|
القاهرة 12 اغسطس 2025 الساعة 02:20 م

حوار: مصطفى على عمار
*لا أعيد ولا أنسخ الواقع، بل أخلق عالماً جديداً داخلياً ضاجًا وعميقًا.
* الإبداع بكل صوره: المسرح الموسيقى الشعر القصة الرواية الفن التشكيلي، هو أمل الإنسانية.
الأديبة المصرية جمالات عبد اللطيف، ابنة محافظة سوهاج بصعيد مصر تعتبر واحدة من أهم الأصوات الأدبية في صعيد مصر، والتي فازت بعدد من الجوائز والتكريمات، تتمتع بأسلوبها الأدبي المميز والجذاب. بفضل تجربتها الغنية في الكتابة الأدبية وإصداراتها المتعددة التي نالت استحسان القراء والنقاد، استطاعت جمالات أن تبرز في عالم الأدب المصري وتترك بصمة واضحة كمحاضر مركزي وعضو اتحاد كتاب مصر، ورئيس سابق لمجلس إدارة نادي أدب طهطا.. في هذا الحوار، سنلقي الضوء على تجربتها الأدبية، وتأثيراتها الثقافية وآرائها حول الأدب والثقافة، وتطلعاتها المستقبلية، وكيف ترى مستقبل الأدب في مصر..
*حدّثينا عن دورك كمحاضر مركزي وعضو اتحاد كتاب مصر في تعزيز الثقافة الأدبية؟
فيما يخص اتحاد الكتاب فأنا لم أكن يوماً عضو مجلس إدارة أو رئيس شعبة، لكن بصفتي عضوًا عاملا ولي حق التصويت فكنت أحرص على حضور الانتخابات لاختيار من أرى أن لديه أفكارًا جديدة جيدة ستكون مفيدة لنا وللاتحاد، وأثق أنه سيسعى جاهدًا لتنفيذ ما جاء في برنامجه الانتخابي، أما بالنسبة لدوري كمحاضر مركزي ورئيس سابق لنادي أدب طهطا فدوري هنا هو اكتشاف المواهب الشابة وتقديم الدعم لها.
* كتبت مجموعة من الروايات منها على سبيل المثال "يا عزيز عيني" و "يا حبة الروح" و "بعيداً عن السماء" ما هي التحديات التي واجهتها وما هي الرسائل التي وددت إيصالها؟
كنت أكتب القصة القصيرة وأقوم بالنشر في بعض الصحف والمجلات وكان الأمر بالنسبة لأسرتي غير مرحب به، وطلب مني شقيقي الأكبر عدم النشر لأكتشف أن حتى اسمي عورة! وحدث أن فازت قصتي "الديكة تصيح فجًا" بالمركز الثاني، فأرسل إلى الأستاذ خيري بإحدى العاملات في صحيفة صوت سوهاج لعمل حديث صحفي، وطلب مني صورة، ونشر الحديث ومعه صورتي، فكانت الطامة الكبرى، حيث اجتمعت العائلة وكادوا أن يرجمونني، وتوعدني أخي إن أنا قمت بالنشر مرة أخرى!
فلجأت سرًّا إلى كتابة الرواية، وقد أعانتني أمي رحمة الله عليها، حيث كنت أكتب وتجلس أمام باب غرفتي تنبهني إذا اقترب أخي من المكان فأخبئ أوراقي تحت وسادتي وأدعي النعاس، وكانت أولى رواياتي "يا عزيز عيني" التي تناولت فيها الفترة من انكسار يوليو إلى ما بعد انتصار أكتوبر وما أعقبه من معاهدة السلام والانفتاح الاقتصادي، كل الأحداث كانت تدور من خلال قصة حب بين صالحة ومسعود، هذه الرواية حصلت على أفضل رواية على مستوى الجمهورية، وتم نشرها ضمن مشروع مكتبة الأسرة، وكانت أول رواية لي تكتب في سوهاج.
* كيف ترين تأثير البيئة الثقافية والاجتماعية على كتاباتك، وكيف ترين تأثير كتاباتك على القراء، وما هي ردود الفعل التي تلقيتها؟
كل كاتب هو ابن بيئته، هذا أمر طبيعي، جميعنا يصطبغ بصبغة بيئته، عاداتها، تقاليدها، تراثها..
أما عن تأثير كتاباتي على القراء والزملاء من المبدعين أعرفه من خلال الندوات، وكذلك من خلال الرسائل التي تصلني، أتذكر عندما صدرت رواية "يا عزيز عيني" كان طلبة الجامعات يقتطعون أجزاءً أو قل بعض العبارات منها ويهدونها بعضهم إلى بعض الحبيبة والحبيب.
* كيف تعاملت مع النقد الأدبي لأعمالك، وما هي ردود فعلك على الانتقادات؟
أي أديب أو كاتب أو شاعر على وجه الأرض مهما كانت قوته الأدبية وقدراته الإبداعية يحتاج دائمًا إلى وسيط قوي، وهذا تمامًا ما يقوم به الناقد، خاصة إذا كان النقد واعيًا ونزيهًا وهادفًا، وردود فعلي بالنسبة للنقد إيجابية جداً، فأنا ليس بيني وبين أحد خصومة، بل أني أتعلم من الناقد الذي يضع يده على جزء ما من عملي ويكون به خطأ ما، فأتعلم، وهناك من يشيد بأسلوبي في الكتابة، بلغتي، بتسلسل الأحداث ومنطقيتها برشاقة العبارات، وهكذا، فيشجعني ويجعلني في حالة جيدة تدفعني للمزيد من الإتقان والجودة في آن.
