القاهرة 03 يونيو 2014 الساعة 02:25 م
أحمد رامى :عشق أم كلثوم.. وزوّجها لآخر.. واكتئب بعد وفاتها
شاعر لامع، اشتهر بشعره الرومانسي باللغة العربية واللهجة العامية وهو أكثر الشعراء شهرة لدى العامة لارتباط اسمه بعشرات الأشعار الغنائية الشهيرة التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم والتي شكلت روائع لازالت محفورة في وجدان الشعب العربي إلي الآن، تنوعت أعماله ما بين الشعر والأدب والترجمة، ولقب بشاعر الشباب
ولد احمد رامي في 19 أغسطس من عام 1892 في حي السيدة زينب بالقاهرة والتحق بمدرسة المعلمين وتخرج فيها عام 1914، وفي عام 1922 سافر إلي باريس في بعثه لتعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية ثم حصل علي شهادة في المكتبات من "جامعة السوربون"، وفى عام 1952 أُختير أمينًا للمكتبة بدار الكتب المصرية، وعمل على تطبيق ما درسه في فرنسا في تنظيم دار الكتب، وتلى ذلك انضمامه إلى عصبة الأمم كأمين مكتبة عقب انضمام مصر إليها، كما عمل رامي كمستشار لدار الإذاعة المصرية، وبعد توليه هذا المنصب لثلاث سنوات عاد لدار الكتب كنائب لرئيسها.
نال أحمد رامي تقديرا عربيا وعالميا واسع النطاق حيث كرمته مصر عندما منحته "جائزة الدولة التقديرية" عام 1967 كما حصل علي "وسام الفنون والعلوم" ونال أيضا "وسام الكفاءة الفكرية" من الطبقة الممتازة حيث قام الملك الحسن الثاني ملك المغرب بتسليمه الوسام بنفسه وانتخب أحمد رامي رئيساً لجمعية المؤلفين وحصل علي "ميدالية الخلود الفني" من أكاديمية الفنون الفرنسية وقبل وفاته ببضع سنوات كرمه الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات حيث منحه درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون .
أصيب أحمد رامي بحالة من الاكتئاب الشديد بعد وفاة محبوبته، الملهمة الأساسية له أم كلثوم ورفض أن يكتب أي شىء بعدها حتى توفي في الخامس من يونيو من عام 1981م .
سعى رامي وراء تطوير وثقل موهبته الشعرية فحرص على حضور المنتديات والمجالس الشعرية، وكان أول نتاجه الأدبي قصيدة وطنية كتبها وهو في الخامسة عشر من عمره، وفي عام 1910 تم نشر قصيدة له في مجلة الرواية الجديدة بعد ذلك توالت أعمال رامي الشعرية فقدم قصائد بألفاظ سهلة مفعمة بالمعاني والأحاسيس، واخترق الحياة الأدبية عام 1918 فأصدر ديوانه الأول والذي كان مختلفًا تمامًا عن الأسلوب الشعري السائد في ذلك الوقت والذي سيطر عليه كل من المدرستين الشعريتين الحديثة والقديمة، وأعقب ديوانه الأول بديوانين آخرين في عام 1925م، وعلى الرغم من أن شعر رامي قد بدأ بالفصحى إلا أنه انتقل للعامية بعد ذلك، ولكنها كانت عامية راقية استطاع من خلالها إبداع صور راقية لم تعهدها العامية المصرية قبله .
ومن أهم الأعمال التي أبدعها شاعر الشباب "ديوان رامي" وهو من أربعة أجزاء وأبدع رامي مجموعة ضخمة من الأغاني التي تغنت بها كوكب الشرق " أم كلثوم " والتي يصل عددها إلي ما يقرب من مائتي أغنية منها: "جددت حبك ليه"، "رق الحبيب" ، "سهران لوحدي"، " هجرتك"، وغيرها الكثير.
كما ساهم أحمد رامي في ثلاثين فيلما سينمائيا إما بالتأليف أو بالأغاني أو بالحوار، ومن أهم هذه الأفلام "نشيد الأمل"، "الوردة البيضاء" ، "دموع الحب"، "يحيا الحب"، التي قامك ببطولتها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وأفلام "عايدة" ، "دنانير" "وداد" ولعبت بطولتها كوكب الشرق أم كلثوم، كما كتب رامي للمسرح مسرحية "غرام الشعراء" وهي مسرحية من فصل واحد أما في مجال الترجمة فقد ترجم رامي مسرحية "سميراميس" ، وكتاب "في سبيل التاج" عن فرانسوكوبيه" كما ترجم "شارلوت كورداي" ليوتسار ، ترجم "رباعيات الخيام"
«(الصب تفضحه عيونه) الأغنية التى التقى بها الشاعر العاشق أحمد رامي محبوبته الملهمة كوكب الشرق أم كلثوم، فبتلك الكلمات التي كتبها رامي وغنتها ثومة بدأت علاقتهما التي استمرت 50 عامًا ولم تتوقف إلا بوفاتها عام 1975، وبتلك الكلمات أيضًا أصبحت قصائد رامي هي المعبر الأول عن تلك العلاقة وتفاصيلها
ولكن الشاعر الشرقي للصميم لم يعرض عليها الزواج مطلقًا برغم حبه الشديد لها، وكانت إجابته دومًا على سؤال «لماذا؟» هي: «لو تزوجتها سيكون الزواج سبباً في اعتزالها الغناء، لأنني رجل شرقي ولن أسمح لها بالغناء، ولم أكن أستطيع أن أقول فيها «سهران لوحدي أناجى طيفك السارى» وهى بجانبي في بيت واحد»، فظل رامي العاشق العازف عن الارتباط بمحبوبته، والأكثر من هذا أنه استجاب لطلب الدكتور حسن الحفناوي بأن يعرفه عليها لأنه من أشد المعجبين بصوتها، وبعدها تم الزواج.
حفلات ثومة كانت كيوم العيد للشاعر العاشق يذهب بكامل أناقته ورونقه، ثم يتخذ مجلسه في المقعد رقم 8 أمام أم كلثوم في كل حفلة، ولم يتغير المقعد لأن الإذاعة المصرية هي التي كانت تمنحه التذكرة، ولم يكن يصطحب أحدًا ولا حتى زوجته، التي كانت على علم بحبه الأبدي ومع ذلك لم تمانع فقد تفهمت طبيعته قبل الموافقة على الزواج به، وفي حفل الزفاف شدت ثومة بأغنيتين الأولى «اللي حبك يا هناه» والثانية «افرح يا قلبي جالك نصيب»، ولم تزرهما بعد ذلك إلا في حفل اليوبيل الفضي لعيد زواجهما، لكن صورتها بقيت معلقة داخل غرفة النوم لمدة 50 عامًا .
أما آخر ما كتب رامي وغنته كوكب الشرق فكانت «يا مسهرني» لمسة العتاب الرقيقة لعدم سؤالها عنه، حتى كانت النهاية بوفاتها والتي بمجرد أن علم بها كسر قلمه وهجر الشعر والناس وجلس مريضاً بالاكتئاب النفسي، ولم يكتب لها قصيدة رثاء - بعد أن قدم لأم كلثوم أكثر من مائتي أغنية من أروع ما غنت - بل ظل ينظر إلى الخاتم الذي أهدته إياه يوم زفافه وظل هذا الخاتم في يده ما يقرب من 40 عاماً، حتى وفاته عام 1981