|
القاهرة 26 اغسطس 2025 الساعة 09:44 ص

حوار: سماح ممدوح حسن
يعد الأديب والفنان العراقي "عبد الله جدعان" واحدًا من أبرز الأسماء في مجال أدب الأطفال العربي، حيث أثرى هذا المجال بحوالي تسعين كتابا، معظمها مسرحيات وقصص موجهة للأطفال. يتمتع جدعان بقدرة فريدة على دمج الترفيه بالتعليم، مما يجعله أحد الأسماء المميزة في هذا النوع الأدبي. واليوم نتحدث معه عن رحلته من كونه فنانًا مسرحيًا إلى كاتب في مجال أدب الطفل.
-
أصدرت 90 كتابًا أغلبهم مسرحيات للأطفال، كيف بدأت اهتمامك بكتابة أدب الأطفال؟
لم أفكر يوماً أن أكون كاتب قصة أو مسرحية أو رواية، لكن بما أنني كنت أعمل كمسؤول لقسم الفنون المسرحية، وكان العمل يتطلب الحصول على نصوص مسرحية هادفة تحاكي عقول الأطفال والفتيان والكبار، وهذا ما قادني لخوض أول تجربة فى الكتابة، فكتبت مسرحية للأطفال "الأميرة شهد وأخبار طير السعد" وبالفعل قدّمت على خشبة المسرح وكتبت من بعدها عدة نصوص للصغار ثم كتبت للفتيان والكبار في أجناس أدبية "مسرح الشارع، المونو دراما"، وفي الوقت ذاته أخذت أكتب القصة للأطفال ونشرها في جريدة محلية في مدينتي، وبعد ذلك وبفضل الإنترنت الذي قرب العالم تواصلت مع عدة مجلات عربية تهتم بالطفل في الكويت ومصر والأردن والمغرب وتونس والسودان والجزائر وسوريا وليبيا في المجلات الخاصة بالأطفال لنشر الكثير من القصص التي كتبتها سواء أكانت سردًا أو كومكس.
-
ما الفروق الرئيسية بين أدب الأطفال التقليدي وأدب الأطفال في العصر الحديث؟
قديما، لم يكن أدب الطفل معروفاً في العراق خصوصاً والوطن العربي عموماً، فلم تكن هناك مجلات ورقية تعنى بأدب الطفل، استخدمت قصص الأطفال على ألسنة الحيوانات وأهم مصدر لهذه القص هو كتاب "كليلة ودمنة" لما فيها من التشويق والمتعة، مع الحكمة والفائدة، أو حكايات عن الجن والعفاريت والسحرة إلى زمن بعيد. لكن في العراق بدأت بوادرهذا الأدب في سبعينيات القرن الماضي المتمثلة بإصدار مجلتي "مجلتي، والمزمار"، وفي مصر جاء الشاعر أحمد شوقي الذي يعد بحق رائد أدب الأطفال في العصر الحديث، أخذ من الغرب الخصائص الفنية والأسس والقواعد العامة، لكنه ابتكر مما قرأ من التراث، ومما عرف من التجربة الشخصية موضوعات كثيرة، ثم جاء (كامل كيلاني)، الذي يعده أكثر الباحثين، الأب الشرعي لأدب الأطفال في اللغة العربية، وزعيم مدرسة كّتاب الناشئة في البلاد العربية كلها، إذ ترك سلاسل كثيرة، أخذ من التراث العربي والإسلامي، ومن الثقافات الأخرى الغربية والشرقية وكتب في السيرة النبوية، وحياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، في كثير من القصص التي تخاطب الطفل والفتى حسب الفئة العمرية.
-
هل تغيرت القيم التربوية التي ينقلها أدب الأطفال الحديث مقارنةً بالأدب القديم؟
نعم، إن أدب الطفل كان تابعاً في التأثر لما كان عليه الوطن العربي خلال القرن الحالي، فقد كان هناك حالة من التأخر والجهل، وتبع ذلك نشوء الحركات الفكرية والسياسية التي تهدف بمجملها مع تعدد أشكالها إلى اتباع الغرب في أفكاره ومعتقداته وصورة حياته، لكن في ظل انتشار الانترنت استطعنا التعرف على الثقافات الأخرى وتطور الحياة في المجتمعات من تطور إلكتروني وتكنولوجي مما جعل الكتاب يطرحون قصصهم على هذه الحداثة وأسلوب الحياة الجديدة، وهذا نجح في نقل الطفل القارىء إلى عوالم الخيال والفنتازيا.
-
هل تعتقد أن أدب الأطفال الحديث يعكس القيم العالمية أكثر من القيم المحلية؟
مؤكد أدب الطفل يعكس القيم العالمية أكثر من القيم المحلية ! وذلك لأن القصة سواء كانت ورقية أو الكترونية ستصل العالم من خلال صفحات السوشل ميديا.
