه إحداث تغييرات حتمية تصاحبها أعمال عنف واضطرابات؛ وفي هذا السياق يمكن القول أن الذين شاركوا في اضطرابات عام 2011م كانوا على صواب في تشخيصهم لمشكلات المنطقة الناجمة عن سياسات فاسدة دون التوصل إلى علاج لهذه المشكلات التي جلبت المزيد من الاضطرابات التي ستأتي على الأرجح بما هو أسوأ.
وعلى الرغم من إمتلاك الحكومات الغربية لأدوات دبلوماسية واقتصادية وأمنية إلا أنها لم تنجح في التوصل إلى علاج لمشكلات الشرق الأوسط الذي تمت السيطرة عليه من قبل عبر منافسات الحرب الباردة في بيئات حاضنة للسياسات الاستبدادية، كما تسيطر المنافسات الدولية الراهنة على الشرق الأوسط من خلال سياسات محلية رديئة تشيع المزيد من الاضطراب والفوضى.
وطالما أن اللاعبين الأساسيين في منطقة الشرق الأوسط ( الاتحاد الأوروبي، إيران، تركيا، والولايات المتحدة االأمريكية ) مستمرون في النظر بشك وريبة إلى بعضهم البعض فإنه من غير المرجح التوصل إلى قدر من الاستقرار في المنطقة.
كويرت ديبوف
ممثل الإئتلاف الليبرالي الديمقراطي في المجموعة الأوربية بالبرلمان الأوروبي
يتطلب الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استراتيجية تتجاوز البحث عن هدنة أو تقديم الدعم لحكام أقوياء، وهذا الاستقرار المنشود له أهمية استراتيجية في نشر الأمن والرخاء في أوروبا التي يهمها بالقطع أن يكون جارها الجنوبي آمناً ومزدهراً؛ ولذلك يتعين على دول الاتحاد الأوروبي في المدى القريب أن تبذل ما في وسعها لكي تحد من انتشار تنظيم الدولة الإسلامية كما يتعين أيضاً على أوروبا ومعها الولايات المتحدة الأمريكية القيام بشن ضربات عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبتسليح المقاتلين الأكراد، ومن الضروري أيضاً أن تدعم دول الغرب الحكومة العراقية الجديدة وتساعدها في إقناع العراقيين السنة بأهمية السعي نحو عراق جديدة وموحدة.
وعلى أي حال يتوجب على الاتحاد الأوروبي ألا يرتكب خطأ الشراكة مع الأسد الذي قدم الدعم لتنظيم الدولة الإسلامية، كما يتوجب عليه أيضاً في المدى القريب العمل على جلب الاستقرار إلى ليبيا من خلال الضغط على الأمم المتحدة من أجل منع انزلاق البلاد الليبية إلى حرب أهلية.
والاستقرار في الشرق الأوسط لن يسود بدون جلوس المملكة العربية السعودية وإيران معاً لحل القضايا العالقة بينهما وبذل جهود مشتركة لتخفيف حدة التوترات في اليمن وليبيا وغزة ولبنان والعراق وسوريا، ويترافق مع هذه الجهود السعودية الإيرانية قيام الأمم المتحدة بالضغط في اتجاه التوصل إلى تفاهمات سعودية إيرانية حول مجريات الأحداث في المنطقة.
ومن الضروري على المدى البعيد أن يساعد الاتحاد الأوروبي في معالجة جذور أسباب الثورات العربية من خلال دعم الجهود البذولة في مكافحة الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وذلك عن طريق تمويل استثمارات في مجال التعليم والديمقراطية، وإذا لم تقم دول الاتحاد الأوروبي بالدور المطلوب منها في الشرق الأوسط فلن تشهد المنطقة أي إستقرار لوقت طويل جداً.
كريستينا كاوشك
باحثة ضمن فريق بحثي أوروبي (FRIDE) ومتخصصة في قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا
الأزمات الراهنة في سوريا وليبيا والعراق الناجمة عن تصدع أنظمة سياسية متهرئة في الشرق الأوسط (كان للولايات المتحدة الأمريكية الدور الأكبر في إفسادها على مدى العقد الماضي) كشفت عن ضعف تأثير الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا في مسار الأحداث في المنطقة نتيجة للتنافس فيما بينهم على الثروات الضخمة وعلى الأيدولوجيات المتباينة وعلى المصالح المتضاربة.
