القاهرة 15 ابريل 2025 الساعة 12:44 م

كتبت: نهاد إسماعيل المدني
في بداية التسعينيات، حين كانت القاهرة تعيد رسم علاقتها بالفنون الدولية المتخصصة، انطلقت أولى دورات ترينالي مصر الدولي للطبعة الفنية عام 1993، كمنصة مكرّسة لفن الحفر والطباعة، لا باعتباره فنًا تطبيقيًا، بل بوصفه وسيطًا بصريًا قائمًا بذاته، يحمل لغته، وتاريخه، ووعيه الخاص.
الدورة الأولى جمعت 421 فنانًا من 73 دولة، لتفتح مجالًا لحوار طباعي عابر للحدود، اتسع في الدورات اللاحقة ليشمل مدارس وتجارب من أربع جهات الأرض.
في كل دورة، كان الترينالي يرسّخ مكانته كمحفل لا يستعرض الأعمال فقط، بل يعيد طرح الأسئلة حول جدوى الطباعة في زمن التحول البصري، ويُعيد النظر في علاقتنا بالسطح والخامة والأثر. توالى التراكم، واتسعت المشاركات، واحتلت الطباعة مساحة صلبة داخل المشهد الفني المصري والدولي.
ثم جاء التوقف. منذ الدورة الخامسة عام 2006، دخل الترينالي في غياب دام تسعة عشر عامًا، ظل خلالها حاضرًا كأثر، وغائبًا كحدث. حتى أُعيد فتح الملف من جديد، لا لاستكمال ما انقطع، بل لاستئناف ما لم يكتمل.
يعود ترينالي مصر الدولي للطبعة الفنية في دورته السادسة، التي تُفتتح في تمام الخامسة مساءً يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025، بقصر الفنون في ساحة دار الأوبرا المصرية، ليعيد التأكيد على دور مصر المحوري في رسم خرائط الفن البصري عربياً ودولياً.
أكثر من 200 فنان من 33 دولة يشاركون بما يفوق 350 عملًا فنيًا، تتنوع في رؤاها وأدواتها، وتعكس التحولات الراهنة في الخطاب الطباعي عالميًا.
ليست هذه الدورة مجرد عودة، بل إعادة تموضع. استعادة لمكان كانت القاهرة جديرة به، وإشارة بأن فن الطباعة، رغم كل التغيرات، لا يزال قادرًا على الصياغة، والمواجهة، والاقتراح. هذا الترينالي لا يكتفي بالاحتفال بالماضي، بل يُعيد ربط الحاضر بخط ممتد، يُبقي أثر الصورة حاضرًا، ومفتوحًا على احتمالات لا تنفد.
|