-
كيف ترى مستوى أدب الأطفال في العالم العربي مقارنة بالدول الأخرى؟
لا زال مستوى أدب الطفل يراوح في مكانه مقارنة بدول الغرب التي تهتم بالناشئة من خلال توفير المال الكافي لإصدار كتب أو مجلات أو فعاليات ترويحية للأطفال في المدرسة والمتنزه والأماكن الخاصة بتواجد الأطفال.
-
كيف تتعامل مع تغير اهتمامات الأطفال في ظل العصر الرقمي وتطور وسائل الإعلام؟
ليس من طريقة للتعامل مع هذا العصر إلا من خلال توظيف الابتكارات والاختراعات والمُتغيرات في العالم والتى يعيشها أبطال تلك القصص.
-
ما الذي دفعك إلى كتابة مسرحيات موجهة خصيصاً للأطفال في مخيمات العراق؟
لقد اغتصب الساسة والإرهاب أحلام أطفال المخيمات هؤلاء، ولم يفرقوا بين دين أو طائفة، وانتهى مصير هؤلاء الأطفال بالتهجير من بيوتهم والعيش في مخيمات فى ظل ظروف معيشية قاسية، لذا راحوا يرسمون أحلامهم ومدارسهم التي تهدمت، على الأرض.
-
كيف أثرت الظروف التي يعيشها الأطفال في المخيمات على رؤيتك وأسلوبك في كتابة المسرحيات؟ خاصة وأنت كتبت لهم عدة مسرحيات.
أثرت الظروف السياسية فى العراق تأثيرا مباشرا على كتابتي، خاصة بعد تعرض مدينتي لاحتلال داعش لثلاث سنوات، فكتبت قصصا للأطفال، وروايات للفتيان والكبار عما تعرضوا له من ظلم وبطش، وكذلك كتبت ثلاثة نصوص مسرحية عن أطفال المخيمات والمُشردين (فم الحوت – أبناء القمر – لنرسم أحلامنا).
-
كيف يمكن للكتّاب الحديثين تحقيق التوازن بين التعليم والتسلية في أدب الأطفال؟
أن لا يكثر من النصيحة مثلما يوضع البهارات على الطعام، لأن القصة أو المسرحية إذا كثرت النصائح في النهاية ستفقد الجمالية الأدبية والفنية.
-
كيف تتوقع أن يستمر تطور أدب الأطفال في ظل التقدم التكنولوجي والحداثة؟
إن التقدم التكنولوجي حوّل العالم إلى قرية أو بين يدّي أي شخص، مما يجعل القصة الموجهة للطفل تصل إلى أي مكان مهما كان بعيدا.
-
كيف يمكن للكتّاب الاستفادة من الحداثة لتقديم محتوى أفضل للأطفال؟
من خلال عقدة القصة والحل في النهاية، الخلاص من الرتابة في الطرح، لأن هناك أساليب في السرد تجعل الطفل القارىء يتمسك بالقصة.
-
ما رأيك في استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء كتب أطفال رقمية تحتوي على رسومات متحركة وتفاعلية؟
ابتكار جميل يعزز الرسم بالحالة التي يعيشها أبطال القصة، أنا أرى الرسم بواسطة الذكاء الاصطناعي ثورة في عالم الرسم ومبهرة للمتلقي.
-
هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الأطفال في تنمية خيالهم، أم أنه قد يحد من قدرتهم على التفكير الإبداعي؟
نعم سينمي خيالهم وبشكل كبير، لأنه سيوسع من مخيلة وتفكير الطفل في العوالم والتخيلات التي يعيشها في عالم اليوم المليء بالأحداث والمُتغيرات الداخلية والخارجية.
-
هل تعتقد أن الأطفال في المستقبل سيظلون مهتمين بالقصص التقليدية أم أن اهتماماتهم ستتغير بالكامل؟
اظن أن الطفل سيرغب بمشاهدة القصة المصورة الشبيهة بالصورة السينمائية ليعيش مع صور متحركة ناطقة لا جامدة.
-
كيف يمكن للكتّاب دمج الذكاء الاصطناعي مع رؤيتهم الإبداعية دون أن يفقد الأدب قيمه الإنسانية؟
يمكنهم تحقيق ذلك من خلال المحافظة على روح القصة والمغزى والهدف منها، لأنني أرى الذكاء الاصطناعي هو إضافة جمالية لمحتوى القصة من ناحية الصورة المعبّرة عن الحوار.
-
كيف تتوقع أن يستمر تطور أدب الأطفال في ظل التقدم التكنولوجي والحداثة؟
يستمر مع تطور المجتمع في السلوك والتعامل، لكن مع المحافظة على خصوصية الطفل دون إقحامه في الدين أو المعتقد أو السياسية! لأن عالم الطفولة هو البراءة.
-
ما هي النصائح التي تقدمها للكتاب الشباب ممن يطمحون لدخول مجال الكتابة للأطفال؟
عليهم الإكثار من المطالعة لأدباء الرعيل الأول لهذا الجنس الأدبي وكذلك التعرف على ثقافات الشعوب من أجل أن تكون لديهم قاعدة عند الشروع في الكتابة.
|