القاهرة 06 مايو 2025 الساعة 10:46 ص

حوار: مصطفى علي عمار
-
لم أهمل العلوم السياسية، تحديدًا الاجتماع السياسي، لكن أعطي الأدب القسط الأكبر من اهتمامي.
-
تناولت القضية الفلسطينية في مقالاتي المتتابعة، وهناك كتاب عنها في الطريق.
-
الذكاء الاصطناعي قد يزيح كتاب مقالات أو دراسات، لكن مبدعي الأدب سيظل لهم مكانهم.
عمار علي حسن كاتب وروائي مصري معاصر، معروف بأعماله الأدبية التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية في مصر والعالم العربي.. ويعكف منذ زمن في منزله متفرغا لقلمه حتى أنه ترك كل الوظائف أو أي سلطة تعرض عليه فلا سلطة ولا مال يستهويه بقدر ما يستهويه القلم والورق..
كتب سيرته الذاتية في كتاب أسماه "مكان وسط الزحام"، كما أنجز ستين كتابًا، نصفها أعمال أدبية عبارة عن روايات ومجموعات قصصية ومسرحية وديواني شعر، وتتوزع كتبه على النقد الثقافي، والاجتماع السياسي، والتصوف، وقد أُعدت حول أعماله الأدبية عشرون أطروحة جامعية، وتُرجمت بعض كتاباته الأدبية والفكرية إلى عدة لغات، ونال عنها جوائز أبرزها: جائزة الدولة للتفوق، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة اتحاد كتاب مصر في الرواية، وجائزة الطيب صالح في القصة القصيرة. وجائزة مؤسسة ساويرس عن كتابه "بصيرة حاضرة طه حسين من ست زوايا".
التقينا بالدكتور عمار علي حسن حاملين له بعض الأسئلة في حوار خاص معه، ليعرف قراؤه في الوطن العربي بعضا من حياته الثقافية والأدبية الحافلة بالجد والاجتهاد.
-
تخصصكم علوم سياسية، فما الذي قادك لطرق درب الأدب؟
كُتاب الأدب في العالم كله متنوعو الخلفيات الدراسية، من بينهم الذين درسوا علومًا بحتة، وكانوا متفوقين فيها، وبعضهم زاوج بين المسارين، وهناك من أخذه الأدب من غيره.
بالنسبة لي لم أهمل العلوم السياسية، تحديدًا الاجتماع السياسي، لكن أعطي الأدب القسط الأكبر من اهتمامي، فرغبتي في أن أكون كاتبًا هي التي دفعتني لدراسة العلوم السياسية، لأعمق معرفتي، وأحفر سياق نصوصي بشكل أعمق.
والأدب كان أول ما كتبت، شعرًا كان أو قصة أو حتى مقال أدبي كنت أقتدي فيه بطريق طه حسين وزكي نجيب محمود وعلي أدهم وسلامة موسى. وأول ما نشرت في حياتي كانت قصة قصيرة، وأول جائزة حصلت عليها كانت في القصة، وأول نقود تدخل جيبي من الكتابة جاء بها الأدب، وكانت هي جائزة جامعة القاهرة في القصة القصيرة وقت أن كنت طالبًا، وكان ذلك عام 1988.
الأدب سابق عندي عن الكتابة السياسية، أو الانشغال بالشأن العام، لكن صوت السياسة أعلى، فيظن البعض أنها سابقة عندي على الأدب، والحقيقة أنه العكس تمامًا.
-
ما التحديات التي واجهتها في مسيرتك الأدبية؟ وكيف واجهتهاا؟
واجهت تحديًا في نشر أعمالي في البداية، وواجهت عبء التفرغ للكتابة، وواجهت الذين يضعون دومًا عراقيل أمامك لأسباب شتى، وهناك ما يرتبط بعلاقة ما أكتب بتدبير ما تعيش به أسرتي لاسيما بعد تفرغي هذا، دون أن أقدم تنازلات في قناعاتي، وواجهت كل هذا بالإخلاص للكتابة، والإصرار فيها، والصبر عليها، مواصلة الإبداع تحت أي ظروف.
-
ما الرسائل التي أردت إيصالها من خلال روايتكم "المطاريد"؟
هذه رحلة شقاء المصريين وصبرهم الطويل، عبر خمسة قرون هي زمن الرواية، مع كل عوامل الطرد والتهميش، بدءًا بفيضان النيل أو جفافه، وانتهاءً بعسف السلطة وطغيانها، وبينهما ظروف العيش القاسي. لكن الرواية صارت، في نظر البعض، أمثولة لعذاب الإنسان عامة مع الحياة، أي خرجت من طبيعتها المحلية إلى ما هو أوسع.
-
هل ترى أن للأدب تأثيرًا في الواقع السياسي والاجتماعي في المنطقة؟ ودليلك؟
الأدب يؤثر بالقطع، لكن بشكل بطيء ومتهمل، لكنه أكثر رسوخًا. الأدب لا يغير المجتمعات بالطريقة التي تفعله القرارات والإجراءات السياسية، والقوانين، وعوامل الإنتاج المادي، والرؤى الدينية الوعظية، لكنه يجعل من يقرأه أكثر فهما لنفسه ومجتمعه والعالم حوله والكون كله، ويساعده هذا على التغير إلى الأفضل في أغلب الأحيان، وتغير المجتمعات يبدأ بتغير الأفراد.
