وفي الوقت الذي توقفت فيه تقريبا حركة النشاط الفني في مصر؛ التي عرفت طويلا بأنها "هوليود الشرق"، فإن احتجاجات ميدان التحرير فجرت طاقات فنية وأغاني راب ومسرحيات تطالب بالتغيير وقام آلاف المتظاهرين بتقديم أشكال فنية مختلفة؛ لشحن الاحتجاجات والتخفيف على المعتصمين. وغنى بعض الشباب في الميدان الذي لم يجد فرصة للغناء في الأحوال العادية؛ وانفجرت بعض الطاقات الفنية لدى كثير من الشباب الهواة للفن، حيث عزف عديد منهم على بعض الآلات الموسيقية؛ مثل الناي والعود، وقام بعضهم الآخر بتأليف قصائد شعرية مرتبطة بالحدث وألقوها في الميدان، أما بعض من يملكون مواهب تمثيلية فقاموا بتمثيل مسرحيات كتبها زملاؤهم للترفيه عن المتظاهرين ولوحظ أن هذه المسرحيات مرتبطة بمطالب المتظاهرين بالتغيير، حيث تقوم إحداها على فكرة وجود رئيس جمهورية يحقق مطالب الشعب وكان لهذه الأنشطة دور كبير في شحذ همم المتظاهرين؛ حيث التفوا حولها وشاركوا هؤلاء الشباب أنشطتهم فيما اتفق العديد من القضاة على ضرورة إسقاط الدستور الحالى وإعداد دستور جديد لمصر يضمن تداول السلطة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين، وقلل القضاة من إمكانية تعديل الدستور الحالى فى ظل افتقاد النظام الحاكم للشرعية الشعبية وبطلان انعقاد مجلس الشعب بسبب الأحكام القضائية ضد أعضائه بينما توالت ردود أفعال المثقفين، على احتجاجات المتظاهرين التى اندلعت فى "يوم الغضب"، حيث طالب فريق منهم، المؤسسة الرسمية بالاستجابة لما طرحته المظاهرات، فيما أكد فريق آخر على أنه لم يتوقع هذه الروح التى بثتها قوى شباب مصر وتعجب فريق ثالث من الصمت الرسمى، وطرح البديل الجاهز وتحميله المسئولية، وهى القوى التى لا يرضى عنها النظام. وأصدر 85 مثقفاً وأديباً مصرياً من بينهم الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى والدكتور حسن طلب والكاتب بهاء طاهر والكاتب إبراهيم أصلان والدكتور عبد الغفار مكاوى والشاعر عبد المنعم رمضان والكاتب محمد المخزنجى والكاتب بلال فضل ووائل السمرى والكاتبة فاطمة ناعوت، بيانا يقفون من خلاله مع سائر مطالب الثوار فى الحرية والعدالة، تحت ظل نظام ديمقراطى لابد له من أن يقوم الآن، وبلا مماطلة أو تسويف، بديلا عن النظام الحالى، بسائر مؤسساته الحكومية والتشريعية والحزبية. بينما أصدر كهنة ومثقفون وعلمانيون أقباط بيانا أعربوا فيه عن تأييدهم لــ"ثورة الشباب" واستمرار اعتصامهم بميدان التحرير. وطالب البيان بالاستجابة للمطالب الشعبية التي رفعها شباب 25 يناير من أجل استقرار الوطن وحماية مستقبله، إلى جانب تشكيل لجنة قومية لوضع دستور جديد يؤكد مدنية الدولة ويضبط العلاقات بين السلطات الثلاث، ويعيد الحق فى الترشح لموقع رئاسة الجمهورية بغير القيود الواردة فى التعديلات الدستورية الأخيرة، ويحدد مدة تولى رئاسة الجمهورية بـ"فترتين" فقط، ووضع الانتخابات التشريعية والرئاسية والمحليات تحت رقابة جادة داخلية ودولية، فضلاً عن الانتقال بالدستور إلى مصاف الدساتير المدنية الديمقراطية القائمة على المواطنة" إلى ذلك اتفق البيان سالف الذكر مع بيان آخر صادر عن عدد من القساوسة والشيوخ بسنودس النيل الإنجيلي من بينهم "الأب وليم سيدهم اليسوعي أستاذ الفلسفة، والأب هنرى بولاد، والقس الدكتور إكرام لمعى، والقس رفعت فكرى سكرتير سنودس النيل الإنجيلي، وسليمان شفيق وكمال زاخر ..