القاهرة 10 سبتمبر 2014 الساعة 01:23 م
هو حبيب بن زيد بن عاصم بن عمرو الأنصارى المازنى , أخو عبد الله بن زيد , وهو أحد السبعين الذين بايعوا المصطفى صلى الله عليه وسلم على الإسلام والطاعة عند العقبة .
وكانت أمه نسيبة بنت كعب إحدى السيدتين اللتين بايعتا النبى , وأما الثانية فهى خالته , لذلك ينطبق عليهم قول الله تعالى ( ذرية بعضها من بعض ) ومنذ أسلم لازم الرسول , لا يتخلف عن غزوة أو سرية ولا يتهاون فى أمور دينه , وفى فترة من سنى حياته حدث فى جنوب الجزيرة حدث عظيم , إذ أن شخصين قد ارتدا وزعما أن الوحى يأتيهما من السماء أحدهما الأسود بن كعب العنسى ظهر بصنعاء , وثانيهما مسيلمة الكذاب باليمامة , ولم يكتف الكذابان بما أدعيا بل راحا يحرضان الناس على الإسلام والمسلمين ويعيثان فى الأرض فسادا .
ومن عجائب القدر ونوائب الزمن أن تجرأ على الرسول مسيلمة فأرسل له رسالة يقول فيها ( من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله .. سلام عليك .. أما بعد فإنى قد اشتركت معك فى الأمر , وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها , ولكن قريشا قوما وعلى الفور دعا الرسول أحد الكاتبين وأملى عليه رده على مسيلمه ( بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ( السلام على من اتبع الهدى , أما بعد , فأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) وبهذه الكلمات التى تشع نورا وتتألق بقوة أخزى الله الكافر اللعين الذى توهم أن النبوة ملك يناله بالزعم أو العناد , مع أنها رحمة يهبها الله عز وجل لمن أحب من عباده المؤمنين , وتتأكد تلك المعانى من قوله تعالى : ( )وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون )
ولم يزدد الكذاب برد المصطفى صلى الله عليه وسلم إ لا عنادا وضلالا , وراح يكذب ما جاء به القرآن الحكيم ويحرض على المؤمنين
وقد اقتضت رحمة الرسول أن يرسل إليه رسالة يدعوه إلى الحق وينهاه عن الباطل لعله أن يعود إلى صوابه , ووقع اختيار النبى على حبيب بن زيد ليحمل تلك الرسالة إلي عدو الله مسيلمة-
وحمل حبيب الرسالة مغتبطا بهذا الشرف الكريم وشعاره قول المصطفي- صلي الله عليه وسلم- (ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت "
وقد أراد الرسول صلوات الله وسلامه عليه أمرا والله تعالي يريد أمرا آخر!!! فما إن وصل حبيب بالرسالة وأطلع عليها الكذاب إذ فقد صوابه وجن جنونه فشرع في فعل لا تعرفه الإنسانية ولا العرب في جاهليتهم!!!
ونادي قومه ليشهدوا تلك المحادثة بين الحق والباطل وقد مني نفسه أن يشهد حبيب بأنه رسول الله أمام الجمع العظيم..
ولم يكن من السهل علي واحد من أصحابه- صلوات الله وسلامه عليه- أن يضعف أو تميل قناته أمام حزب الشيطان وإن كثر جمعهم وأشتد تهديدهم!!!
لقد أنزل المجرمون بحببيب عذابا لا طاقة له به إلا أن روحه كانت أقوي من أن تعطيهم كلمة الكفر ولو من طرف اللسان…
وقد حفته رحمة الله تعالي وشملته عنايته فراح يستقبل الموت البطئ وهو متطلع إلي الفردوس الأعلي ...
لقد قطعوا بدنه إربا إربا وأهل الشؤم ينظرون وما زاد الشهيد إلا إيمانا وتسليما وهذه المحادثة التي تمت بين حبيب واللعين ناطقة بذلك...
يقول الكذاب لحبيب:
أتشهد أن محمد رسول الله؟
ويقول حبيب:نعم أشهد أن محمد رسول الله
ويظهر الخزي والهوان علي اللعين ثم عاد متسائلا:
وتشهد أنى رسول الله؟
وأجاب حبيب بسخرية شديدة:إني لا أسمع شيئا!!!
وتحولت خيبة اللعين وسواد وجهه إلي حقد مخبول!!! ولم يجدوا بدا من مضاعفة التمثيل بجسده الطاهر وهو يعاين حتي صعدت روحه العالية إلي الملأ الأعلي...
إن موقف حبيب رضي الله عنه يذكرنا بسحرة فرعون حينما رسخ الايمان في قلوبهم وهددهم الطاغوت فلم ينل الوعسد من عزيمتهم بل ازدادت ايمانا وتطلعا إلي ما أعده الله للمؤمنين الصابرين من عباده .