|
القاهرة 09 سبتمبر 2025 الساعة 10:19 ص

بقلم: أمل زيادة
سكان كوكبنا الأعزاء..
ها نحن نلتقي من جديد، مر أسبوع آخر من عمرنا.. بدأت الأجواء في الاعتدال، وبدأت حدة الشمس في الانكسار، لاحت رائحة الدراسة بأجوائها المميزة في الأفق، عادت معها نسمات الخريف المنتظرة، التي تعد من أجمل فصول العام، على الأصعدةِ كافة، حتى الفاكهة والخضار يصبحان أكثر نضارة ونضجًا وتميزًا وأثرًا.
اعتادت أمي أن تقول: "الشهور الرائية أفضل شهور العام"، يبدو أنها محقة فكل شهر به حرف راء أكثر تميزًا من قبله.
يتصادف أنه في مثل هذه الأيام من العام الماضي واجهت مشكلة كبيرة هزتني كثيرا، بل أثرت على قناعاتي بشكل كبير، تسببت هذه المشكلة في إيقاظي من غفلة كبيرة، ووهم أكبر، ظننت أن الدنيا وردية، وأن المجتهد يصل بمجهوده، وأنه لا وجود للمحسوبية أو الظلم في الحياة، يقولون يظل الإنسان بخير إلى أن تضعه الحياة في اختبار حقيقي، وضعتني الحياة في اختبارٍ حقيقي وقاسٍ، واجهت الظلم بمفردي، أساء الجميع تفسير ما حدث حاولت الإصلاح لم يفلح الأمر قررت في جزء من الثانية وكان قرارا موفقًا.. الانسحاب التام.
وركت كل شيء للأيام، ليصبح كل من شارك في المهزلة في الموقف نفسه بل وبمواجهة نفس الأشخاص تحقيقًا لمقولة على الباغي تدور الدوائر!!
وازداد الوضع سوءًا بمرور أقرب الأقربين بحادث جلل عصف بحياته وحياتنا معه، كان لا بدّ من التصدي بقوة وبعنف لكل ما يهدد أمنهم واستقرارهم.
وسط كل هذه الأجواء المشحونة والأحداث المتلاحقة قفز أمامي إعلان فرصة كنت أتوق للحصول عليها، دراسة نقدية في أحد أقسام كلية الآداب ...
سارعت بتجهيز الأوراق رغم نقصانها وتأخر حصولي على بعضها، لكني تمكنت من الالتحاق بالموعد، واجتياز الاختبار التمهيدي، وبدأ مشوار جديد وسط كل هذه الأزمات والأحداث الجسيمة، كانت هذه الدراسة بمثابة المتنفس الوحيد لي.
أبحاث ومناهج دراسية جديدة وتحليلات نقدية وتاريخ معاصر ومسرح قديم ومسرح شكسبير والتعمق فيما خلف الكلمات وتحليل الحوارات وتفكيك النص وملء الفراغات، ساعدت هذه الدراسة في إعادة تشكيل رؤيتي للحياة من جديد. كنت أفكر بمثالية أصبحت أفكر بواقعية، أيقنت أنه ما دام يوجد خير قطعًا سيوجد شر.
والحل لا يأتي بين ليلة وضحاها وإنما دع الأيام تضع كلمة النهاية وكل ما عليك سوى الانتظار وهذا بالفعل ما فعلته وأتقنت فعله ..
انتظرت وحانت لحظة استرداد الحقوق، بكثير من الترقب ورفع الظلم وعاد الحق لأصحابه.
وسط دهشة الجميع، ظننت لوهلة أنه لا مخرج، وأن الخير ينتصر فقط في الحكايات، لكن ما حدث في حقيقية الأمر، جعلني أشعر بالسعادة والاطمئنان، يكفي أن أرى السعادة في عيون من يستحقها.
تحدثت مع إحدى الصديقات بهذا الشأن قالت لي رغم فداحة الأمر إلا إن الشق الايجابي في هذه المشكلة، كون الشخص الواقع عليه ظلم تعرض لأقوى صدمة في حياته، ستؤهله للتعامل مستقبلا مع الأسوأ أو ما شابه ذلك.
اتفقت معي أن الحياة ليست عادلة ولن تكون عادلة.. سأخبرها بتطورات الأمر بلا شك، لكن ما حدث حقًا أن كل شيء عاد لنصابه لكن ما اختلف هو أنا.
لم أفرح بحماس كالسابق، فقدت الشغف تجاه كل شيء وأي شيء.
أشعر أن الأيام تمر بتثاقل أنتظر بدء الدراسة لأغرق في تفاصيلها مجددًا فهي الشيء الوحيد القادر على انتشالي من حالة الإحباط تلك.
ليست موسمية بل هي نتاج ترسبات وصدمات متلاحقة لم تدعني ألتقط أنفاسي والآن وبعد زوال كل تلك المنغصات، يبدو أن أثارها الجانبية بدأت في الطفو.
سكان كوكبنا الأعزاء..
لا تكونوا مثلي لا تدعوا الحياة تفقدكم الثقة في قناعاتكم مهما رأيتم من قبح تأكدوا أن داخل كل ظلمة نور وآخر كل مشوار نجاح مدوي.
لماذا أكتب هذا! ربما ليذكّرني مستقبلا إذا واجهت شيئا مماثلا أن لا شيء يدوم.
كما أني تعلمت أن لكل شيءٍ حلًّا إلا الموت.
ما دمت تتنفس فوق هذه الأرض قطعا ستشهد ميلاد يوم جديد يحمل معه البشرى والخير والأمل.
سكان كوكبنا الأعزاء..
احتموا بكوكبنا المتميز الذي يأتي تميّزه كونه يحتوينا على اختلاف أشكالنا وتوجهاتنا.
لذا كونوا بالقرب ما زال للحديث بقية..
|