القاهرة 13 مارس 2025 الساعة 03:39 م

كتبت: إيمان السباعي
في كتابه "فنانون وشهداء وأنشودة الحجر" الصادر عن هيئة الكتاب، يقول الناقد عز الدين نجيب عن النحات محمود مختار: "هو أول نحات مصري يظهر بعد ألفي عام على اندثار الحضارة المصرية القديمة".
تمر علينا ذكرى النحات العظيم محمود مختار في 28 مارس، لكن ماذا يعرف الناس عن محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر وما وراءه من حكاية تُعتبر أسطورة هذا الشعب العظيم الذي تبرّع فقراؤه قبل أغنيائه لإنشاء التمثال؟
إن هذا السؤال ظل يشغل القائمين على إدارة التدريب والمشروعات للفنون البصرية بقطاع الفنون التشكيلية، في أثناء تجوالي في الحديقة الثقافية بالسيدة زينب في ليلة من لياليها الفنية بشهر رمضان الفضيل التي تجذب جماهير الحي العريق وجماهير الثقافة والفنون التقيت بالفنان التشكيلي محمود محمد الفاضل وفي يده إحدى العرائس يتحلق حوله الأطفال والكبار، أردت التعرف عن قرب على العروسة وصانعها..
وبسؤاله عنها أجاب محمود الفاضل أنها "عروسة "محمود مختار" ، وأقدم معها عرضًا بسيطًا لتعريف الأطفال بهذا الفنان الفذ وبمسيرته الفنية وأجعهلم يقتربون منه أكثر"، الفنان محمود الفاضل هو فنان تشكيلي شامل عمل بالهيئة العامة لقصور الثقافة وانتُدب للعمل بقطاع الفنون التشكيلية ويمارس فن العرائس بأنواعها الماريونيت والقفاز وخيال الظل، ويشارك في عديدٍ من الورش الفنية التابعة لإدارة التدريب والمشروعات للفنون البصرية وقال الفاضل: "أتمنى أن تجذب هذه العروض البسيطة في ليالي الحديقة الثقافية برمضان الأطفال والكبار للانضمام إلى الورش التي يقيمها قطاع الفنون للحفاظ على فن العرائس بتعليم أكبر عدد من الموهوبين".
محمود مختار هو أول فنان مصري يفوز بالجائزة الذهبية عن تمثال نهضة مصر(المشروع المصغر لنهضة مصر) بصالون باريس 1920، متفوقً على مئات الفرنسيين والدوليين وعمره 29 عاما.
وعنه كتب الفنان عز الدين نجيب أنه "أول فنان يجسد الروح المصرية بامتدادها الحضاري ويبعثها من رقادها مستلهما في ذلك جماليات وعظمة النحت المصري القديم، دون أن ينعزل عن جماليات الفن الحديث في أوروبا، بل يقدم في تماثيله صيغة جديدة تجمع بين التراث والمعاصرة".
وعن بدايات المسيرة الفنية لمحمود مختار يقول نجيب: "كان مختار هو الطالب رقم واحد الذي تقدم للالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة بالقاهرة لدى إنشائها كأول مدرسة في الشرق في هذا المجال، وكان أيضا الخريج رقم واحد منها في 1911، حيث كان ترتيبه الأول على دفعته، كذلك كان أول نحات عربي ومصري يبعث لدراسة الفن في أوروبا في العام نفسه على الأمير يوسف كمال منشئ المدرسة وراعيها، وهناك في باريس وجد الاهتمام والحفاوة من الأوساط الفنية، مما شجعه على الإقامة بها بعد انتهاء دراسته".
عظمة تمثال نهضة مصر يبرزها النضال خلف إقامته ويرصد ماهر حسن في كتابة واقعة الاكتتاب الشعبي لإقامة تمثال «نهضة مصر»، الذي قدم محمود مختار نموذجاً صغيراً له في البداية إلى معرض الفنون الجميلة في باريس وفاز بالجائزة الذهبية، وعندما زار سعد باشا زغلول باريس مع رفاقه من الوفد زاروا المعرض وشاهدوا التمثال، فكتب سعد زغلول إلى مختار يثني على التمثال، لتتبلور بعدها فكرة إقامة التمثال في أحد ميادين القاهرة، وقتها قامت الجرائد المصرية بحملة ترويج لإقامة التمثال للأهمية الرمزية والملمح الوطني في هذا العمل الفني، حيث لقي ترحيباً من الأوساط السياسية والحزبية والاجتماعية بالأمر، وسارع أفراد الشعب، أغنياؤه وفقراؤه، للاكتتاب، وتحول تنفيذ وإقامة هذا التمثال إلى مهمة مقدسة، وهي المهمة التي كللت بالنجاح في العام 1928، وتكلف التمثال وقتها حوالى6500 جنيها، وكان الجنيه وقتها يساوي ثمانية جرامات ذهب! وكان انتهى مختار من التمثال - الذى نحته من أحجار الجرانيت بعد إحضارها خصيصا من أسوان- في 1927 ومع ذلك لم يزح عنه الستار إلا بعد عام، في ميدان باب الحديد في 1928، قبل أن يتم نقله إلى ميدان جامعة القاهرة في عام 1955.


|