|
القاهرة 05 اكتوبر 2025 الساعة 10:06 م

كتبت: نهاد إسماعيل المدني
* القاهرة للعرائس: ضرورة دعم الفن الموجَّه للطفل ومواكبة التطور العالمي
ضمن فعاليات الدورة الأولى من مهرجان القاهرة لمسرح العرائس، بعد خمسة أسابيع من انطلاقه، أختمت الـمائدة المستديرة تحت عنوان: «فن العرائس كجسر بين الإبداع التشكيلي والجاذبية الجماهيرية». أُقيمت المائدة بقاعة عاطف عوض بمدرسة الفنون وأدارها الفنان هشام علي.
* فن العرائس بين الدراسة الأكاديمية والتكامل الفني:
تحدثت الدكتورة أمنية أحمد يحيى، الأستاذ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، شاكرةً أكاديمية الفنون على تنظيم المهرجان لإحياء هذا الفن. أشارت الدكتورة أمنية إلى الأقسام المعنية بدراسة العرائس في الكلية؛ حيث يتولى قسم الديكور تصميم العروسة وعلاقتها بالدراما والسيناريو، بينما تُعنى شعبة النحت بالعرائس والماريونيت وتحريكها والأقنعة، مع تركيز شعبة الديكور على الأزياء، مؤكدةً السعي نحو التكامل بين القسمين.
من جانبها، شددت الدكتورة أمنية على الدور الفعال للعروسة في التربية، إذ تمثل النماذج والسلوكيات التي يراها الأطفال. ودعت "مسرح العرائس" إلى تصنيع وبيع العرائس المشهورة لتمكين الأطفال من الحصول عليها والاحتفاظ بها، مما يرسخ السلوكيات الجديدة التي يتعلمونها.
* العمل للطفل: خط أحمر وأمن قومي
أكد الدكتور طارق مهران، عميد المعهد العالي لفنون الطفل والمدير التنفيذي للمركز الأكاديمي للثقافة والفنون (سيد درويش)، على أهمية إقامة مهرجان للعرائس في مصر. وتطرق إلى عمل المعهد الذي يدرس لطلاب الدراسات العليا من خلفيات أكاديمية متنوعة، ويقوم على تذكيرهم بالقواعد الأساسية ثم حثهم على كسرها في التعامل مع الطفل.
أشار مهران إلى أن الأعمال الموجَّهة للطفل المصري هي "خط أحمر وأمن قومي لا يجب التساهل معه"، مؤكداً على ضرورة العمل في سياق جماعي عند تنفيذها.
كما تناول الدكتور مهران استخدام الألحان الشعبية في أغاني وموسيقى الطفل، موضحًا أن هذا المنهج، الذي بدأه المؤلف الموسيقي المجري "بيلا بارتوك"، يهدف إلى المحافظة على التراث. وكشف عن دراسته لـ 1500 لحن شعبي مصري، خرج منها بـ 30 لحنًا لوضعها في رسالة الدكتوراه عام 1999/2000، مشيرًا إلى أن هذه الألحان لها قوانين ونغمات معبرة للأطفال في مصر. ودعا تلامذته إلى "الشطح لبعيد بأسلوب علمي لتطوير كل ما هو قديم وربط التراث". كما ذكر أن موسيقى معبد الكرنك التي ألفها استُوحِدت من المنهج نفسه للموسيقى الفرعونية بتخيل طفولي.
* العروسة كعمل فني وصناعة كبيرة:
عبّر مصمم وصانع العرائس محمد فوزي بكار عن سعادته بالمشاركة. ذكر أنه ينظر إلى العروسة كـ*"عمل فني في الأساس"* من الناحية التشكيلية قبل إضافة روح الشخصية وحركتها وخاماتها. ووصف مرحلة انتقاله من فنان تشكيلي إلى فنان عرائس باللحظة الهامة التي تعلّم فيها كيف تتحرك العروس وتمثل.
تحدث بكار عن عمله على أسلوب النحت التعبيري وأنواع مختلفة من العرائس، خاصةً "عرائس المنضدة" التي تحتاج إلى عمل جماعي ويحركها أكثر من شخص، وهي غير شائعة في المنطقة العربية. كما روى تجربته مع العرائس الكبيرة في بريطانيا واكتشافه لتقنيات التعامل مع الماسكات وتركيب تكييف داخلي للفنان لضمان راحته وقوة أدائه.
وأكد بكار على أنه "يدعم نفسه بنفسه" في سبيل التعلم، سواء عبر الكورسات عبر الإنترنت أو السفر للمشاركة في ورش عمل، وأشار إلى أنه يفضل تعليم الأطفال الأساسيات وتدريبهم ليصبحوا فنانًا شاملًا يعرف كل ما يخص العروسة.
* تحديات الفن ومتطلبات التطوير:
عقب الدكتور حسام محسب، رئيس المهرجان، مشيرًا إلى "أزمة في عدم وجود محركين متخصصين في العرائس" حاليًا، وربط ذلك بغياب مرحلة تعليمية بعد التعليم المتوسط في المدارس التكنولوجية لتصبح مرحلة بكالوريوس ضمن معهد الطفل لتدريس فنون العرائس.
في الختام، شدد الدكتور طارق مهران على ضرورة دعم الفن الجيد ورعايته ماديًا من قبل وزارة الثقافة، مؤكداً أنه لا يمكن خصخصة مسرح العرائس أو إعطاء العاملين فيه نصف أجر، محذرًا من أن الفن "سيموت وسنُحاسَب على ذلك لو حدث".
من جانبها، أشارت الدكتورة أمنية إلى أن الدول المتقدمة في هذا المجال اهتمت بالتطور، بينما لا يزال البحث في مصر عن محو الأمية، داعيةً إلى ضرورة مخاطبة الكبير والصغير بمحتوى يرضي الطرفين في ظل غياب الجماهيرية عن هذا الفن.
واختتم محمد بكار حديثه بضرورة "تطوير ثقافة المسؤولين وشركات الإنتاج" التي ترغب في تنفيذ العروسة بأقل تكلفة وأقل وقت، مشدداً على أن "العروسة هي صناعة كبيرة".




|