|
موسيقي |
تكامل الفنون والحُلم الكوري
|
|
|
|
|
القاهرة 11 نوفمبر 2025 الساعة 10:15 ص

بقلم: أحمد فاروق بيضون
مما لا يدع مجالاً للشك بأن الموجة الكورية وعلى وجه الخصوص تلك الخطى الوثابة التي ينتهجها الفن في كوريا الجنوبية أضحت بين عشية وضحاها هي أحدث صيحات الموضة العالمية في كل الفنون، إذا كانت الفنون سبعة أطياف فالفن الكوري يمتاز بحرفية عالية لمّا استطاع مزج كل الفنون في كل عمل أدبي أو تصويري أو سينماتوغرافي مشهديّ، أصبحت المجتمعات شغوفة بتلك الموجة ومحاولة التماهي معها بعدما أصبح هناك بلورة لمفهوم Korean Dream وشيكاً وتبوأ الساحة العالمية بأعمال ملهمة ومبهرة تتفاوت بين الدراما والأفلام السينمائية والشاعرية الخاصة والموسيقى العالمية.. زد من الشعر بيتاً من الإبداع بشكله الحداثي الذي أثر في نفوس الأجيال ممن أطلقوا على أنفسهم جيل Z وألفا والآن جيل Blinkكمزيج لكلمتين بفريق Black Pink للموسيقى الكورية في العقد الثاني من باكورة الألفية الجديدة بالقرن الجديد الحادي والعشرين، لربما شاحت أنظار بلاج الأحلام والسيما الهليودية صوب هذه الطفرة غير المسبوقة والاكتساح الكوري للمشهد...
لما نتطرق إلى الحديث عن الموسيقى الكورية المبتكرة حديثاً وهيمنت مبيعاتها ونسب مشاهداتها ما بين الواقع والمُتخيل من خلال أدلجة شكل جديد للموسيقى K-Pop؛ ومن أشهر تلك الفرق التي استشرت موسيقاها بمسحة كاريزماتية في نسيج الشعوب الآن:
BTSبي تي إس) من أشهر الفرق على الإطلاق، حققت نجاحاً عالمياً كبيراً وحصدت العديد من الألقاب في قائمة بيلبورد) - Stray Kids ستراي كيدز- EXO إكسو.
بلاك بينك): واحدة من أكثر الفرق النسائية شهرة عالمياً في عالم الكيبوب)- IVE آيف - New Jeans نيو جينز
أهم ما ميز تلك الفرق الموسيقية الشهيرة في هذه الآونة منذ مطلع العامين الآنفين2023-2024 إلى الآن: جودة الأداء الفني وتلك الرقصات المبتكرة المغايرة لما كان مألوفاً لموسيقى البوب والراب وغيرها من رقصات القانقم ستايل الشهيرة، بالإضافة إلى المزج بين اللغتين الإنجليزية الأكثر شيوعاً في الأواسط العالمية والكورية مما حفّز كثيرًا من المعجبين الانخراط في الثقافة الكورية ولغتها ومدلولية الكلمات والعبارات المستخدمة، لا ريب بأن الأزياء والتصميمات جذبت أنظار القطاع العريض ممن تذوقوا هذا الفن وبحدسٍ من ركب الموضة Jump on the Bandwagon لذاك الخليط الموسيقي بين البوب الغربي والهيب هوب والروك أند رول والR&B والكورية الكلاسيكية..
