القاهرة 17 سبتمبر 2014 الساعة 12:27 م
يوثق كتاب (الجامعالأزهر الشريف) تاريخ وعمارة وفنون أعرق مسجد في مصر في ألف عام تحول خلالها من مسجدللصلاة إلى أحد أبرز وأشهر الجامعات الإسلامية في العالم.
ويذكر الكتاب أنأعمدة الجامع "جلبت من مبان سابقة على الإسلام امتازت بتيجانها المزخرفة"وأن بناءه تأثر "إلى حد كبير" بتخطيط مسجد عقبة بن نافع بمدينة القيروانالتونسية ومسجد الزيتونة بالعاصمة التونسية ولكن الجامع الأزهر شيد بأيدي بنائين مصريينومواد وتقنيات مصرية.
والكتاب الذي يقعفي 786 صفحة كبيرة القطع هو ثمرة مشروع بحثي قامت به مكتبة الإسكندرية بالتعاون معمشيخة الأزهر وأعد مادته محمد السيد حمدي وشيماء السايح بإشراف خالد عزب وراجعه محمدكمال الدين إمام. أما التصميم الداخلي للكتاب فلكل من هبة الله حجازي وجيهان أبو النجا.
وقال شيخ الأزهرأحمد الطيب في تصدير الكتاب إن الأزهر عبر تاريخه ظل منارة تعليمية وثقافية أسهمت في"تنوير الأمة... واستعصائها على الذوبان والتلاشي أمام تقلبات التاريخ واضطرابالحضارات" مضيفا أن هذا الكتاب باكورة إنتاج مركز دراسات الحضارة الإسلامية والفكرالإسلامي المعاصر بمكتبة الإسكندرية.
وتنفيذا لأمر المعزلدين الله الفاطمي بدأ القائد جوهر الصقلي تشييد الجامع الأزهر عام 970 ميلادية فيالعام التالي لوضع حجر الأساس لمدينة القاهرة. واستغرق بناء المسجد نحو 28 شهرا.
ويقول الكتاب إنالمسجد في البداية لم يحمل اسم "الجامع الأزهر" وإنما "جامع القاهرة"وإنه ينسب إلى بنت النبي محمد وأم الإمام الحسين السيدة فاطمة الزهراء التي ينتسب إليهاالفاطميون. كما قيل إنه حمل هذا الاسم "تفاؤلا بما سيكون له من الشأن والمكانةبازدهار العلوم فيه."
ولكن الجامع الذيتبلغ مساحته حاليا 11500 متر مربع ويعد الآن رمزا للإسلام السني في العالم شاهد علىتقلبات سياسية كان لها تأثير كبير في تغير المذهب الديني الرسمي في مصر.
ويسجل الكتاب أنمؤسس الدولة الأيوبية صلاح الدين الأيوبي الذي حكم بين عامي 1169 و1193 ميلادية أبطل"كل مظاهر الدولة الفاطمية التي كانت تعتنق المذهب الشيعي الإسماعيلي المخالفللمذهب السني مذهب الدولة الأيوبية" حتى إنه أبطل صلاة الجمعة سنة 1169 بالجامعالأزهر وأقر صلاة الجمعة في جامع الحاكم بأمر الله.
ورغم عدم إقامةصلاة الجمعة في الجامع الأزهر فإنه احتفظ بدوره التعليمي وظل مدرسة لتدريس العلوم الدينيةوالعقلية واللغوية فضلا عن إقامة الصلوات الخمس يوميا
عامي 1260 و1277ميلادية أعاد صلاة الجمعة إلى الجامع الأزهر بداية من يوم الجمعة 18 ربيع الأول665 هجرية الموافق 17 ديسمبر 1266 ميلادية "بعد انقطاعها مدة تقارب مئة سنة"وقام بالتجديد في عمارة الجامع.
ويذكر الكتاب جانبامن الدور السياسي الوطني للأزهر.
ويسجل أن ثورةالقاهرة الأولى التي اندلعت يوم 21 أكتوبر تشرين الأول 1798 ضد الاحتلال الفرنسي لمصر(1798-1801) وقتل في ذلك اليوم الجنرال ديبوي فاتخذ الثوار من الجامع مقرا لهم فأطلقالجيش الفرنسي في اليوم التالي القنابل على الجامع والمنطقة المجاورة "فانفجرتفي الجامع... حتى كاد أن يتداعى. وتغلبت قوة النار على قوة الثوار" فاقتحمه جيشالاحتلال.
ووصف المؤرخ المصريالمعاصر للحملة الفرنسية عبد الرحمن الجبرتي ذلك بقوله "ثم دخلوا إلى الجامع الأزهروهم راكبون الخيل... وربطوا خيلهم بقبلته وعاثوا بالأروقة وكسروا القناديل... ونهبواما وجدوه من المتاع... ودشتوا الكتب والمصاحف وعلى الأرض طرحوها وبأرجلهم ونعالهم داسوها."
ويقول الكتاب إنهفي ثورة 1919 كان الجامع الأزهر مركزا للتحريض على قوات الاحتلال البريطاني "ولميتورع جنود الاحتلال البريطاني من انتهاك حرمة الجامع الأزهر كما فعل الفرنسيون"حيث قام جنود الاحتلال يوم 11 ديسمبر كانون الأول 1919 بمطاردة المتظاهرين المحتمينبالجامع واقتحموه "بنعالهم" واحتج علماء الأزهر بشدة على هذا السلوك فاضطرالجنرال اللنبي المندوب السامي البريطاني إلى "تقديم اعتذار رسمي لشيخ الجامعالأزهر."