|
القاهرة 19 اغسطس 2025 الساعة 09:10 ص

كتبت: هبة البدري
نظم المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور أشرف العزازي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، مائدة مستديرة بعنوان "النيل وتشكيل الهوية المصرية" ضمن فعاليات الاحتفاء بوفاء النيل، والتي تضمن عددا من الفعاليات في قطاعات وزارة الثقافة.
تحدث الدكتور أسامة طلعت رئيس دار الكتب والوثائق القومية وأستاذ علم الآثار الإسلامية والقبطية بكلية الآثار جامعة القاهرة، حول التأثير الوجداني لنهر النيل في المصريين من حيث وضعه الجغرافي، وأكد أن للنيل تأثيرا نفسيا عاطفيا في المصريين جميعا.
وأضاف أن وجود النيل كان سببا في إقامة حضارة على ضفتيه، فهو محفز عظيم للقدماء المصريين لكي يقوموا بدراسته جغرافيا وكانت لهم دراسات مهمة مكنتهم من معرفة أسراره، كذلك كان سببا في استقرار الزراعة التي كان من أثرها تحول مسار البشرية وقتها تحولا جوهريا، فكل ما هو أخضر في مصر كان نتيجة وجود هذا النهر العظيم، ثم تحدث عن ورق البردي وتقنيات الحفر.
وأشار إلى أن محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، بسبب فيضان النيل أنشأ القناطر الخيرية وترعة الإسماعيلية وترعة المحمودية وغيرها للتحكم في هذا الفيضان، وأشار إلى مشروع السد العالي أهم مشروع مائي في القرن العشرين، الذي أنشئ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
كما أوضحت الدكتورة إيمان عامر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن الاهتمام بالهوية يعد محورا أساسيا في الصمود أمام كل المتغيرات العالمية التي نراها الآن، فالنيل العظيم استطاع على مر التاريخ أن يجعلنا نكتسب صفاته، ومنها السماحة والكرم لإدراك المصري أهمية أن يبادله ما رآه من فيضه وكرمه، فبدأ يجتهد بتنظيم فيضه وأحيانا فيضانه ليستفيد منه في الحالتين، وبرز ذلك أيضا من خلال حرص المصري على طهارة ذلك النهر، قديما كانوا يعتقدون أن من يلوث ماء النيل قد تصيبه لعنات الآلهة، فعيد وفاء النيل هو عيد يعبر عن امتنان المصريين وافتخارهم بنهر النيل، فهو من أهم ركائز حضارة المصريين القدماء.
وأضافت أن النيل استطاع أن يؤثر في لغة الشعب المصري فأصبحت لغته ناعمة رومانسية، فكلما اقتربنا منه رقت ونعمت اللغة، وكلما بعد الناس عنه وذهبوا إلى الصحراء أصبحت لغتهم جافة كالأجواء المحيطة بهم.
وتحدث الدكتور خلف الميري أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية البنات جامعة عين شمس، قائلا إن مصر هبة النيل ولكن أيضا لا بد أن نذكر أن الشخصية المصرية التي نشأت في بيئة زراعية مستقرة اكتسبت صفات مهمة وأساسية في بناء حضارة مصر القديمة والحديثة.
وأضاف أن معظم الحضارات الإنسانية العريقة نشأت على ضفاف أنهار عظيمة، فلا حضارة حقيقية بغير ماء، ثم تحدث عن الموقع الذي تمتاز به مصر، والذي وصفه بأنه موقع متفرد بين بلدان العالم، فالوادي الذي نشأ على جانبي النيل جعله يتعلم الاستفادة من النهر وطبيعته الهادئة، فإذا نظرنا كيف تعامل الإنسان المصري مع هذا النهر العظيم وكيف اهتدى إلى فنون الزراعة، وأنشأ السدود والآبار وما غيرها من أعمال تدل على أن الإنسان المصري القديم عرف أهمية هذا النهر جيدا.
وتحدث الدكتور أحمد الشربيني أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر كلية الآداب جامعة القاهرة عن تأثير النيل في مصر اقتصاديا، كذلك على معظم الحضارات الإنسانية الأخرى، وأضاف أن نهر النيل خلق عقلا اجتماعيا جمعيا، فبوجوده أدرك البشر أن لا مفر من التعامل مع الآخر والتعاون معه في أمور عديدة.
وأوضح أن النيل كان السبب في تآكل المساحات الصحراوية، وللنيل دور في تشكيل وجدان المجتمع، كما شكل هوية مصر السياسية فظهرت الدولة المركزية منذ عهد مينا موحد القطرين، وبعد ذلك تبلورت وأخذت أشكالا كثيرة مهمة في فترات تاريخية لاحقة.
|