القاهرة 06 مارس 2025 الساعة 05:00 م

كتبت: إيمان السباعي
رباب كساب: الرواية هي الأقرب إلي وكتبت قصتي الأولى في لجنة الامتحان!
صفاء النجار: الكتاب في الخمسينيات والستينيات لمعوا ووصلوا إلى الناس لأنهم كانوا يتحدثون ويكتبون عن أنفسهم وتجربتهم في الحياة.
رشا عبد المنعم: أهرب إلى الخيال لكني أحب استلهام أحداث واقعية.
ضحى عاصي: هذا الصالون مبادرة هدفها عودة المبدع إلى الصدارة وإضافة الزخم للحياة الثقافية.
أقيمت أمس الأربعاء أولى فعاليات صالون إبداع المرأة المصرية الذي دشنته الكاتبة والنائبة بمجلس النواب والباحثة في التراث ضحى عاصي باستضافة الكاتبات رباب كساب ورشا عبد المنعم وصفاء النجار، بقاعة خالد محيي الدين بحزب التجمع، بحضور مميز لكتّاب ونقاد وقراء وفنانين داعمين لتدشين المنتدى الذي يعتبر صوتا جديدا يُمنح للمبدعات للتعبير عن تجاربهن ومشكلاتهن.
قدم الكاتبات شهادات حول تجربتهن عن الكتابة والحياة، وبدأت رباب كساب الحديث عما تلاقيه منذ تفجرت داخلها شرارة الكتابة وهي تقيم في مدينة صغيرة حيث يصطدم الطموح بالسخرية والتنمر في المدرسة وحتى في العمل وهي واجهت كل ذلك بتمسكها بهذه الموهبة والبحث والقراءة والدأب أما عن قصتها القصيرة الأولى فتروي لنا بداية طريفة لتاريخها الإبداعي بدأت في أثناء امتحان آخر العام للمرحلة الإعدادية وكان هناك سؤال إنشائي معتاد في مادة اللغة العربية: اكتب تهنئة لرئيس الأمم المتحدة أو اكتب قصة قصيرة، وبعد أن اختارت مثل باقي الطلاب والطالبات كتابة التهنئة وجدت أن وقت انتهاء الامتحان لن يحين قبل ساعة فقررت أن تكتب قصتها القصيرة الأولى. "ولم أتوقف عن الكتابة بعدها أبدا" تقول رباب.
وعن المرأة في أعمالها ترى رباب أهمية كبرى لكون النساء شخصيات رواياتها وهن دائمًا موجودات على أغلفة رواياتها فالمرأة كما تؤمن تعكس قضاياها ومشكلاتها المجتمع ككل وتعبر عنه بكل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعن الكتابة قالت رباب: أنا أنتمي للرواية وأخلق عالمها وشخصياتها لا أستند إلى واقع وشخصيات حقيقية ولا أهتم بالزمن فقد أكتب الرواية في سنوات لذا أحزن عندما تنتهي الرواية وأفارق عالمها وشخوصها.
أما عن أعمالها الروائية فروت رباب لجمهور الحاضرين ظروف كتابة رواياتها وكيف تولدت أفكار بعض تلك الرواية منذ الإصدار الأول "قفص اسمه أنا" الذي بنت فيه عالما روائيا كبيرا جدا مرورا بروايتها الثانية "مسرودة"، ومسرودة هو اسم إحدى الأكلات التي يتطلب إعدادها مجهودا كبيرا كما وضحت لذا ذكّرتها بمجهود بطلة الرواية الفتاة الريفية التي تعرضت لمشكلات كبرى كالمنع من التعليم والختان والزواج رغمًا. أما "الفصول الثلاثة" فهي أكثر الروايات التي أرهقتها في الكتابة لتنوع شخصياتها واختلاف أعمارهم وهي باختصار عن أشخاص يبحثون عن الربيع طول الوقت.. الفصل الغائب في حياتهم.
رواية "على جبل يشكر" دخلت فيها رباب عالم قراءة الفنجان والجن والأساطير، وبدأتها بسبب زيارة لمكان أحبته كثيرا وهو بيت الكريتلية أثناء دراستها للأدب الشعبي وظل هذا البيت وعالمه الغريب في ذهنها سنوات طويلة قضتها في البحث والكتابة.
أما الفنانة والكاتبة المسرحية رشا عبد المنعم فتحدثت عن ميلها إلى الدراما منذ الطفولة وحب تقمصها لشخصيات مختلفة تتماهي معها كأنها تريد أن تهرب من ذاتها إلى ذوات أخرى وهذا ما جعلها تجد ضالتها في خلق شخصيات مسرحياتها التي تبحث دائما عن مساحة ما للتشابه بينهما.
جربت رشا عبد المنعم الكتابة المسرحية بأشكال مختلفة مستلهمة التراث الصوفي والفلكلور الشعبي والأقرب إلى قلبها الكتابة التي تستند إلى أحداث واقعية.
تحدثت عن تجربتها المسرحية قائلة: كل نصوصي قدمت على خشبة المسرح. قدم وأول ما عُرض لي كان إعدادا لأغاني من أشعار فؤاد حداد مع أغاني من الفلكلور، وقدمت أيضا "حكاوي الحرملك" وهو ما جعلني أجرب كتابة الحكاية.