ولذلك إذا ما رغبت دول غربية كبرى في المساعدة على إنهاء النزاعات المحتدمة في منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت ساحات معركة بالوكالة عن منافسات جيوسياسية فإنه يتعين على هذه الدول أن تنسق جهودها بشكل مباشر أو غير مباشر مع القوى الإقليمية (المملكة العربية السعودية، إيران، تركيا، وقطر) والقوى الدولية (الصين، وروسيا) التي تقدم الدعم لهذه الحروب التي تدار بالوكالة، وهناك إمكانية إدخال شركاء في ملفات قضايا محددة مثل الحوار مع إيران حول الأسلحة النووية ومثل تدمير الأسلحة الكيميائية السورية.
سالي خليفة إسحاق
أستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة
هناك خمسة مسارات(ربما تكون مثالية جداً بشكل لا يمكن تحقيقه على الأرض) يمكنها أن تجلب الاستقرار إلى الشرق الأوسط:
1 -- مكافحة الإرهاب والتطرف بواسطة شن عمل عسكري لفترة محدودة أو بوسائل غير عسكرية أو بوضع استراتيجيات طويلة المدى تهدف إلى تحسين الظروف الاقتصادية وتطوير التعليم.
2 -- تنفيذ إتفاق سلام شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين وليس بين إسرائيل وغزة أو بين إسرائيل والضفة الغربية إعتماداً على أن الاستقرار لن يأتي للمنطقة طالما أنه لا وجود لدولة فلسطين.
3 -- ظهور شرق أوسط جديد يعترف بإسرائيل كمنطقة نووية حرة ويقدم تنازلات كبيرة حول البرنامج النووي الإيراني لن يمكنه جلب استقرار للمنطقة بل سيعطي المبرر لدول عربية مركزية للسعي لإمتلاك قوة نووية، وهذا السيناريو سيفاقم من درجة الإحساس بعدم الأمان وبعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
4 -- تبني تنمية اقتصادية لتحسين الظروف المعيشية للجماهير العربية لتكوين طبقة متوسطة كبيرة في العالم العربي.
5 -- إقامة أنظمة ديمقراطية تعمل بفعالية في ظل نمو الطبقات المتوسطة وتؤسس لقيم ديمقراطية عبر عملية إصلاح تعليمي منظمة.
لينا الخطيب
مديرة مركز كارنيجي الدولي للسلام في منطقة الشرق الأوسط
يكشف رد الفعل المتأخر للدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية حول انتشار تنظيم الدولة الإسلامية عن افتقارها لاستراتيجية طويلة المدى ومع ذلك فإن رغبة المجتمع الدولي في جلب الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط لن تتحقق بتوفير حل عسكري على النطاق المحلي ربما لأن هناك عدة أسباب ساهمت في انتشار تنظيم الدولة الإسلامية منها: السياسات الإقصائية لحكومة نوري المالكي التي أغمض الغرب عينيه عنها، وزواج المصلحة بين النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية الذي وجد فيه النظام السوري – حتى وقت قريب – شريكاً غير مباشر لمحاربة جماعات معارضة عديدة، وعدم التبصر الذي يتصف به مجتمع دولي لم يحسم أمره فيما يتصل بتنظيم الدولة الإسلامية حتى أصبح يشكل مشكلة عالمية وكذلك عدم تبصر لاعبين إقليميين في الشرق الأوسط.
وفي وقت لاحق قامت تركيا بغص البصر عن تنظيم الدولة الإسلامية باعتبارهاجماعة معزولة تحارب الأكراد وذلك قبل أن تغير موقفها لتؤيد الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفي المقابل قامت دول خليجية بتأييد جماعات جهادية بدلاً من تنظيم الدولة الإسلامية أملاً في الإطاحة بالأسد لكن هذه الجماعات برهنت على ضعفها أمام النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح مصدراً محتملاً لعدم الاستقرار في الخليج.
ويبدو أن المسار الوحيد القابل للتطبيق في اتجاه جلب الاستقرار للشرق الأوسط يمكن أن يتمثل في تعاون القادة الإقليميين والدوليين في المجالين العسكري والسياسي وفي وضع استراتيجيات طويلة المدى للمنطقة تقوم على تمكين المعتدلين وتستهدف تكوين هياكل إدارية شاملة.