|
القاهرة 03 اكتوبر 2025 الساعة 07:16 م

كتبت: نهاد إسماعيل المدني
شهد مسرح السامر بالعجوزة عرضًا مسرحيًا لافتًا بعنوان "جسور على الباب"، وذلك ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لـ مهرجان مسرح الهواة، والتي تحمل هذا العام اسم الشاعر الكبير الراحل "نجيب سرور"، من تنظيم الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان.
العرض من تقديم فرقة الجمعية المصرية لهواة المسرح، تأليف وإخراج أحمد رجائي، ويُصنف كتجربة مسرحية متكاملة تزاوج بين التمثيل، الحكي، الغناء، والاستعراض. تدور أحداث المسرحية حول قصص التهجير، الصراعات، والحروب، حيث يلتقي عدد من الأشخاص على متن سفينة تواجه الأمواج العاتية في عرض البحر.
* الغوص في أعماق النفس البشرية
يُعد "جسور على الباب" بمثابة رحلة إنسانية وحياتية ثرية، تسعى إلى الغوص في أعماق النفس البشرية والتساؤل حول فلسفة الوجود. تدور الأحداث على متن السفينة، حيث يجتمع عشرة أشخاص يمثل كل منهم حالة إنسانية مختلفة، تتراوح بين الحب والحنان، الفقد والخسارة، الوفاء، الحكمة، واليأس. هذه الحكايات المتعددة من المعاناة الإنسانية تُروى عبر مشاهد متفرقة وغير مترابطة بشكل تقليدي.
تتمحور الفكرة الرئيسية للعمل حول فلسفة الحياة والموت في مواجهة الصراعات والحروب والعلاقات النفسية المعقدة، مطروحةً أسئلة وجودية مثل: كيف يعيش الإنسان؟ وكيف يقرر مواجهة الموت؟ وهل يملك حرية اختيار نهايته؟ بينما تتلخص الفكرة الثانوية في أن الآلام قد تكون سببًا في ميلاد جديد، لا طريقًا إلى الفناء.
رؤية فنية متكاملة
تميز العرض بجوانبه الفنية المُبتكرة، حيث تجسد الفضاء المسرحي في قارب مطاطي ضخم، مصحوبًا بـ شاشة بروجيكتور تعرض مشاهد تعكس الصراعات الداخلية للشخصيات وتداخلها مع مشاعرهم وخيالاتهم.
الإضاءة استُوحيت من ألوان البحر والقمر ليلاً لخلق الأجواء المناسبة، مع مؤثرات بصرية خاصة تمثلت في توظيف البروجيكتور داخل الشراع وظهور القمر مكتملاً كعنصر أساسي في المشهد.
الموسيقى أُعدت خصيصًا للعمل، واستلهمت أصوات أمواج البحر وإيقاع التنفس البشري لتعزيز الحالة الدرامية.
الأزياء جاءت مجردة من تفاصيل الحياة اليومية، واقتصرت على سترات النجاة الصفراء.
العرض من بطولة: ماريا عدلي، أحمد عادل، مادونا عماد، محمد رجاء، ندى نصار، وليد أشرف، بسملة أحمد، بولا طارق، ستيفن ريمون، وإسراء ممدوح. وتولى مينا ثابت تصميم الاستعراضات، وليالي يحيى الموسيقى والألحان والمادة الفيلمية.
وقد قُدم العرض بحضور الشاعر د. مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، وعبير رشيدي، مدير المهرجان، ولجنة التحكيم المكونة من د. عبد الناصر الجميل، الفنانة وفاء الحكيم، والمخرج عادل حسان.
* ندوة نقدية تُشيد بعمق الطرح والوسائط البصرية:
أعقب العرض ندوة نقدية أدارها الناقد أحمد خميس، وشارك فيها الفنان د. هاني كمال، والناقد د. طارق عمار.
أحمد خميس أشاد بـ الدراما المتشعبة للعمل، والتي تبدو بسيطة في ظاهرها لكنها متصلة بـ قضايا إنسانية كبرى، ما يعكس قدرة المخرج على المزج بين التفاصيل الفردية والبعد الجمعي. ونوه إلى النجاح في توظيف الوسائط البصرية الحديثة كعنصر داعم للأداء. وأشار إلى أن قوة العرض تكمن في جمعه لـ مجموعة قصص تلامس وجدان المتلقي وتضعه في حالة جدل، مؤكداً أن هذه الحيوية والجرأة تمنحان العمل قيمته الفنية. كما أشار إلى دور السينوغرافيا والعناصر البصرية، وخاصة الخلفية السينمائية والرموز المسرحية، في خلق حالة من الترقب.
من جانبه، وصف د. طارق عمار العرض بأنه تأمل فلسفي في معنى الاستمرارية والتجدد، وكيفية تعامل الإنسان مع مسار حياته كحركة دائمة. وأشار إلى أن العمل يقوم على فكرة الدوائر المتجددة، حيث تتقاطع أزمات متعددة مثل الخيانة، الإدمان، وفقدان الثقة، مؤكداً أن مفهوم إغلاق الدائرة يعكس الاستعداد للانطلاق في دورة جديدة من الوجود والفعل الإنساني.
أما الفنان هاني كمال، فقد أعرب عن تقديره لجهود الفريق وحماسهم، معتبراً أن هذه المحاولات هي خطوة مهمة في طريق تطوير الحركة المسرحية، واقترح أن التركيز على البساطة والتناغم كان سيمنح التجربة مزيداً من القوة.
يُقام مهرجان مسرح الهواة بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية والإدارة العامة للجمعيات والمساعدات الثقافية، ويشارك فيه هذا العام 9 عروض مسرحية تُقدم مجانًا للجمهور، ومن المقرر أن يشهد مسرح السامر حفل ختام المهرجان وتوزيع الجوائز في الثامنة من مساء اليوم.











|