* هل هناك علاقة بين تجربتك الشخصية وأعمالك الأدبية وهل تؤثر حياتك الشخصية على كتاباتك؟
كل عمل نكتبه سواء قصة أو شعر أو رواية هو في الواقع يحمل جيناتنا ورائحة أحلامنا وطعم مآسينا شاء من شاء وأبى من أبى، غير أن الخلط بين تجربتي الإبداعية وتجربتي الشخصية لا يكون بشكل ملموس، البعض يظن أن البطلة هي نفسها الكاتبة، أحدهم قال لي يومًا وكان ذلك في إحدى الندوات: هل أنت صالحة بطلة عزيز عيني؟ وفي ندوة أخرى سألني آخر: هل أنت سلمى بطلة حبة الروح؟
ولا أدري كيف أكون صالحة، وسلمى، وزينب، وبهية، ولكل شخصية منهن تجربتها وقصتها المغايرة تمامًا، كيف أكون كل هؤلاء؟!
* كيف ترين تأثير الإبداع على المجتمع وهل يقوم المبدع بدوره التنويري كما يجب أن يكون؟
أعتقد أن الإبداع بكل صوره المسرح، الموسيقى، الشعر، القصة، الرواية، الفن التشكيلي، هو أمل الإنسانية، وهو الطاقة الوحيدة القادرة على الخروج بالإنسان من مرحلة الضياع إلى مرحلة التوازن مع النفس، وهذا في رأيي قمة ما يصبو إليه الإنسان والمبدع خاصة، انظر تأثير الكلمة:
يومًا ما قرأت مقولة لرفاعة الطهطاوي يقول فيها (من علم امرأة أسس مدرسة)، قمت من فوري بالترتيب اللازم لإنشاء فصل محو الأمية في بيتنا، وعلمت أربعين فتاة ممن فاتهن دور التعليم، وأعددت فصلا آخر للسيدات، وكانت تجربة هائلة، حيث لم أكتف بمحو أميتهم فقد ظلوا عاماً كاملاً معي، وكنت أثقفهم فإذا صادف يوم مذبحة دنشواي أروي لهم كل تفاصيلها، وكذلك ذكرى النكسة وتحرير سيناء وثورة يوليو إلى آخره.. هذا ما تفعله الكلمة.
* ما هي مصادر إلهامك للكتابة واختيار موضوعاتك؟ وما السمات المميزة لأسلوبك الأدبي؟
تختلط همومنا الشخصية والاجتماعية بهموم أوطاننا، صور قاتمة مقززة تثير الانفعال في نفسية المبدع، لكني لا أعيد ولا أنسخ الواقع، بل على العكس من ذلك فأنا أخلق عالماً جديداً داخلياً ضاجًا وعميقا، يقودني بإغواء إلى جغرافيته، مبينًا لي جوانب القوة ومسحة العاطفة والأحاسيس والمشاعر وسلاسة التعبير التي تجعل من القبيح مقبولا، لأنك كمبدع تأبى أن تكون مجرد كاميرا تقوم بتصوير الواقع وتنقله، فهذا ليس إبداعًا.
* تم تكريمك من قبل جهات مختلفة، كيف ترين تأثير تكريمك من قبل السيد وزير الثقافة والسيد محافظ المنيا والسيد محافظ سوهاج وماذا عن تكريمك في لبنان؟
كل تكريم ولو بسيط يترك في نفس المبدع مشاعر إيجابية لا توصف، وهذه الحالة تنعكس إيجابًا على إبداعه، وأول تكريم لي كان على مسرح الأوبرا بحضور السيد فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك، وكان ذلك بمناسبة حصول روايتي "يا عزيز عيني" كأفضل رواية على مستوى الجمهورية، وفي العام التالي تم تكريمي خلال فعاليات مؤتمر أدباء مصر في الأقاليم في دورته 18، وكنت أول أديبة يكرمها المؤتمر، ثم كرمني السيد محافظ المنيا وأهداني درع المنيا، ثم محافظة سوهاج، ثم نادي القصة بأسيوط وحصلت على جائزة التميز، ثم درع إقليم وسط وجنوب الصعيد، ثم سافرت إلى لبنان بدعوة من قناة الحرة برنامج (هن)، وهناك احتفوا بي وسجلت لإذاعة مونت كارلو وقناة فرنسا 24، وكانت تجربة رائعة، وعندما صدر كتاب مشاهير سوهاج وأدرج اسمي فيه كان ذلك بالنسبة لي تكريماً، وعندما أعدت الكاتبة الصحفية إيمان عبد العزيز كتابا بعنوان "عظيمات مصر" الذي نشر تباعاً في جريدة الجمهورية وكنت إحدى هذه الشخصيات، أنا اعتبرت أن هذا تكريماً، وعندما اختير كتابي "حكايات من نجع الطيبة" ليدرس لطلبة الفرقة الرابعة لمعهد اللغات بالمنيا قسم اللغة العربية، اعتبرت هذا تكريماً، فشكراً جزيلاً لكل من أكرمني وكرمني.
* ما هي آخر إبداعاتك؟
آخر ما كتبت روايتين "شرف العبادلة"، و"الدويكات"، وهما نتاج منحة التفرغ التي حصلت عليها من المجلس الأعلى للثقافة، هما الآن قيد الطبع، وأرجو أن يكون لهما حظ طيب كسابقتهما لتكونا مادة جيدة للبحث العلمي، ولتكونا محطة فارقة في مشواري الإبداعي.
|