إن رفض أسرتها لاتجاهها إلى المسرح ربما كان حافزها الأول إلى الخيال والهروب إليه لكنها استمرت بتشجيع أساتذتها، هذا التحدي أيضا جعلها تحب أن تعالج حكايات إنسانية بسرد أحداث واقعية أبطالها من الحياة وخصوصا النساء ومنهن استلهمت مسرحيتها التي لا قت نجاحا كبيرا ولا تزال تعرض منذ تقديمها عام 2007 إلى الآن على المسرح "الطريقة المضمونة للتخلص من البقع"، وهي عن واقعة حقيقية لسيدة من الإسكندرية قتلت زوجها وأذابت جثته في محلول البوتاس، تقول رشا: عندما فكرت وجدت تلك السيدة تعاملت مع زوجها الذي أساء إليها كبقعة في حياتها يجب التخلص منها ومن هنا تولدت فكرة كتابة المسرحية.
نصها المسرحي الأخير عالجت فيه قصة رابعة العدوية لكنها كما تقول: جذبتها إلى مساحة أرضية فلم تقسم حياتها إلى نصفين الضياع والضلال ثم الإيمان، بل جعلتها امرأة جربت في الحياة وخاضت الكثير من قصص الحب والشغف والسقوط والغضب والتوق حتى وجدت ملاذا جديدا في تجربة قررت أن تختارها وهي الحب الإلهي.
الإعلامية والكاتبة صفاء النجار عبرت عن سعادتها بهذا المنتدى واعتبرته بداية لتجربة صادقة تقرب الكتاب من القارئ وتعيد للكاتب مكانته ونجوميته التي سلبت منه بسبب العزلة التي فرضها البعض عليه قائلة: إن الكتاب في الخمسينيات والستينيات لمعوا ووصلوا إلى الناس لأنهم كانوا يتحدثون ويكتبون عن أنفسهم وتجربتهم في الحياة والكتابة لم يكونوا مثقلين بموروث آباء من الكتاب.
وضحت صفاء النجار أن الكاتب ينبغي أن يتشابك مع الناس والحياة وهذا يخلق ارتباطا بين النصّ والكاتب وبينه وبين وهكذا عرف الناس اسم نجيب محفوظ ويوسف إدريس لأن هناك حكايات حولهم وعنهم لأنهم لم يقبعوا ساكنين داخل جيتو منغلق فالكتابة ليست فعل كهنوتي بل إنساني ينتمي للحياة.
وعن بداياتها في الكتابة قالت: كنت أتخيل أني سأكون كاتبة لكن أن أنتمي لجنس أدبي معين كالرواية والقصة فلم أكن أتوقعه وبدايتي كانت هنا من هذه القاعة في حزب التجمع الذي لم أكن منتمية إليه في ندوة أستاذة فريدة لذا أنا أعود اليوم وتتمثل في ذهني نقطة مركزية فاليوم بداية جديدة أيضا تسمح بمجال أكثر رحابة للتعبير عن نفسي ككاتبة وإنسانة. أحاول أن أكون فاعلة ومؤثرة في مجتمعي عبر القنوات التي أتحرك خلالها داخل مجتمعي وأومن أن الفن يحمل رسالة بالتأكيد وأفكارا يطرحها وتساؤلات ورؤى، من يقرأ نصوصي سيجد دائما فعل مقاومة وتمرد على سلطة دينية كانت أو سياسية أو أبوية.
وعن تجربتها الإبداعية قالت: الرواية الأولى "استقالة ملك الموت" كنت مهتمة فيها بطرح فكرة الوعي ونموه وتطوره وكيف يغير الإنسان لدرجة قد تغير أقداره.
أما رواية "حسن الختام" ففيها تجريب في الشكل وتمزج بين الخيال العلمي والواقع الاجتماعي وتدور عن تجربة الاستنساخ وكيف يتقبل المجتمع المصري بكل إشكالياته سيدة تحمل طفلة تقول إنها نتاج استنساخ وليست نتاج زواج فترصد الرواية ردود فعل المجتمع المتشبث بالقديم من رفض وإدانة.
وعن "الحور العين تفصص البسلة" بعنوانها الغريب فقالت صفاء: هي فانتازيا ساخرة لتصورات الرجل عن أدوار المرأة إذ تختفي النساء من على الأرض وتنزل الحور العين من السماء فيطالبهم الرجال بالقيام بالدور التقليدي للمرأة من وجهة نظرهم.
مبادرة هذا الصالون دشنتها ضحى عاصي مؤكدةً أن الغاية منها تسليط الضوء على المنجز الإبداعي للمرأة المصرية سواء أكان منجزا روائيا أو شعريا أو مسرحيًّا أو فنيًّا، مشيرة إلى أن التشابك والتفاعل بين تلك العوالم الإبداعية يزيد من الزخم الثقافي والفكري المصري.
ضحى عاصي كاتبة ونائبة بمجلس النواب ومهتمة بدراسة التاريخ وباحثة في التراث الشعبي لها العديد من الإصدارات في مجالات مختلفة من كتب ودراسات ونصوص إبداعية أبرزها "محاكمة مبارك بشهادة السيدة نفيسة" وعالجت فيه التغيرات التي طرأت على المصريين خلال خمسين عاما عبر الرسائل التي يضعها البسطاء في أضرحة الأولياء. ورواية "104القاهرة" ورصدت فيها الحياة الاجتماعية المصرية منذ خمسينيات القرن الماضي، ورواية "غيوم فرنسية" ورواية "سعادة السوبر ماركت".






|