-
الإبداع الكوري والطفرة الدرامية
كما تأخذنا رحلة الإبداع الكوري إلى تلك الطفرة الدرامية والتي حضت الشركة العالمية Netflix لاكتنافها، الأشهر على الإطلاق في الوقت الراهن (ٍلعبة الحبار) The Squid Game الذي جاء في مواسمٍ ثلاث، لقد حظي بانتشار واسع من حيث الأداء الأسطوري لأبطاله وكذلك المؤثرات وعلى مستوى الحبكة الدرامية العبقرية – التي امتشقت انتقادات اجتماعية في ظل الرأسمالية المفرطة واللهاث الآدمي وراء سطوة الأموال والنفوذ وبروق الأطماع التي جذّرت النفس البشرية الأمَّارة بالتضحية من أجل حفنة من النقود، أمارات الهلع والرعب والتشويق بالإضافة إلى تلك الألعاب الكورية التي تعلمها الكثيرين في أرجاء المعمورة، مثل الداكجي (جولة قلب البلاط) والبوبجي(قرص العسل) وشد الحبل وطوافة الملاهي والمتاهة والضوء الأحمر والأخضر... إلى آخره من تلك الألعاب المميتة حيث يتم استنزاف أرواح البشر تتراً حتى وصلت في نهاية المطاف للاعب 456 الذي يُعدّ اللاعب الأخير والفائز.
برع المخرج الكوري (هوانج دونغ هيوك) في نمذجة شريعة الغاب وتبئير الصراع الداخلي في اللاشعور والخارجي بين القوي والضعيف، لقد تخلل المشهد السينمائي شكلاً من تكامل الفنون ببراعة واقتدار لما صدحت حوالي عشر أغنيات ترددها الألسن في ربوع المرابض، وكأنه قد نفذ حبكته الدرامية والسيناريو بقلبه فلمست أفئدة المشاهدين، في واقعنا العربي هناك أيضاً العديد من الألعاب التي كنا نلهو بها في الطفولة كالغميضة أو خلاويص والقجقجة على اختلاف مسمياتها بين الأقطار لكنها تنتظر عملاً يضاهي هذا العمل الإبداعي وليس الأمر بمُحال..
مجمل الأعمال الدرامية الكورية التي أصبحت أيقونة تنافس البساط الهوليودي وكل محافل الفن العالمي تدور حول محور الأخلاق والضغوط الإنسانية والصراع من أجل البقاء وذلك الأثر والـتأثير السيسيوسيكولوجي وكذلك الإيكولوجيا وتأثيرها على طبيعة البشر، حتى في تلك الأفلام التاريخية المؤسطرة التي تبحث عن الذات البشرية التائهة والصراع الأزلي بين المرأة والرجُل، أيضاً برعوا في تلك الدراما المشوقة والمثيرة للمتحولين كجنس الزومبي كما في All of us are dead والذي من المتوقع صدور جزء جديد له هذه الآونة والذي يستهدف إلقاء الضوء على تبلس الإنسانية وتفشي المفاسد والشرور والبحث عن الحقيقة واستحالة العاطفة، كما تطرقت إلى استحضار الأرواح والماورائيات (Necromancy) أملاً في الخلاص والتطهير..
هكذا – نستطيع الجَزم بأن الفن الكوري قد جعل من الحُلم حقيقة وقد لمس الورى على ظهر الكوكب، لكننا يجب أن نقتدي بإيجابياته وندرأ سلبياته من التقاليع وأسمال هندام لا يلائم عاداتنا وأصالتنا الراسخة في شرايين حياة شعوبنا، السؤال الذي يفرض نفسه الآن – هل نمتلك تلك الإمكانية التنافسية ونخبرهم جميعاً بأننا خيرندٍّ لهم وبأننا أمة الضاد والعربية الشماء الإعجازية في فنونها وآدابها وعلومها ومنائرها التي أتت هذي الأرض منذ فجر التاريخ ونستطيع مجاراة العالمية على أكمل وجه؟ إذا كان الفن مرآة الشعوب.. لك أن تتخيل أمجاداً ناهزت ألف وربعمائة عام وحضارات سادت الأرض بمشارقها ومغاربها لآلاف السنين.. بلى – يمكننا العودة ولنحيي جذورنا ونزدهي بفنونا الأصيلة التي لا مثيل لها.
|
هل لديك تعليق؟
|
الاسم : |
|
|
البريد الالكتروني : |
|
|
موضوع التعليق : |
|
|
التعليق : |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|