وآخرون من جانبها اعتبرت اللجنة المصرية للعدالة والسلام المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في بيان لها أن:"الحركة السلمية التي بدأت في 25 يناير واستمرت حتى اليوم، ليست أقل من حركة النضال السلمي فى الهند وتحرير العبيد في أمريكا الشمالية، وهو النضال الذي استمر لسنوات". وطالبت اللجنة الإعلام الرسمي بـضرورة "الكف فوراً عن تشويه صوره أبناء الحركة المطالبين بالإصلاح والكف عن اتهامهم بالخيانة والعمالة"، و" تفعيل مطالب شباب 25 يناير الخاصة بالعدالة الاجتماعية، وإعادة توزيع الثروة". وأعلن 200 من العاملين في مجال الصحافة والإعلام والفن في مصر "براءتهم" مما يقوم به الإعلام الرسمي "المقروء والمسموع والمرئي" ومن على شاكلته من "تزوير للحقائق والكذب والافتراء وتشويه متعمد وساذج لصورة هذا الشعب. بينما أصدر العديد من المثقفين البارزين فى العالم العربى عدة بيانات يعلنون فيها تأييدهم للثورة الشعبية المصرية، وينسبون إليها الفضل فى تحقيق الكثير من أحلام الشعوب العربية المصادرة، كما يعلنون خلالها تضامنهم مع مطالب الشعب المصرى فى التغيير، وشملت البيانات كتاباً من عمان ولبنان وسوريا وتركيا والمغرب العربى. وأصدر الكتاب المصريون المقيمون فى الخارج بيانا أعلنوا فيه تضامنهم الكامل مع مطالب الثورة المصرية، ودعا البيان إلى سرعة العمل على تشكيل حكومة وطنية انتقالية من قوى تثق فيها جماهير الشعب، وصياغة دستور جديد للبلاد يضمن إقامة دولة مدنية وإقرار حقوق المواطنة والحريات العامة لكافة أفراد الشعب، إضافة إلى حل مجلسى الشعب والشورى الحاليين، وإجراء انتخابات حرة تحت مراقبة القضاء المصرى. وفى لبنان أصدر عدد من المثقفين اللبنانيين بياناً أكدوا فيه أن الثورة المصرية مقدمة لانتفاضة عربية قادمة لا محالة، واصفين ثورة الشباب المصرى بأنها تعبّر فى جوهرها عن أحلام وطموحات المواطن العربى فى الحرية والكرامة والتنمية البشرية والديمقراطية، واصفين الثورة بأنها فضحت زيف مثقفى السلطة والمعارضات الشكلية والأحزاب المتعاملة مع الاستبداد التى عجزت عن تحريك الشارع لسنوات مضت المثقفون السوريون كان لهم موقف مشابه من تأييد للثورة المصرية، ووجه البيان الذى أصدره عدد منهم التحية إلى كل المثقفين المصريين الذين تضامنوا مع المطالب المشروعة للشباب وقع على البيان العديد من الأسماء السورية البارزة من أمثال دريد لحام، والفنان التشكيلى يوسف عبدلكى، والأديب خيرى الذهبى وإبراهيم صموئيل، وآخرون. وفى عمان أعلن المثقفون العمانيون وقوفهم وتضامنهم مع الشعب المصرى "فى خياره الديمقراطى" و"فى ثورته المشروعة"، وعبر البيان عن "اعتزاز المثقفين والكتاب بما اختاره الشعب المصرى العزيز من سبيل فى تحقيق مصيره وإيمانًا بحقه فى اختيار من يحكمه واحتراما وتقديرًا لثورته الباسلة فى وجه الظلم والاستبداد والقهر والتعسف والحرمان والتهميش". وأيد عدد من المثقفين العرب كلا من الثورة