|
القاهرة 20 سبتمبر 2025 الساعة 05:49 م

كتبت: نضال ممدوح
صدرت حديثا عن دار العين للنشر بالقاهرة، أحدث إبداعات الكاتبة الجزائرية، ربيعة جلطي، رواية "السرجم.. يأجوج ومأجوج وسفر الحفر".
وتستدعي الكاتبة شخصيَّات روائيَّة قادمة من الذاكرة الدينيَّة والأسطوريَّة، عبرَ عالمٍ مغايرٍ، وتمزجُ الواقعيَّ بالفانتازيّ ومن خلال مجموعة من الشخصيَّات الروائيَّة التي تمثِّل ثلاثة أجيال متعاقبة، تحاولُ الرواية أن توضِّح بعض المفاهيم التي تؤثر في سلوك الفرد والجماعة على حدٍّ سواء. شخصيَّات من النساء، على وجه الخصوص، يتعرَّضن للتهميش، لكنَّهن يقاومن ليتحوَّلن إلى مركز القرار.
حيث نجد شخصيَّات روائيَّة قادمة من الذاكرة الدينيَّة والأسطوريَّة العميقة، تتحوَّل في النصِّ إلى كائناتٍ اجتماعية تدير المجتمع، وترسُم بشكلٍ لافتٍ ملامحَ مستقبلِ بعضِ مَن يحيط بها.
وتستثمر الرواية في الخرافة الشعبية، وترتقي بها إلى مقام الخطاب الاجتماعيَّ الراهن الناقد، مع الحفاظ على ما يتبقَّى من سحر الإدهاش الذي تحمله ذاكرتُنا منذ الطفولة. تحتلُّ المرأة مكانة مركزيَّة في خطاب السَّرْجَم، من غير أن يمثِّل ذلك إقصاءً للصوت الآخَر. وقد كُتبت الرواية بلغةٍ سَرْديَّة تمزج بين الفانتازيا والتصوُّف والرؤية الفلسفيَّة لمستقبل الجنوب وعلاقته بالشمال.
ومما جاء في الرواية نقرأ:
"تنكَّرتُ في ثوبِ زائرةٍ ودخلتُ المحلَّ بحذر. أثارتني الرائحةُ تلك. نفسها. تملأ الجوَّ حوله. رائحة التربة العَطْشَى بعد انهمار المطر. شعرتُ بطمأنينةٍ تجتاحني. نسيتُ الخارجَ وما فيه ومَن فيه. الزوَّار مثلي، يتحركون بهدوء بين الكتب غير المُرتَّبة. يسألون "أجوج" الأبْكَم، فيوجههم بابتساماته وإشاراته. يستمعُ إلى مُحدِّثه باهتمام.
"الأرفف تكتظُّ بالكتب المستعملة. منها متماسكة الأغلفة والورق، وأخرى تبدو مهلهلة وكأنها عاشت أزمنةً ممتدَّة… الكتب الدينيَّة والتراثيَّة العتيقة التي تحمل بين صفحاتها قصصًا منسيَّة من عصورٍ مضت. كتب الفقه والتفسير وتاريخ الأديان، إلى جانب المخطوطات القديمة… عناوين، فيها ما كُتب بوحي الإيمان، وما سُطِّر بقلق الفلاسفة، وما حُفِظ برغبةٍ خالدةٍ في ألَّا نُنسى. كلما حاولتُ تركَ المحلّ، تستبقيني الرائحةُ تلك، تجذبني مثل مغناطيس… مررتُ بمحاذاةِ أجوج، بدت الرائحةُ الساحرةُ أقوى. شعرتُ بدوخة."
* ربيعة جلطي:
كاتبة ومترجمة وشاعرة وأكاديمية جزائرية، صدرت لها تسعة مجموعات شعرية? بجانب عملها الأكاديمي أستاذا للأدب المعاصر بجامعة وهران بالعاصمة الجزائرية، بالإضافة إلى أعمالها الروائية ونذكر منها روايات: جلجامش والراقصة ــ نادي الصنوبر ــ النبية ــ تتجلي في وضح الليل ــ حنين بالنعناع ــ عرش معشق ــ عازب حي المرجان ــ الذروة ــ قلب الملاك الآلي ــ بحار ليست تنام ــ حجر حائر ــ قواريرــ قمر الضرير وغيرها.
|