|
القاهرة 01 يوليو 2025 الساعة 10:18 ص

بقلم: سماء يحيى
في فنون عالمنا الحديث تظهر تقنية لها علاقة كبيرة بالتجريب والحداثة وتحتل مكانا مميزا في الأعمال الفنية التي تستخدم تقنيات الوسائط المتعددة نحتا او تصويرا وهي استخدام العجائن البشرية أو ال paper mache في إبداع التكوينات الفنية.
قد لا يعرف أغلب الفنانين أن paper mache هو فن مصرى قديم لأنه ابن شرعي لأسلوب الكارتوناج الذي استخدمه المصري القديم في العصور المتأخرة لصناعة توابيت المتوفين لرخص تكاليفه ومتانته، كان القدماء يعيدون استعمال لفائف البردى التى كتب عليها ولم يعد لها حاجة ويلصقونها بالصمغ والمواد اللاصقة (بمعنى أن المصري القديم كان أول من ابتدع إعادة التدوير Recycle )، ثم يكسونها بالقماش أحيانا حسب قدرة أهل المتوفى وتغطى بطبقة من الجص تذهب وتلون بالألوان الزاهية.
نفس الطريقة استخدمها المصريون القدماء والايجيين اليونان في صناعة دروع خفيفة الوزن للجنود تسهل حركتهم لخفة وزنها لكن القماش كان أكثر كثيرا من الورق في هذه الدروع، أسمى اليونانيين هذه الطريقة لينثوراكس ويقال إن دروع جنود الإسكندر صنعت بنفس هذه الطريقة.
بعد ذلك بقرون استخدمت أسرة هان الصينية في القرن الثاني بعد الميلاد تقنية هي أقرب ما يكون لتقنية عجائن الورق المستخدمة حاليا وذلك لصناعة خوذ جنود جيوشها، أيضا فى اليابان الايدو ساموراى استخدموا التقنية نفسها فى صناعة الخوذ باستخدام الورق وصمغ اللك ، لكن لتزيينها وإعطاء علامة مميزة منحوتة لمالك الخوذة بطريقة لا تثقل وزنها، عجائن الورق عرفت أيضا في التبت وانتقلت عبر طريق الحرير فى القرن الثامن عندما قامت حرب بين الصين وفارس ونقلت مجموعة من الأسرى الصينيين المسجونين بسمرقند الطريقة للعالم، السجناء الصينيون استخدموا المخلفات مثل الخرق وشباك الصيد وغيرها لصناعة مجسمات ومع انتشار الورق انتقلت العجينة لبغداد ودمشق والهند والمغرب وأوروبا .
فى بريطانيا أثناء العصر الفيكتوري والملك إدوارد كانت العجائن الورقية طريقة شعبية ورائجة لإنتاج أدوات وأشياء خفيفة الوزن جميلة ونفعية بتكلفة رخيصة وبكميات كبيرة، مثل صناديق الزينة وحليات الأبواب وتزيين الأسقف وصوانى تقديم الشاي، التقنية كانت معروفة في أوروبا منذ 1720 عندما استطاع رجل يدعى هنري كلاي صناعة لوح صلب من خلال لصق عشر ألواح من الورق بمزيج مطبوخ من الصمغ والنشا وضغطهم بمكبس ثم نقع الورق بزيت الكتان وتجفيفه على درجة حرارة عالية نسبيا، التقنية انتشرت منذ 1816 عندما اشترت شركة جانيس ويتريدج ورشة كلاي وأنتجت ألواحا من 120 ورقة أمتن بكثير من الخشب العادي بلغ الانتشار ذروته مع الثورة الصناعية حيث استخدمت الألواح فى صناعة الأثاث والديكور على الأخص الاثاث بالطراز اليابانى.
لكن منحوتات البيبر ماشيه كان لها دور أهم من التزيين ففي عام 1833 بنى تشارلز فريدريك بيفيلد بيتا كاملا من ألواح الورق عبارة عن فيلا من عشر غرف وفى 1853كتب كتابا عن المباني الجاهزة المتنقلة باستخدام الألواح
وفى 1822 اخترع الطبيب الفرنسى لويس توماس جيروم اوز أول مجسم تشريحي لرجل باستعمال عجائن الورق استلهمه من الدمى المصنوعة من العجينة وعرضه في معهد الطب بباريس وبعدها بخمسة أعوام أنشأ مصنعا كاملا لصناعة نماذج التشريح بعجينة الورق.
ازدهرت العجائن الورقية في الولايات المتحدة منذ عام1874 عندما صدر قانون يسمح للشركات بفرم أوراق البنكنوت المستهلكة وتحويلها لعجينة ورق، استخدمت فى تصنيع تماثيل مصغرة هزلية وتماثيل لأهم الشخصيات والمعالم في الولايات المتحدة.
وحتى سنة 1970 كانت صفحات الجرائد اليومية يصنع لها قالب طباعى باستخدام العجينة الورقية.
خلطة العجينة كانت تختلف من بلد لبلد ومن عصر لعصر حسب تطور الأماكن والاستعمال الذى سيطلب من عجينة الورق المسحوق لكن ظلت الطريقة السهلة الرخيصة خفيفة الوزن طريقة سلسة لإنتاج إبداعات جمالية ونفعية ساهمت فى تقدم وحفظ تاريخ البشرية.




|