-
القضية الفلسطينية أهم القضايا التي تشغل المواطن العربي، فهل تناولتها في أعمالك الأدبية؟
تناولت القضية الفلسطينية في مقالاتي المتتابعة، وهناك كتاب عنها في الطريق، وكتبت قصة للأطفال قبل ثلاثة وعشرين سنة كان محورها الواقع الفلسطيني، وأول قصة قصيرة كتبتها كانت رمزية عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وهي التي فازت بجائزة جامعة القاهرة. وروايتي "زهر الخريف" التي تدور حول تأثير الحرب على المجتمع المصري، ناوشت القضية الفلسطينية من بعيد.
أما المجتمع الفلسطيني كسياق لعمل روائي أو قصصي فأظن أن أفضل من يكتب عنه هم الذين يعايشونه، ويكابدون فيه، والأفضل أن يكتب الكاتب عما يعرفه، خصوصًا في الأدب.
-
لماذا لم يتم تحويل أي من أعمالك الأدبية إلى الدراما حتى الآن؟ وما الشروط التي تراها ضرورية لتحويل عمل أدبي إلى دراما؟
هناك آفة أصابت صناعة الدراما والسينما لدينا في العقود الأخيرة، وهي عدم الاتكاء على أعمال أدبية. لكن بالنسبة لي أذيعت سهرة إذاعية عن قصة قصيرة لي عن حرب أكتوبر، وأعد فيلم قصير عن قصة أخرى، وكلتاهما من أول مجموعة لي هي "عرب العطيات"، وبلغني أن السيناريست العظيم وحيد حامد كان يعتزم تحويل روايتي "السلفي" إلى فيلم سينمائي، لكن وافته المنية قبل أن يتمم هذا. وأعد سيناريست حلقات عن روايتي "خبيئة العارف" ويسعى لترى النور، وهناك حلقات معدة حاليا نحاول تقديمها عن روايتي "شجرة العابد"، وهناك مخرجة تفكر في تحويل رواية "بيت السناري" إلى مسلسل، لكن كل هذه مشروعات لم تر النور بعد، وأتمنى أن يحدث هذا في قابل السنوات، ولا أنسى ما كتبه الأديب والإعلامي الأستاذ محمد موافي عن أن روايتي الجديدة "المطاريد" التي صدرت في ثلاثة أجزاء عن الدار المصرية اللبنانية، تنادي من يحولها إلى مسلسل.
-
كيف ترى تأثيرات التقنية الحديثة على الثقافة والأدب؟ وما أهم التحديات التي تطرحها؟
الذكاء الاصطناعي قد يزيح كتاب مقالات أو دراسات، لكن مبدعي الأدب سيظل لهم مكانهم، لأن هذه التقنيات لا يمكنها أن تجرف أمامها تجاربنا الذاتية التي نغرف منها ونكتب، ولا الخيال البشري الذي ننهل منه، ولا تأملاتنا للحياة. ومن سيعتمد لاحقًا، ولو جزئيًا، على الذكاء الاصطناعي في كتابة قصة أو رواية أو سيناريو لن يحصل على عمل أصيل في كل الأحوال.
-
عمار علي حسن قلم مؤثر جدا في المجتمع، فكيف ترى تأثير تجربتك في الكتابة على المجتمع المصري والعربي؟
لا يمكنني قياس ذلك على نحو دقيق، لكن ربما ما أتلقاه من ردود أفعال على ما أكتب سواء في الأدب أو السياسة أو الاجتماع أو التصوف يجلعني مطمئنا إلى أنني لا أحرث في بحر، لمست هذا وقت أن كنا نجوب القرى قبل ثورة يناير وبعدها، ونلتقي آلاف الناس.
وكم أسعدني هؤلاء الذين استوقفوني كثيرًا في الشارع ليناقشوني في شيء كتبته. وكم أسعدتني رسالتين تلقيتهما على "فيسبوك" في يوم واحد، الأولى من طنجة في المغرب، والثانية من صلالة في سلطنة عمان، كلتاهما كانتا من شابين أخبراني بأنهما يقرآن الآن روايتي "شجرة العابد".
وذات يوم أبلغني رجل أنه وجد ركاب عربة قطار قادمة من الصعيد يتخطفون صفحة من جريدة "الأهرام"، كان هو أحدهم، حوت قصص من كتابي "حكايات الحب الأول".
هناك أيضا الدراسات والأطروحات الجامعية داخل مصر وخارجها عن أعمالي الأدبية، وتدريس بعضها لطلاب مرحلة البكالوريوس، أو إعداد طلاب بهذه المرحلة في أقسام لغات مختلفة لكليات الآداب واللغات دراسات عن أعمالي.
في العموم أنا ممن يؤمنون بأن الكاتب يجب أن يأخذ بيد الناس، في تعميق وعيهم، وتعزيز شعورهم بالجمال، وتبصيرهم إلى الأفضل دومًا.
-
ما هي مشاريعك القادمة؟ وما هي أهم الأعمال التي تستعد لإصدارها؟
هناك كتاب قمت فيه بتشريح المجتمع المصري حاليًا، سيصدر قريبًا، إن شاء الله، بعنوان "أبواب الأذى.. دفتر أحوال أهل مصر"، ويوجد عمل أدبي عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة، وآخر عبارة عن نصوص عن حكايات شعبية مصرية، وهناك رواية نشرت مسلسلة في صحيفة "المصري اليوم" قبل سنوات، وآن وقت صدورها في كتاب. وانتهيت من الكتاب الثالث في سلسلة سياسية أولها "الخيال السياسي"، وثانيها "المجاز السياسي"، أما ثالثها الذي سأدفع به إلى النشر فهو "الفراغ السياسي".
|