|
القاهرة 17 يونيو 2025 الساعة 09:49 ص

شعر: لويز جلوك
ترجمة: عبد السلام إبراهيم
ما الذي تمنحه لك المهرة،
لا أمنحه لك؟
أرقبكُ حينما تكون وحيدًا،
تمتطي صهوة المهرة في الحقول خلف معمل الألبان،
يداك مدفونتان في شعر
عُنق المهرة السوداء.
أفهم ما يكمن وراء صمتك:
احتقار، كراهية لي، من الزواج. ما تزال،
تريدني أن ألمسك؛ تصرخ
كما تصرخ العرائس، لكن حينما أنظر إليك أرى
لا يوجد أطفال في جسدك.
إذن ماذا يوجد هناك؟
لا شيء، أظن. مجرد هرولة
لتقضي نحبك قبل أن أموت.
في حلم، رأيتك تمتطي المهرة
فوق الحقول اليابسة، ومن ثمّ
تترجل: سِرتما معا؛
في العتمة، لم يكن لكما ظِلان.
لكنني شعرت بهما يأتيان نحوي
إذ أنهما في الليل يذهبان إلى أي مكان،
إنهما سيدان لا ريب.
انظر اليّ. تظن أنني لا أفهم؟
ما هو الحيوان
إذا لم يخرج الموت من رحم تلك الحياة؟
أمي خبيرة في شيءٍ واحد:
إرسال من تحبهم إلى العالم الآخر.
الصِغار، الأطفال... هؤلاء،
تهز، تهمس، أو تغني بهدوء. لا يمكن أن أبوح
ماذا فعلت لأبي؛
مهما كانت، أنا متيقنة أنها كانت مُحِقّة.
إنها نفس الشيء، حقيقة، أن تُهيء شخصًا ما
للنوم، للموت. أغنيات المهد... كلهم يقولون
لا تخف، بتلك الطريقة هم يفسرون
نبضات قلب الأم.
لذا ينمو الكائن الحي ببطء وبهدوء؛ إنه فقط
المحتضر ذلك الذي لا يستطيع، هو الذي يرفض
المحتضر مثل القمم، مثل الجيروسكوبات...
يدورون بسرعة شديدة فيبدون أنهم ساكنون.
ثم يحلّقون متباعدين: في ذراعيّ أمي،
أختي كانت سحابة من ذرات، جزيئيات.. ذلك هو الاختلاف.
حينما يكون طفل نائمًا، ما تزال القضية عامة.
جابهت أمي الموت؛ لم تتحدث عن استقامة الروح.
حملت طفلًا، رجلًا مسنًا، وبالمقارنة نمت العتمة
بصلابة حولهم، أخيرا تَغيَّرت الأرض.
الروح ككل الأشياء: لماذا تظل بِكرًا، تظل مخلصة لصنفها الوحيد،
إذ بإمكانها أن تكون حرة؟
تريد أن تعرف كيف أمضي وقتي؟
أمشي في البستان الأمامي، متظاهرةً
بأنني أُزيل العشب، فوق ركبتيّ، أسحب
كُـتل البرسيم من مضاجع الورود: في الحقيقة
كنت أبحث عن الشجاعة، عن دليل
أن حياتي ستتغير، رغم
أنها تستمر أبد الآبدين، تفحص
كل كتلة من أجل ورقة نبات رمزية، وسرعان ما ينتهي الصيف، الآن
تتحول أوراق الأشجار، دائمَا ما تتحول الأشجار
المعتلّة أولًا، والميتة تتحول إلى أصفر زاهٍ، بينما تعزف
مجموعة قليلة من الطيور السوداء موسيقاها
الخاصة بحظر التجوال. تريد أن ترى يديّ؟
خاوية الآن عند أول إنذار.
أم أن المسألة كانت دائمًا
في الاستمرار بلا أثر؟
تحدث إليّ، أيها القلب العليل: أية
مهمة سخيفة تخترعينها لنفسك
تنتحبين في المرآب المظلم
بكيس القمامة الخاص بك: إنها ليست مِهنتك
أن تأخذي القمامة، مِهنتك هي
أن تُفرغي غسالة الأطباق. أنتِ تتفاخرين
ثانية،
بالضبط كما فعلتِ في الطفولة...أين
عنفوانك الرياضي، زُمرتكِ
الساخرة الشهيرة؟ ضوءُ قمر ضئيل
يضرب النافذة المكسورة، ضوءُ قمر صيفي ضئيل،
رقيق
يهمس من جوف الأرض بعذوبته المهيأة
هل تلك هي الطريقة التي تتواصلين
بها مع زوجِك، لا تجيبين
حينما ينادي، أم أن تلك هي الطريقة التي
يتصرف بها القلب حينما يحزن: يريد أن يبقي
وحيدًا مع القمامة؟ لو كنت مكانك
لنظرت إلى الأمام. بعد خمسة عشر عاما،
يمكن أن يكون صوته قد أصابه التعب؛ ذات ليلة
إذا لم تجيبي، فسوف تجيب امرأة أخرى.
شاعرة أمريكية معاصرة (1943 -) حصلت على جائزة نوبل للآداب عام 2020، وقالت اللجنة السويدية المانحة للجائزة في حيثياتها "إن الفوز جاء لصوتها الشعري الفريد الذي يضفي بجماله البسيط طابعًا عالميًا على الوجود الفردي، كما أكدت أن في قصائدها تستمع النفس لما تبقى من أحلامها وأوهامها، ولا يمكن أن يكون هناك من هو أشد منها في مواجهة أوهام الذات" درست جلوك الأدب على يد شعراء أثروا في تجربتها الشعرية مثل ستانلي كونيتز، وحصلت جلوك على جائزة بوليتزر عن مجموعتها "القزحية المتوحشة"، كما حصلت على جائزة ناشونال بوك كريتيك سيركل عن عن ديوان "انتصار أخيل". ومن أهم أعمالها ديوان "أفيرنو"
كان أول إصدار لجلوك كشاعرة عام 1968 بمجموعتها الشعرية "فيرستبورن" (البِكر)، كما نشرت 12 مجموعة شعرية بالإضافة إلى مجلدات حول الشعر. تعمل لويز جلوك استاذة للغة الانجليزية في جامعة بيل بكامبريدج بولاية ماساشوستس.
|