المصرية، والتونسية، وأرسلوا تحيتهم إلى كل الشباب الحر الذى انتفض لتحقيق الأحلام العربية المصادرة، وأكدوا فى بيان أصدروه مؤخرا أن الشعوب العربية ما عاد بإمكانها تجاهل تلك الحركات الاحتجاجية التنويرية، وطالب البيان كافة المثقفين بضرورة تأييد أفكار الثورتين المصرية والتونسية، والدعوة إليها وكان من بين الموقعين على البيان أمين معلوف، والطاهر بن جالون، وجمانة حداد، والشاعر أدونيس وآخرون بينما أصدر الناشر محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين المصريين، بيانا أكد فيه على دعم الاتحاد والناشرين من أعضائه، للثورة الشعبية المصرية، التى انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير. ووصف بيان اتحاد الناشرين مطالب الثورة، بالشرعية، مؤكدا على إدانته لكافة أشكال العنف والقتل والاعتقال والملاحقات التى تمت، وأشاد بيان اتحاد الناشرين بشباب مصر الذين فجروا هذه الثورة، مدينا القرار التعسفي الذي صدر بقطع خدمة الاتصالات، والإنترنت، حيث أكد بيان الاتحاد أن هذا القرار، تعارض مع حرية النشر، وتداول المعلومات. وطالب اتحاد الناشرين فى بيانه بضرورة محاسبة المسئولين عن هذه الاعتداءات، التي راح ضحيتها عدد من الشهداء، وآلاف الجرحى، وأكد البيان أن الشهيد الصحفي "أحمد محمد محمود" أحد هؤلاء الضحايا الذين راحوا ضحية لأعمال العنف، وهو صاحب دار اللطائف للنشر والتوزيع. وقال الروائي والقاص إبراهيم أصلان، أن ما حدث شىء هام وعظيم فى تاريخ الحركة الوطنية المصرية وله دلالات بالغة الأهمية، مؤكدا أن العلاقة بين النظام الحاكم والشعب ستتغير تماما بعد تلك الأحداث عما كانت قبلها، مضيفا أننا جميعا جزء مما يحدث سواء شاركنا أو لم نشارك. وطالب الدكتور عمرو الشوبكى، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الرئيس مبارك بعدم الترشح لانتخابات رئاسية قادمة، قائلا: لا أحب أن أنسب ما حدث إلى تنظيمات سياسية كما فعلت بعض الأجهزة وإنما أسميه "تحالف المحبطين من أوضاعنا السياسية" والتى كان آخرها نقل المعارضة من تحت قبة البرلمان إلى الشارع، وقال الشوبكى: ما فعله أحمد عز فى هذه الانتخابات، أصاب جميع الأحزاب المعارضة بالإحباط، وتولد لديهم إحساس بخروجهم من الشرعية، إلى الشارع، لكنهم تكاتفوا مع ما حدث من مد جماهيرى جارف، موضحًا أن مظاهرات يناير 2011 كانت الأولى من نوعها منذ انتفاضة يناير 1977، مؤكدا أن العزلة بين النشطاء السياسيين وعموم المواطنين قد انكسرت، ولأول مرة نجد أن غالبية المواطنين، شاركت بفعالية، مشيرا إلى أن مطالب الإصلاح ليست بعيدة عن الجماهير التى رددتها مؤكدا أن هديرها الغاضب كان يصل لكل الأسماع. أما الكاتب محمد سلماوى، رئيس اتحاد كتاب مصر، فأشار إلى أنه تنبأ إلى كل ما حدث فى روايته الصادرة حديثا "أجنحة الفراشة" عن الدار المصرية اللبنانية، وقال سلماوى: تنبأت بهذا، وتنبأت أيضا بما سيحدث بعد ذلك من أحداث ومظاهرات وحراك سياسى وفى روايته "أجنحة الفراشة" يرسم محمد سلماوى سيناريو للاحتجاجات حيث يتوقع سلماوى أن تتفاقم هذه الاحتجاجات، بفضل الهواتف المحمولة وتجمعات الفيس بوك، والإنترنت، وتحاول الحكومة حسب الرواية أ
|